بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

" الخدعة المدنية - 2 "

اذكر انني قبل خمسة او ستة اعداد من "الرسالة" كتبت مقالي هذا تحت عنوان "الخدعة المدنية" كنت فيه على قناعة تامة بأن قانون "الخدمة المدنية" لن يأخذ نصيبه من التطبيق ، لان الفوضى وعدم الانضباط لازالت السمة الاكبر في عمل الوزارات اذ ان التعيينات والترقيات تصرف بدون رقابة ، كما ان قنوات الصرف في وزارة المالية لازالت "غير محكمة" تتسرب منها الاموال بناء على "توقيعات" او "توصيات" ، ولهذا فإنها -اي المالية- كانت قد وضعت العربة امام الحصان من قبل وساقت اعذاراً كثيرة مثل عدم توفر الاموال اللازمة وعدم الانتهاء من اعادة هيكلية الوزارات .. وجاءت النتيجة بعكس ما فرح الموظفون "الغلابا" اول الامر وحسبوها غمة وزالت لكنهم فوجئوا بأن ما يأخذونه باليمين "يسحب "منهم بالشمال ، بل اسوأ من ذلك اذ "خسفت" درجاتهم بحيث ساوت بين موظف قضى عشرين او ثلاثين سنة من عمره في العمل وبين موظف جديد ..

اننا امام قانون يمس حياة وعيشة اكبر قطاع من الشعب الفلسطيني ، ومن ثم اذا كان هذا القانون "يُخرق" عمداً فما بالك بالقوانين الاخرى التي شبعت لطماً ونوحاً من كثرة ما تم اهانتها والنيل منها ،العجيب عندنا ان لا احد يعترف بأنه يخترق القانون بل ويلصق التهمة بطرف آخر الى اخر ، حتى لا تعرف من اين جاءت "الفتنة" ويبقى المواطن حيران بائساً ضحية لاكثر من طرف ان يتلاعب بقوت يومه .

ان قانون الخدمة الذي ولد "قسراً" بعد اضرابات المعلمين ، وجاء ترضية وتسكيناً للنفوس المتعبة المظلومة ، لم يكن ليدب على الارض وهو بلا قدمين ، ومن يدعي بأن القانون لم يطبق لانه لا توجد اموال فهو مخطئ كل الخطأ ، لان خزائن السلطة لم تنضب والملايين التي لا زالت تتدفق من احتكار البترول والتبغ والاسمنت وغيرها بامكانها -وحدها- ان تسد العجز "الموهوم" الذي لا تعرف ما هويته ومن المسؤول عنه ، وهل هو صحيح فعلاً ام انه "حيلة" لايهام العامة بقلة الاموال ؟.

اعتقد انه من حق كل مواطن ان يدافع عن حقه بكل السبل المتاحة ، ومن العيب ان يصمت البعض خوفاً على مصالحه الخاصة او رتبته او مكانته الوظيفية ، هنا تبرز الحاجة الى عمل منظم من كل المؤسسات والنقابات واعضاء التشريعي لكي "يجبروا" السلطة على الاعتراف بحقوق الموظفين وكف يدها عن ان تمتد اليهم ، وهنا يجب ان نتذكر انه لا تضيع حقوق وراءها مطالب ، وان الصمت والتخاذل والرضى بالوعود و"الجلسات الرسمية" هي اكبر سبب ليس لاضاعة الحقوق فقط بل "لاكل" مزيد منها على "عين الناس" .

ان هناك فئة متخمة مستفيدة من هذا الواقع ، لا تعاني من فقر او بطالة ، ومن ثم لا يعنيها ان جاع هؤلاء الموظفون او شبعوا المهم ان تظل جيوبهم منتفخة واوضاعهم مستقرة ، وهذه الكارثة التي يشعر بها ابناء الشعب الفلسطيني وهي ظهور "الطبقية" الواضحة التي افرزت ما بين موظف مسحوق ومسؤولين مترفين ، وهذه اشكالية اجتماعية خطيرة ما دخلت مجتمعاً الا حولته الى مجتمع وساوس ورشاوى وواسطة وعدم ثقة ، وهذا يؤدي بالتالي الى ان يفقد المجتمع كل اسس التقدم والتحضر ويبقى حبيس قرار هنا او هناك او مزاج هنا او هناك ...

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل