نقاوم الاستيطان وعمالنا يبنون في المستوطنات .. ولا يجدون بديلاً

 

العودة إلى صفحة الرسالة

اكثر من 25 الف عامل توجهوا يوم الخميس للمستوطنات

نقاوم الاستيطان وعمالنا يبنون في المستوطنات .. ولا يجدون بديلاً

عامل : اذا وفروا لي فرصة عمل بديلة ولو بأقل اجر اترك المستوطنة

التعمري : نحتاج لاحصائيات ودراسات وهناك امكانية للاستغناء عن المستوطنات

كتب وسام عفيفة

بينما اعلنت السلطة الفلسطينية والفعاليات الشعبية والوطنية عن يوم الخميس الماضي يوم غضب وتوجه العشرات الى مداخل المستوطنات ومناطق التماس بها .. كانت فئة اخرى من ابناء الشعب الفلسطيني تتوجه الى اماكن عملها ومصدر رزقها في المستوطنات .

سرح” العمال الى عملهم كالمعتاد وقاموا باعمالهم في المستوطنات كباقي، الايام بنوا ، زرعوا ، وعملوا في المصانع .. اكثر من 25 الف عامل من الضفة والقطاع يتوجهون يومياً للعمل في المستوطنات ، وحتى يوم الخميس الذي من المفترض ان يخاصموا مشغليهم ويقاطعونهم فيه “كما يحتاج يوم الغضب” لم يأبهوا به ، وعندما سألت ابو العبد الذي يعمل في مستوطنة “نفيه دقاليم” في جنوب قطاع غزة لماذا لم تمتنع عن العمل يوم الخميس ؟ اجاب : “عندما يعوضني من دعا الى يوم الغضب عن يوميتي التي هي رزق اولادي امتنع ، وكل من يعملون في مؤسسات السلطة الذين لم يتوجهوا الى عملهم لن تخصم يوميتهم واصحاب المرتبات المرتفعة لن تخفض مرتباتهم” .

** الجرافة يقودها فلسطيني

يقول ابو العبد من مدينة خانيونس ويعمل في “نفيه دقاليم” سألني معلمي شمعون يوم الاربعاء : ماذا سيحدث يوم الخميس؟ فأجبت : كما تسمع في الاخبار يوم غضب ضدكم وضد المستوطنات وسأل شمعون : وهل سأستطيع الساعة السادسة غداً ان آتى الى عملي دون مشاكل على الطريق العام؟ واجبت : ستأتي كالمعتاد ولن تواجهك اي مشاكل ، انا متأكد من ذلك ، “لماذا انت متأكد انه لن تكون مشاكل” لانكم يا شمعون تتحكمون بكل شيء أليس كذلك ؟ فأجاب شمعون باسماً : نعم ، واذا حاولنا تعطيل مروركم الى المستوطنة ، فستغلقون كارني وصوفيا وايريز وكل المعابر حينها ستأتي الاوامر العليا بسرعة افتحوا طريق المستوطنين ضحك شمعون  وقال : “انت حاخام ابو العبد” .

وهكذا فإن قصة التصدي ومقاومة الاستيطان من جهة وعمال المستوطنات الفلسطينيين الذين يبنون قصة معقدة فيها التناقض والعجب .

والمثال الذي اسوقه يدلك ايضاً على ذلك ، فعلى حدود مستوطنة غوش قطيف في جنوب القطاع وبينما كانت جرافة اسرائيلية تعمل على تسوية الارض الجديدة التي تمت مصادرتها تصدى بعض المواطنين وقام بعضهم برشق الحجارة نحوها فقفز شاب وصرخ “انا عربي مثلكم” ودار حوار بينهم ، واكد الشاب انه لا يعلم ان الارض مصادرة وانه يعمل كالمعتاد على الجرافة ثم تركها ورفض مواصلة العمل .

وهذا العامل ليس الوحيد الذي يؤدي اعمالاً مجبراً عليها تقوم على التوسع والبناء ، فهذه طبيعة مملة ، واذا لم يعجبه فليترك ، وان ترك اين يذهب واين يعمل ؟

** ان اترك المستوطنة دون بديل

ويؤكد ابو العبد انه يعمل في مستوطنات القطاع من 7-10 آلاف عامل فلسطيني تتوزع اعمالهم في مجال البناء والزراعة والمصانع .

ويقول انا اعمل في “دقاليم” منذ 7 سنوات في مصنع حديد ، تأقلمت في عملي ، ولم احاول حتى عمل تصريح للعمل في اسرائيل لان عملي هنا افضل ولا يحتاج الى سفر .

ولكن ماذا لو طلب من ابوالعبد ان يمتنع عن التوجه للعمل في المستوطنة ؟

سأمتنع -اجاب ابو العبد- وسأتحدى اي قرار بذلك واذهب للعمل ، لانه قبل ان اتوقف عن العمل في المستوطنة يجب ان يوفروا لي عملاً بديلاً ، وانا لا اريد نفس الاجرة فإذا كنت اتقاضى 100 شيكل في المستوطنة يكفيني ان اتقاضى 60 او 50 شيكلاً ، المهم ان اجد عملاً ، هناك مئات العائلات مفتوح باب رزقها من المستوطنات .. والاعمال والمصانع تتوسع وفرص العمل متاحة اكثر ، في “نفيه دقاليم” يتم الآن انشاء مصنع للحديد سيستوعب من 2000 - 3000 عامل عربي .

وللاسف بدلاً من ان تساهم السلطة في توفير فرص العمل تضيق مجالات العمل ، لقد عهد المستثمرون والمشغلون الاسرائيليون الى معلمين فلسطينيين بفتح مصانع خياطة هنا في القطاع ، ولكن بسبب الضرائب الباهظة والتضييق عليها ودخول الملابس المستوردة خسرت المصانع . الاسرائيليون حلوا المشكلة ونقلوا المصانع الى المستوطنات ومنذ عامين وهم يقومون بإنشائها وبدل ان يقوم العامل الفلسطيني بالعمل في القطاع مع الفلسطينيين سينتقل الى العمل في المصنع داخل المستوطنة ، واضاف : على اي حال حتى لو امتنعنا نحن الفلسطينيين عن العمل في المستوطنة ، فهم سيجدون البديل من العمال الاجانب والمشكلةلن تحل .

** اغراءات للعمل في المستوطنة

اما خليل التفكجي الخبير في شئون الاستيطان فيشير الى ان اسرائيل قدمت اغراءات للفلسطينيين منذ فترة طويلة لجعلهم يتركون ارضهم للعمل داخل اسرائيل وفي المستوطنات ، وقال : انها سياسة اسرائيلية مبرمجة تهدف الى تفريغ الفلسطينيين من اراضيهم ، وحسب القانون العثماني اذا لم يعمل صاحب الارض فيها 3 سنوات تسقط ملكيتها عنه وحول المعادلة الصعبة التي تقول مقاومة استيطان من جهة وفلسطينيون يعملون في المستوطنات من جهة اخرى قال التفكجي : ان هذا التناقض هو مجموعة من الترتيبات فهناك 120 الف عامل فلسطيني يعملون في اسرائيل والمستوطنات ، والحل بإيجاد البديل ، ومن ناحية اخرى يجب ان نفرق بين العمل في اسرائيل والعمل في المستوطنات وحسب آخر احصائيات فإن هناك من 12-40 الف عامل يعملون في مستوطنات الضفة الغربية .

وماذا عن توقف عمال المستوطنات عن عمل يوم الغضب ، وعن ذلك يقول التفكجي : حتى لو امتنع العامل يوماً او يومين فهذا لا يكفي والمطلوب ايجاد البديل وبالامكان توجيه الايدي العاملة نحو المناطق الفلسطينية ، الاشكالية الثانية ان اسرائيل تدفع اكثر من 100 شيكل للعامل في المستوطنات في حين يحصل العامل في الضفة على 05 شيكلا ، وهنا تصبح عملية تفضيل لدى العامل ، ولو كانت هناك سياسة واضحة لدى السلطة لامكن التغلب على هذه الاشكالية.

ويرى التفكجي انه في اللحظة التي يتم اعادة انتشار الجيش الاسرائيلي وزيادة الرقعة الفلسطينية يصبح من المفترض كخطوة اولى بناء مدن فلسطينية جديدة ، وبالتالي نستطيع استيعاب عدد كبير من العمال.

والامر الاخر اذا تم ايجاد فرص عمل وبديل لعامل المستوطنات ولم يعمل في المنطقة الفلسطينية عندها يمكن فرض اجراءات عقابية.

ويضيف التفكجي المطلوب: وضع دراسة لتطوير الضفة وغزة من حيث المدن والشوارع والصناعة والزراعة ، وحتى ذلك الحين تبقى المعادلة مفروضة علينا.

**لا توجد احصائيات

من جانبه اكد صلاح التعمري مسئول ملف الاستيطان في السلطة الفلسطينية ان موضوع عمال المستوطنات مهم جدا وسبق ان طرح في المؤتمر الوطني والمجلس التشريعي و القيادة الفلسطينية الاسبوع الماضي، وقال: لكن لابد ان تكون لدينا معلومات واحصائيات جديدة ، حتى لا تكون قراراتنا سطحية وحتى لا نجحف بحق من يبحثون عن لقمة العيش.

واضاف: في هذا المجال علينا ان نميز بين المقاول وعامل البطون والفني والواقع يشير الى ان  هناك عملا للمقاول في المناطق الفلسطينية في ظل حركة البناء والعمران وهناك فرق بين عامل يريد ان يوفر لقمة العيش ، ومقاول يريد ان يثرى وكما هو معلوم فإن الحد الادنى لاجرة العامل في المناطق الفلسطينية 50 شيكلا في حين هو في المستوطنات 100 شيكل يوميا .. الا ان العامل في المستوطنات يعمل اكثر من 8 ساعات ويضيع الكثير من وقته في النقل والسفر واحيانا التفتيش والحواجز ، وقد يتعرض للاعتقال والمخاطرة وعلى هذه فإن 60 شيكلا يتقاضاها في المناطق الفلسطينية ابرك مليون مرة من ضعفها وقال التعمري: انا اتحدث ليس بعيدا عن الواقع ولا اعيش في برج عاجي وكثير من اهلي واقربائي عمال وكما اسلفت فإن هناك حاجة لاحصائيات ليس للاعداد فقط بل للتخصصات في المهن والاجور.

وتابع بالنسبة للمقاولين فهناك جشع ، ومن المحزن، ان يذهب مقاول من نابلس مثلا للعمل في بيت لحم بالمستوطنات ، وتجد العمل الذي تقوم به الجرافات في مناطق الاحتدام وفي اخر مواجهة لنا في قرطاس كانت الجرافة لعربي، وكان الوضع محزنا جدا ومخجلا.

**يمكن ان نستغني عن المستوطنات

واشار التعمري ان الامر لا يتعلق بالعمالة فقط، ولا يعقل ان نغرق اسواقنا بمنتوجات المستوطنات ، والمطلوب بالاساس الوعي لدى المواطنين ، ويجب ان نساند المزارع الفلسطيني الذي يعاني نتيجة الجفاف.

ويرى التعمري ان هناك امكانية للاستغناء عن المستوطنات ويقول: انا كمواطن اذا احتجت لعامل لا اجد ولدى الاخرين نفس الوضع ، فالعمل متوفر وخصوصا في القطاع الخاص بالعمال المهرة وغيرهم.

ويبقى على اتحاد المقاولين متابعة موضوع المقاولين وكذلك وزارة العمل يجب ان يكون لديها احصائيات ووزارة الزراعة ايضا- وعندما اوجدت السلطة وظائف كانت لتقليل البطالة والسلطة لن تعجز عن توفير مجالات العمل في كل محافظة ، ويجب ان لا ننطلق من فرضية "من اين نجد مجالات عمل" .. لان هذا كلام غير علمي.

وبالنسبة ليوم الخميس الماضي اشار التعمري انه كان يوما رمزيا ومسيطرا عليه ومنضبطا والهدف منه رسالة للعالم ولحكومة براك المرتقبة ، والمراقبون لا ينظرون بارتياح له لان الاحتجاجات غير واسعة ولكونها تعبر عن حقيقة موضوعية غير مريحة وهي ان الشعب الفلسطيني فقد ثقته بموضوع الاتفاقيات ، ونحن واثقون من شعبنا الذي لن يتحمل ضياع مزيد من الاراضي او العبث بمصير القدس والمصير الوطني كله.

وانتقد التعمري موقف القوى والاحزاب الوطنية واتهمها بالنفاق في موضوع الارض واعتبر ان بوصلتنا فيها خطأ ، وتساءل اين قواعد القوى والاحزاب من المقاومة وحماية الارض ، واشار ان موضوع الاستيطان والعمالة وكافة القضايا ربما تكون مجالات تتقاسم فيها السلطة على المستوى الرسمي والشعبي.

**اقيمت على اكتاف فلسطينية

يذكر ان عائلات فلسطينية كاملة عملت في المستوطنات رجال وحتى نساء ، ويمكن ان تمر في العديد من المناطق في الضفة والقطاع لترى قطعا من تل ابيب قد اقيمت بين المناطق العربية وعلى طول ساحل قطاع غزة من دير البلح وحتى خان يونس ما يقرب من 11 مستوطنة اقيمت على اكتاف العمال الفلسطينيين ، في افضل المواقع الفلسطينية واكثرها حيوية وجمالا .. ولا يحتاج العامل الفلسطيني سوى التصريح الممغنط ليدخلها ويقول ابو العبد: رغم اننا لا نحصل على حقوقنا كاملة ، الا انه في حالة اصابتي يفتح معلمي التأمين لعلاجي.

وقد اتصلت باتحاد نقابات عمال فلسطين اطلب منهم متابعة امور العمال في المستوطنات لانهم كمثلهم من عمال فلسطين ، الا انهم ردوا بأنهم لا يتعاملون في موضوع عمال المستوطنات او مع المستوطنين.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل