لافتــــــــــــــات

محسن الافرنجي

العودة إلى صفحة الرسالة

التربية الوقائية

بينما يركز خبراء البيئة على ضرورة المحافظة على مظاهر النظافة والجمال لتجنيب البشر خطر الاصابة بالامراض الناجمة عن التلوث البيئي، يقف المجتمع حائراً مشدوهاً امام مظاهر التلوث القلبي والنفسي والتربوي الذي اصاب جسدنا من سلوكنا وافكارنا وممارساتنا ما نال ...

هل الازمة السياسية والاقتصادية التي نعيشها يمكن ان تكون مبرراً لازمة اخطر وهي الازمة الاخلاقية والتربوية عامة ؟! قد يرى البعض في تلك الازمات المتعاقبة التي نواجهها مخرجاً له للهروب من جحيم السياسة الى اوحال التراجع الاخلاقي والانحدار التربوي ، ولكن الى اي حد ومدى يمكن لهؤلاء التذرع بمبرراتهم الواهية التي تكشف عن نفسية منهزمة وعقلية منغلقة يحسبها الجاهل "متفتحة" بسبب اقترابها من كل المحرمات واختراقها لكافة الخطوط بجميع الوانها الحمراء والخضراء و ...

ماذا دهانا ونحن اولو نكبة وعقيدة وقضية ؟ والى اين تقودنا خطانا التي ضلت سبيلها ؟ وماذا يخططون لافساد شبابنا واخواتنا ؟ وماذا نخطط نحن للحاق بركب التقدم والعري ؟ والى متى سنبقى متآمرين على انفسنا وعلى اغلى ثروة يملكها الانسان ؟

ليس حديثاً من اجل خلق المزيد من الاحباط واليأس خاصة لدى المخلصين والغيورين على مصلحة الوطن وابنائه بقدر ما هو انذار يجب ان يعلو صوته في المجتمع لانقاذ عدة الوطن وهم الشباب من الضياع والانهيار قبل ان نسقط جميعاً في الشراك المنصوبة لنا ونصعد الى الهاوية التي يصورها البعض على انها "قمة" ..

لقد غدت مظاهر التلوث التربوي والفساد الاخلاقي بادية في ابشع حللها على شباب كانوا قبل مدة من الزمن يتصيدون دوريات الاحتلال للنيل منها واصبحوا الآن يتصيدون الفتيات للتغزل بهن واذا حاولت زجره رد عليك معنفاً : "انك معقد وموضة قديمة والايمان في القلب و ...." .

اذا حاولت ان تعد زجاجات الخمر والمسكرات المتناثرة على شواطئ غزة وعند عدد من المفترقات والاحياء سيتكلف ذلك منك وقتاً طويلاً .. اذا امعنت النظر في هيئات العديد من الشبان ستجد الطرائف والعجائب .. ستضحك وستبكي واذا اطلت المسير وامتد الوقت الى يوم السبت ستحزن على مجموعات الشباب الضاربة التي تلاحق دوريات الفتيات من هنا وهناك وخاصة هؤلاء القادمات من فلسطين المحتلة عام 8491م اللواتي زرعن الحسرة والخجل في قلوبنا من اثر الملابس الفاضحة وشبه العارية التي يرتدينها .. وبعدها ستتوجه الى المنزل للراحة فتجد نفسك وابناءك امام ملهى ليلي نهاري وعروض ومهرجانات يطلق عليها البعض "وطنية" لتجميل بشاعتها حتى غدت شعاراً من شعارات المرحلة التي نرفعها دون ان نقرأ معانيها خاصة بعد ان تحولت شعارات السياسة الى مخدر ومسكر لمشاعر المواطنين الذين فروا من جحيمها .. كل ذلك تجده عبر شاشة صغيرة وصحن فضائي جعلنا منه متعة زائفة بدلاً من استغلاله في توجيه وارشاد وتعبئة وتربية الاجيال .

مازحني احد هؤلاء قائلاً : "دعونا الى ان نشمر عن سواعدنا من اجل عيون الوطن فلبينا النداء مسرعين" نعم ، جاءت التلبية على غير ما هو متوقع هذه المرة وبطريقة مستحدثة تجسد مقولة اطلقها البعض لتبرير ما يحدث بالقول : "هناك ازمة قماش" .

واستمر نضالنا دون توقف حتى تكللت جهود بعض المخلصين لـ...بافتتاح كازينو العار والقمار في اريحا ثم اعقبه انجاز آخر بافتتاح مهرجان الازياء والعارضات في رام الله ضمن سلسلة المشروعات الوطنية وتوالت النداءات والاعلانات والصور الفاضحة الملونة حتى اصبحت جزءاً من سياسة الصحف الفلسطينية التي قال احد مسؤوليها لشاب عاتبه على نشرها : "ان الله جميل يحب الجمال ، وانا اوصي زملائي باختيار اجمل الصور" .. انها بضاعة رائجة ولكن لن تدوم رائحتها نتنة ومضمونها عفن ..
نستعرض هذه الصور المؤلمة وقلوبنا تعتصر حزناً خاصة واننا لازلنا على ابواب صيف ستقام فيه مخيمات التطبيع وستنتهك فيه حرمات وستعلن الحرب على القيم والمبادئ والاخلاق .. ولهذا "كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" ، ولهذا سيبقى صوت العلماء امانة ؟ وصوت وزارة الاوقاف امانة ؟ وصوت المربين والمخلصين امانة ؟ وصوت القائمين على المؤسسات التعليمية امانة ؟ وصوت كل من له صوت امانة ؟ ... والا فاللعنة قادمة :

لعنت كل شاعر .. ينام فوق الجمل الندية الوثيرة

وشعبه ينام في المقابر

لعنت كل شاعر .. يستلهم الدمعة خمراً .. والاسى صبابة .. والموت قشعريرة

لعنت كل شاعر .. يغازل الشفاه والاثداء والضفائر

في زمن الكلاب والمخافر ..

................................

ولا يرى فوهة بندقية .. حين يرى الشفاه مستديرة !

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل