بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

بين الانتظار ... والانتصار

خلال سيري في احد شوارع غزة شاهدت يافطة كبيرة (حوالي 9 متر) علقت بمناسبة عقد المجلس المركزي كتبت عليها "يوم 72 ابريل من اجل مزيد من الانتصار" . وكاد بصري ان يخطئ في التفريق بين كلمة "الانتصار" و "الانتظار" .. وظللت طوال الطريق اسأل نفسي : هل يمكن ان يقود الانتظار (بشكله الحالي) الى الانتصار .. ام يقود الى الدمار ؟
فالغريب ... والغريب جداً انه في الوقت الذي تنتظر فيه السلطة الفلسطينية نتائج الانتخابات الاسرائيلية على احر من الجمر فإن "السكينة تسرقها" -على حد قول اخواننا المصريين -حينما يتباهى نتنياهو بأنه "سيقطع دابر السلطة في القدس" وذلك عبر اغلاق مؤسساتها ومنع نشاطاتها ..

والسلطة في ذلك لم تحر جواباً سوى اصدار بيان شجب لكن على ارض الواقع النتيجة واحدة : صمت فلسطيني واغلاق المؤسسات في بيت الشرق الان او غدا . ان هذا السلوك المريب يعني التسليم بالامر الواقع والتسليم بسياسة "التطهير العرقي" الذي يمارسه الصهاينة في القدس، في الوقت الذي لا تزال السلطة تهيء نفسها للدخول في المفاوضات النهائية .

ان منهج الانتظار "الاستراتيجي" وسياسة "النفس الطويل جداً الذي تتبعه السلطة منذ ان وقّعت -او وقعت- في حبائل اوسلو كانت فرصة سانحة للعدو الصهيوني ان يمارس سياسته البشعة من المصادرة والتجريف والهدم وسحب الهويات -وهو مرتاح البال دون ان يلاحقه او يزاحمه احد!! . المضحك المبكي ان احد المبررات "الكبيرة" التي كانت السلطة تسوقها من اجل ترويج اتفاق اوسلو كان على اساس ان الارض تنهب نهباً في عهد الاحتلال وان الاتفاقات السياسية ووجود السلطة سيحد من سرقة الاراضي وتمنع تسربها الى ايدي المستوطنين ، لكن الذي حدث ان وتيرة الاستيطان والهدم قد ارتفعت بأضعاف مضاعفة عما كان عليه في عهد الاحتلال ، وكل ذلك تحت "مظلة السلام" وتمت مبررات "الانتظار" ، وهاهو بيت الشرق يغدو الضحية الجديدة للفهم الاسرائيلي والشراهة الاستيطانية .. وبالطبع الحبل على الجرار الممتد من اقصى جنين شمالاً وحتى اقصى غزة جنوباً . واسرائيل التي "تضرب الحديد وهو ساخن" تدرك بأن السلطة مشغولة حتى اذنيها في مشاغل كثيرة جداً جداً : اعلان الدولة .. انتظار الانتخابات .. انتظار القمة (بعد 6 شهور) .. ثم انتظار البرنامج الحكومي الاسرائيلي ...الخ ، ومن ثم ستكون السلطة "معذورة" اذا ما عجزت عن فعل شيء تجاه الاستيطان واغلاق بيت الشرق ، وستكون اسرائيل سعيدة جداً لان تجد الابواب امامها مفتوحة لكي تغير الخارطة حتى في قلب الضفة الغربية والقدس .

الى متى ستستمر استراتيجية الانتظار الى ان نصحو فلا نجد شبراً من ارض ولا ركناً من منزل ولا شجرة في بيارة ؟ والى متى ستظل الجرافات هي التي ترسم الخارطة للمفاوضات النهائية بعد ان رسمتها في المرحلة الانتقالية ؟ سؤال جدير بالاجابة من السلطة و الشعب على حد سواء مع اختلاف نسبة المسؤولية ؟

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل