*** حتى يحيد  الجنرال  عن  درب "استاذه"  الجنرال  !!!

العودة إلى صفحة الرسالة

داني  ياتوم ......... هل يكون المنصب  الجديد  للدور القديم  ؟

بوتفليقة .............. نهاية  الكابوس

رئيس وزراء  باكستان ........ عندما  تتغير  عوامل  القرب من امريكا

*** حتى يحيد  الجنرال  عن  درب "استاذه"  الجنرال  !!!

 صالح النعامي

عند يسرد الشاعر الاسرائيلي  مئىر  شليف  انطباعاته   عن زيارته الاولى  للقاهرة  فانه  يرسم  مستقبلا   مأساويا   للدولة  اليهودية  ، ويشعر  من يقرأ  هذه الانطباعات   بمدى  الاحباط  الذي يخيم  على  اشهر  من نظم الشعر  بالعبرية   ....  يقف   شليف  مذهولا  ازاء ما رآه ، ويعترف بالاحساس بالفزع عندما علم ان عدد سكان القاهرة يفوق ثلاثة اضعاف الذين يسكنون دولة إسرائيل .....يتساءل شليف " ماذا  لو امتلكت  الامة  العربية  سلاحا  غير تقليدي  فكيف  ستستطيع  إسرائيل  الصمود  في وجه  هذا  البحر الهائج  من الناس " ،  ويضيف  "من  السخف الافتراض  ان العالم  العربي  يمكن  ان يبقى  للابد محروما  من السلاح  النووي  ، ومن  يعتقد  ذلك فانما يوهم  نفسه  ويضلل غيره ،  ومن  السذاجة  الافتراض  ان جهود  الولايات المتحدة  وإسرائيل  ستنجح  في اعاقة تطوير   العرب  للسلاح  النووي  للابد"  ، ويخلص  شليف  الى القول " ان قادة  اسرائيل  هم  الذين  يجب  ان يؤمنوا  بحاجة  المشروع  الصهيوني  الى السلام  مع العرب  ، وان كل من يقف  عثرة  امام  السلام  مع العرب  فانما  يعمل بشكل مباشر  على  مضاعفة المخاطر  الوجودية  على الدولة  اليهودية " ...  ويحذو المفكر  اليهودي  مئىر  روزنتال حذو  شليف  في التشديد  على  ان  اسرائيل  هي التي  في حاجة  للسلام  وليس  العرب  ، ويرى  روزنتال  ان  الذين  يضعون  المخططات  الاستراتيجية  والنظريات  الامنية  لاسرائيل  يرتكبون  خطأ  جسيما  عندما  يفترضون  ان العرب  سيبقون  الى الابد  على اوضاعهم  الحالية  المزرية " وان دولتنا  ستبقى  تتمتع بكل  اسباب القوة والمنعة  العسكرية ، في هذا العالم المتطور فان انتقال التقنيات العسكرية  المتطورة  الى البلدان  المختلفة  هي مسألة  وقت "...  الا ان  الجنرال  متتياهو  بليد  كان  قد  سبق  هؤلاء  جميعا  عندما  حذر  الحكومات  الإسرائيلية من الاستغراق  في " الايفوريا "  الناجمة   عن  انفراد  الدولة  العبرية  بامتلاك السلاح النووي   في الشرق  الاوسط  ، ويشير  الى  السبب  الحقيقي  وراء  عدم  امتلاك العرب  لهذا السلاح  ، يقول  بيليد " واضح  جدا  ان غياب  ارادة  سياسية  لدى  الانظمة  العربية  الحاكمة  هو الذي  حال دون  وصول  السلاح  النووي  الى ترسانات  الجيوش  العربية  وليس  براعة  امريكا  وإسرائيل  ، ومن الممكن  ان تتغير  هذه  الانظمة  وبالتالي  يأتي من يرغب  حقا  في اقتناء  السلاح  النووي  وسيملكه  بالفعل ، كل هذا   يدعونا  لاستباق  الاحداث  ومصالحة  العرب  ونحن  نملك  الاوراق الرابحة"  .

وعلى  الرغم من دهائه  وحرصه    على  انتقاء  مفرداته  بصورة  "وظيفية"   ، فان شمعون بيريس  قد صرح  اكثر من مرة  في مستهل  تنظيره للـ" الشرق اوسطية " في اوساط  الاسرائيليين  انه من  الكارثة  على الدولة اليهودية  الرهان  على احتكارها للسلاح  النووي ،  مؤكدا  انه  في حال  امتلاك  العرب  لهذا السلاح  فانهم  لن ينتظروا  اتصالات  من اسرائيل  للاتفاق  على اشكال التسوية  السياسية  .

مع كل هذه  الشهادات  ذات  المغزى  فانه  لم يحدث  ابدا  ان  اعلن  زعيم  إسرائيل - يطلع  بمسؤليات  حكومية - ان " السلام  خيار استراتيجي"   لدولة  اليهود  ، وتحرص  جميع  الاحزاب  والحركات السياسية  والاطر  الفكرية  على اسناد  خطاباتها  السياسية  بذرائع  ترتكز  على مصالح  اسرائيل الاستراتيجية  والامنية فقط ،  ويتنافس  " الصقور "  و " الحمائم "   في اشتقاق   مسوغات  ذات  طبيعة   مصلحية  محضة  في تسويق  مواقفهما السياسية  من النزاع  العربي الاسرائيلي  ، على الرغم  من ان الاغلبية  الساحقة  من المفكرين  والاعلاميين  والنخب  المثقفة  في المجتمع  الإسرائيلي  تنتمي  بشكل  تقليدي  لليسار  الا ان  احدا  منهم  لم ينظر  لــ"السلام"   مع العرب  كقيمة  انسانية  بمعزل  عن لغة المصالح ...

والسؤال  الذي يطرح  نفسه  في ظل  هذا  السيل الجارف  من "اعترافات " مفكري إسرائيل   ان الدولة  العبرية  يجب ان تكون  صاحبة  المصلحة  الحقيقية  في السلام  ، وليس العرب  : لماذا  تتشبث  الانظمة  العربية   وضمنها السلطة الفلسطينية  بالشعار  القائل " ان السلام  خيار استراتيجي  عربي " ...  ومن اجل  هذا  "السلام " يتم التضحية   بالحقوق  وتناسي  الخطوط الحمراء  ، واستحالة " الاستراتيجي " الى "تكتيكي "  تخضع  قيمته  للمساومة  .....  بعض  العرب  صحا من السكرة  التي اصابت  الكثيرين  في اعقاب  فوز براك  ، وشرعوا في  التعبير  عن مخاوفهم  من مستقبل  المفاوضات  مع حكومته  العتيدة ،  وبدأوا  يحسون  بحجم  الخطأ  في الرهان  على الفروقات  بين نتنياهو  وبراك ..... لكن   حتى اولئك  الذين  " استيقظوا"  مؤخرا   لم يطرحوا   السؤال  التالي  " لماذا  يستبعد  العرب  واقعا  يكون  فيه  من المستحيل  التوصل  لسلام  مع إسرائيل  ؟"  وتوقُّع هذا السيناريو امر  موضوعي  وعملي  ، فاذا   كنا قد اثبتنا  في السابق  ان السلام  مع براك  يعني التنازل  على الاقل  عن 50%  من الضفة الغربية   فكيف  يمكن  استبعاد  هذا  الاحتمال  ، والاستمرار  في الحديث  عن السلام  كخيار  استراتيجي  للعرب  ....  لماذا  فقدنا  ثقتنا  بأنفسنا  الى هذا  الحد ؟  لماذا  لا نعي  اهمية  اوراق  القوة  الموجودة   لدينا  التي اشار  اليها  كل من  شليف  ورزنتال   وبليد   وبيريس  وغيرهم  الكثير ؟  ....  لماذا  ننطلق من  استنتاج  مفاده  ان  موازين   القوى  ستبقى  الى الابد  لصالح  إسرائيل؟  ... لماذا  يتم  التمهيد  للتنازلات  بخطابات  ذات  طابع  تقنيطي   تيئيسي  واضح  يحرم  الامة  من  الاستفادة  من كل  مصادر  القوة  ويتيح  للاهثين   الولوغ   في مستنقع  الانحدار   الذي  لا يحده  قاع ؟ ... يروي  موشيه  ديان  انه  في اعقاب  حرب  67  كان ينتظر  الى جانب الهاتف  عساه  يتلقى  مكالمة  من طرف  عربي  ليتنازل  عن كل  ما  احتلته اسرائيل  في هذه الحرب  مقابل  موافقة الدول العربية  على تسوية  سياسية  مع الدولة العبرية ...  لكن بعد  ان تبين  للجنرال  حقيقة  الموقف العربي  قال  عبارته  المشهورة  "  ان الاحتفاظ  بشرم الشيخ  افضل  لديه من  السلام  مع كل العرب "  يفتخر  براك بانه  يعتبر  موشيه ديان   مثاله  الاعلى  في التفكير  الامني ....  من هنا  فان من البلاهة  الافتراض  ان يتعاطى   براك  بشكل  افضل  عما  تعاطى  به   استاذه  ديان  قبل ان  يرى  من العرب  عكس  ما رأى  منهم  استاذه  !!!

**"ياتوم" من جديد!!

اختيار زعيم  لنوعية محددة من الناس ليكونوا الطرف الذي يقع عليه تنفيذ السياسات يعكس بالفعل طبيعة هذه السياسات التي ينوي هذا الزعيم تطبيقها ... استنادا لهذا المنطق فإن انتقاء ايهود براك للاشخاص الذين من المنتظر ان يكل اليهم متابعة الجوانب التنفيذية لسياسة الحكومة يجب ان تبعث القلق في العالم العربي ، فكبار الموظفين في مكتب براك سيكونون من كبار الجنرالات المتقاعدين ، وهذا يفترض -كما يقول- اوري افنيري - ان يكون مدعاة لاضفاء مزيد من التطرف على المواقف الاسرائيلية ، وحسب الصحافي افنيري فقد عمد الضباط الاسرائيليون إلى "تلغيم" الاتفاقيات الموقعة مع الاطراف العربية بكل ما يضمن تقييد قضية تنفيذ اسرائيل لالتزاماتها ... لكن الملفت للنظر ان براك اصر على ان يرأس هيئة مكتبه شخص ذو خلفية خاصة...

فقد تم تعيين الجنرال داني ياتوم في هذا المنصب ... وياتوم هو رئيس "الموساد" السابق الذي خطط وأعد وأمر بتنفيذ محاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، وهو الذي خرق سيادة المملكة الاردنية التي وقعت على معاهدة سلام مع اسرائيل وكان من المفترض ان تكون ابعد الدول عن مخططات اسرائيل العدائية على الاقل حسب تصريحات قادة الدولة العبرية. المراقبون العسكريون في اسرائيل يؤكدون ان اختيار براك لداني ياتوم ينبع من التجربة الطويلة التي قضياها في وحدة "سييرت متكال " -اكثر وحدات الجيش الاسرائيلي نخبوية - والتي قاما سوية خلال الخدمة في صفوفها بتنفيذ عدد كبير من عمليات الاغتيال بحق قادة فلسطينيين وعرب ، ويعترف براك ان قدرات ياتوم اثارت انطباعاته منذ زمن بعيد ... فهل هذا يعني ان براك الذي يوصف بأنه اسير الهوس الامني سيتبنى سياسة الاغتيالات بصورة اكبر واوسع ، وهل بامكان المرء ان يتوقع ان يكون العالم العربي ساحة لتنفيذ عدد من محاولات الاغتيال ضد رموز في منظمات تعتبرها اسرائيل من اعداء الصف الاول ... الملفت للنظر ان الاوساط الصحافية الاسرائيلية قد اعتبرت ان تعيين ياتوم في هذا المنصب يمثل استفزازا كبيرا وفظا للاردن لأن ياتوم يتحمل قسطا كبيرا من المسئولية عن محاولة  اغتيال خالد مشعل والمس بسيادة الاردن الوطنية ... لكن اوساط حزب العمل ترد على ذلك قائلة " ان احدا لا يمكنه ان يكون حساسا لقضايا الاردن اكثر من الاردن ، فإذا كانت حكومة الاردن قد تجاهلت هذا الامر فلماذا تصر الصحف الاسرائيلية على فتح هذا الملف؟"

**عهد جديد وأمل

اخبار سارة تلك الآتية من الجزائر ، بشائر عهد جديد عكسها القرار الحكيم والشجاع الذي اتخذه الرئيس عبد العزيز بو تفليقة باعطاء الضوء الاخضر لقطار المصالحة الوطنية الشاملة ووقف جنون الاجرام الذي فاق كل ما يخطر على خيال  المرء من تصورات لفظاعات يمكن ان تحدث وسط الشعب الواحد.

قبول الرئيس بوتفليقة باصدار عفو عام عن اعضاء الجيش الاسلامي للانقاذ - الجناح العسكري لجبهة الانقاذ الاسلامي - مقابل اعلان هذا الجيش عن وقف العمل المسلح ضد قوى الامن الجزائرية هو اهم المتطلبات لبزوغ فجر جديد على الجزائر يضع حدا لهذه الويلات التي يصعب تصديق حدوثها لولا انها تحدث بالفعل ...، قيل الكثير عن عدم قانونية انتخاب الرئيس بو تفليقة ووجه الكثيرون انتقاداتهم لطريقة ونزاهة انتخابات الرئاسة الجزائرية ، لكن على كل اولئك المنتقدين ان "يبلعوا" انتقاداتهم اذا واصل الرئيس بوتفليقة السير في تنفيذ مشروعه العظيم ، ان التاريخ لا يمكن ان ينسى للرئيس الجزائري مساهمته الحاسمة في حال نجاحه في انقاذ الجزائر من مسلسل الدماء الغارقة فيه... لكن هذا التفاؤل الذي بعثته بوادر عهد بوتفليقة الجديد  يحتاج الى عدم المبالغة فيه ، فلا زالت هناك معوقات جسام تعرقل السير في هذا الدرب .. ويصعب تصور ان تسلم بذلك العناصر ذات التأثير الكبير ، والتي كانت مستفيدة من استمرار الوضع القديم ، فالجنرالات من المتوقع ان يعملوا على ضبط الامور لكي لا تخرج عن نطاقها الذي يمس  بمصالحهم .. فالاجدر بالرئيس بوتفليقة ان يعي ذلك جيدا وان يعمل على لجم هذه الرغبات الشاذة مرة وللابد ، فليس سرا ان الجنرالات قد ساهموا في تنظيم تشكيلات شبه رسمية للعمل ضد اهل الجزائر وذلك لإبقاء الوضع القائم ، وهذا ما اكدته منظمات حقوق الانسان الدولية ، فيجب التأكد ان هؤلاء الذين سنوا سياسة "الاستئصال" ضد ابناء شعبهم يجب ان يحال بينهم وبين الاستمرار في هذا الدرب .. في المقابل فإن حربا لا هوادة فيها هي امر طبيعي ضد بعض الضالين الذين يدّعون زورا وبهتانا ان السلام يبيح لهم قتل الابرياء وترويع الآمنين.

**امريكا

بشكل تقليدي كانت حكومات باكستان اقرب للولايات المتحدة من الهند التي كانت حليفا للاتحاد السوفييتي ، من هنا يجب ان يتوقع المرء ان يكون هناك تفهم امركي لمواقف باكستان و سيما وان الواقع يثبت ان امريكا تستطيع ان تصنع كل المبررات لحلفائها ، واسرائيل المثال الاوضح لذلك ، لكن امريكا لا تقف موقف المتفرج ازاء الاعتداءات الهندية على باكستان ،  بل انها تحمّل بشكل او بآخر باكستان المسئولية عما يحدث ..

امريكا التي تملأ الدنيا حديثا في التعبير عن قلقها على سجل حقوق الانسان في العالم تصمت صمت القبور ازاء ممارسات الجيش الهندي في كشمير .. يبدو ان امريكا وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتحول روسيا الى قوة هامشية لم تعد تولي الباكستان الاهمية التي يمنحها اياها  موقعها الاستراتيجي ، فترى دائرة صنع القرار الامريكي اعطاء الهند الضوء الاخضر لتحجيمها . هذا درس لأولئك الذين يعملون وفق العبارة المشهورة :"يجب الركون لموقف امريكا لأنها تملك 99% من اوراق اللعبة السياسية في العالم".

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل