بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

اننا بحاجة الى الحوار

"لسنا في باريس ولا لندن" .. "نحن في بداية الطريق" .. "الجميع يخطيء ولا داعي لرصد العيوب" .. "المصلحة تقتضي ابراز الايجابيات" .. هذه العبارات وغيرها تتصدر غالبا توجيهات المسؤولين في السلطة ونصائحهم للمعارضة بعد ان تكيل لها سيلا من التهم.. وهي بلا شك شمّاعات صنعت خصيصا لتعليق العجز عن بناء مؤسسة ديمقراطية قوية قادرة على كسب ثقة الجماهير وفرض ارادة جماعية متماسكة.

ان الازمة التي برزت في الاونة الاخيرة بين حزب الخلاص من جهة وبين السلطة واجهزة الامن من جهة اخرى تأتي في اطار غياب الحوار والمصارحة والثقة المتبادلة بين السلطة والمعارضة ، الامر الذي يعمق الهوّة ويضاعف الخلافات.
ان من شأن هذا الحوار المستمر والجدّي والقائم على الثقة والاحترام ان يجنب الاطراف نشر عيوب الطرف الاخر على الملأ. ومن شأنه ان يعزز القواسم الوطنية المشتركة ومن شأنه ان يجلو بعض الامور التي تجعل الاخ يعذر اخاه في مواقفه او تصريحاته ، ومن شأنه ان يكرس المفهوم الحقيقي للوحدة الوطنية والممارسة الديمقراطية ومن ثم يقود الى بناء مجتمع حضاري حر.

ليست القضية اذن اننا لا نستحق ما يستحقه الانسان في لندن او باريس ، ولسنا اقل من ان نتحاور ونتفاهم ونتناصح بالاسلوب الحضاري ، ففي تراثنا العربي والاسلامي والفلسطيني الامثلة الكثيرة على هذا النهج الشوري الاخوي. وليست القضية اننا في بداية الطريق فشعبنا الفلسطيني لم يخلق بعد اتفاقية اوسلو وقيام السلطة ، شعبنا ورث استعدادا عاليا للوحدة والتفاهم والبناء ومن الخطأ ان نتهم انفسنا بأننا بدائيون نتحسس من الصفر طريقنا بمعزل عن التجربة الغنية التي ورثناها .. وكانت الانتفاضة خير شاهد عليها، فلقد استطاع الشعب بكل فصائله ان يتحاور ويتجاور ويعمل عملا جماعيا اربك العدو وانتصر عليه! ان القضية تكمن في ارادة قوية مجردة من اية اعتبارات شخصية او فئوية.. ارادة الوحدة والتلاحم ورص الصف ونزع فتيل الخلافات واجتناب التدابر وحسم المسائل بالقوة التي لا تستند الى سند قانوني.

ان هذه الارادة هي التي توجد وبأسرع وقت دستورا مفصلا يحتكم اليه الجميع سلطة ومعارضة وقوي وضعيف وحاكم ومحكوم.

هذه الارادة هي التي تعتمد التراجع عن الخطأ وتعزيز الصواب اسلوبا ولا تنتصر للمنصب او المكانة او الجاه او السلطان .

هذه الارادة هي التي تقوى بالحق وتضعف امام الحق. ان التجربة غير المحبوبة التي مرّ بها حزب الخلاص والتي تمثلت باعتقال اعضاء مكتبه السياسي وعدد اخر من كوادره وعناصره .. ثم الاتهامات التي وجهتها السلطة الى الحزب على خلفية بيان جماهيري اصدره الحزب معبرا عن رأيه في قضية مبدئية كان بالامكان تفاديها بالحوار البناء الذي يقود الى الحق والمصلحة الوطنية المشتركة، حتى لا تتهم السلطة بأنها سلطة قمعية مصادرة للحريات والحقوق.. ثم تدافع عن هذه التهم.. عن نفسها باستخدام القوة من اجل رفض هيبتها ونظل ندور في حلقة الجفاء وعدم الانسجام والاختلاف .

نحن في حاجة الى قضاء مستقل عن السلطة التنفيذية .. قضاء يعمل بمقتضى قانون يرضى عنه الجميع .. قضاء يعطي حكمه بمعزل عن اية اعتبارات سياسية. ومطالبنا هذه ليست اعتداء على السلطة او تحريضا ضدها او اثارة للفتن .. انه حق لنا سلطة وشعبا ولا يمكن ان تستقيم الامور بدون ذلك .. ومن ثمّ فإن محكمة امن الدولة التي ابدينا رفضنا لها لاعتبارات حقوقية وقانونية صرفة. لا تحتكم للمعايير القانونية والدولية العادلة وليس ادل على ذلك من اشتراك عدد من كبار الضباط الذين يعملون في السلطة التنفيذية ضمن قضاتها واحكامها قد تخضع لاعتبارات سياسية او اجتماعية معينة...

ان مواصفات هذه المحكمة واجراءات المحاكمة امامها لا يمكن القبول بها في مجتمع يسعى الى التحرر واشاعة التعددية السياسية والديمقراطية في ظل نظام سياسي يقوم على مبدأ سيادة القانون، حيث يجب ان يتمتع المتهم بمحاكمة كاملة وعادلة وهذا لا يتوافر في محكمة امن الدولة ومن هنا فإننا نؤكد على مطالبتنا بحل هذه المحكمة واعادة النظر في جميع ما صدر عنها من احكام حتى الان. واذا كان ذلك رأينا المبدئي الذي من حقنا الاعتقاد به والتعبير عنه وكسب المؤيدين له فليس استخدام القوة ضدنا هو الذي يعمل على تخلينا عن قناعاتنا او يردم الهوة بيننا وبين السلطة وانما الذي يردمها هو الاستجابة للحق وبارادة قوية وبدون تردد، الامر الذي سيزيد من ثقة المعارضة والشعب بالسلطة ويمتّن الصف الوطني.
اننا بحاجة ماسة الى التخلي عن اسلوب القناعات او كتم الاصوات بالقوة تحت اي ذريعة من الذرائع او شماعة من الشماعات .. اننا بحاجة الى المكاشفة والمصارحة والتناصح والارادة القوية التي تطبق ما نتفق عليه لمصلحة الوطن والشعب. اننا بحاجة الى الحوار .. ثم الحوار ثم الحوار.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل