تطبيق "الخدمة المدنية" يصيب الموظفين بصدمة

 

العودة إلى صفحة الرسالة

خدعونا واعادوا درجاتنا الى الوراء

تطبيق " الخدمة المدنية " يصيب الموظفين بصدمة

موظف في " التعليم " : اعادوني درجة سادسة بعد ان عملت 51 سنة

تقرير / وسام عفيفة

عاد قانون الخدمة المدنية ليكون موضع اختبار بعد تطبيقه بشهرين فقط ... واثار زوبعة على مختلف المستويات بين الموظفين الذين اعتبروا ان القانون احجف بحقهم وتراشقت المؤسسات المختلفة في مؤسسات السلطة الاتهامات حول التقصير في التنفيذ اوالقصور في القانون وشكلت لجنة رئاسية لمراجعة تطبيق القانون بعد الاضرابات والاحتجاجات من بعض شرائح الموظفين في ظل هذا الواقع .

يطرح الشارع العديد من التساؤلات حول المصداقية في تنفيذ القانون ، وهل كان مجرد " ابرة بنج" نتيجة الواقع السياسي والاقتصادي المتردي ... ثم هل السلطة قادرة على تنفيذ الشق المالي بشكل مستمر دون تراجع ؟ وهل هناك نية للالتزام بالشق الاداري في ظل الهيكليات الوزارية المهلهلة .. والسؤال الاخير الذي يطرح نفسه بعد تشكيل لجنة المراجعة الرئاسية هل سيتواصل العمل بالقانون ام انه سوف يركن على الرف بعد تجربة الشهرين لانه لا يمكن الالتزام بقانون في ظل فساد اداري ومصالح فئوية وشخصية لم يتنازل عنها اي طرف .. وبين هذه التساؤلات والبحث عن الاجابات تناقش الرسالة تطبيق القانون .

** القانون : ولادة قيصرية

من المعلوم ان الرئىس عرفات صادق على قانون الخدمة المدنية على ان يطبق في تموز الماضي وانتظر الاف الموظفين تطبيقه على احر من الجمر خصوصا بعد ا لوعود الكثيرة التي سموعها وهي ان رواتبهم ستزداد على الاقل 50% ولكن مر شهر ولم يطبق القانون في ظل التصريحات التي يطلقها وزير المالية بان هناك عجزا دائما في موازنة السلطة مما يعني صعوبة تطبيق القانون وهكذا كان العجز في ميزانية السلطة العقبة الاولى في طريق تطبيق القانون .

اما العقبة الثانية التي ظهرت آثارها واضحة بعد تطبيق القانون هي عدم وجود هيكليات محددة وتوصيف وظيفي محدد مما يجعل سياسة التعيين اقرب الى الفوضى والمصالح الشخصية منها الى الالتزام بنظام معين ، وكان وزير المالية قد اشتكى خلال جلسات المجلس التشريعي من ان معظم التعيينات تتم بشكل مخالف للقانون ودون اعتماد مالي حيث يتم تعيين الموظف ويعطى راتبا تحت بند ( السلف ) ثم تأتي الوزارة لتطالب بمرتب له .

ورغم ان القانون بشقه الاداري قد تناول هذه الموازنة الا انه اصطدم بالواقع الذي فرضته مؤسسات السلطة بعد التسكين الوظيفي المؤقت الذي قلب المعايير التي كانت سائدة رغم انه تم اعداد القانون وسط مطالب ملحة من الموظفين والمسؤولين وتم نشر القانون في الصحافة ونوقش كمشروع بقراءات في المجلس التشريعي ثم جرى اقراره ولم ترتفع اصوات تشير الى الثغرات او النواقص بل ارتفعت الاصوات تطالب بسرعة تطبيقه .

واحدي القضايا التي اثيرت في هذا الاطار هي ظلم القانون للمناضلين مع العلم انه ليس هناك معايير دقيقة لتحديد هؤلاء المناضلين كما انها مقتصرة على فصائل م.ت.ف ، كما ان من المعلوم كيف ان العديد من هؤلاء حصلوا على توقيع الرئىس في التعيينات والترقيات وقد اصطدم كذلك القانون اولا بهذه التعيينات والترقيات التي اثارت تذمر مدراء الدوائر .

** المدراء والقانون

وقد اثير جدل بعد استلام الشيكات الاخيرة (لشهر 12 ) وظهور التسكين الجديد حول سلم الدرجات الوظيفية وشعور بعض الموظفين بالظلم في احتساب سنوات الخدمة او عدم احتسابها كما برز في التسكين الاخير مشكلة مديري الدوائر الذين نفذوا اعتصامات امام مقر ديوان الموظفين وذلك احتجاجا على شطب بند الخدمة النضالية من قيمة الراتب الجديد الذي تسلموه ، واعرب المضربون عن استيائهم الشديد لما طرأ على رواتبهم من انخفاض او تعديل فقط وليس زيادة على حد قولهم وقالوا : ان قانون الخدمة المدنية اثر على رواتبهم بشكل سلبي خاصة بعد الغاء ما كان يخصص لسنوات الخدمة النضالية وذلك حسب الانتماء السياسي والسنوات النضالية والتي كانت تتراوح بين 100 -500 شيكل وطالبوا بضرورة اعادة احتساب سنوات الخدمة النضالية في تسمية الراتب الجديد .

مدراء الدوائر والاقسام اعتبروا ان المواقع والدرجات الوظيفية التي استحقوها كانت بقرار وتعليمات الرئىس عرفات وليس من حق المشرفين على تطبيق القانون المس بها او تغييرها لا سيما ان جميع التعيينات تمت قبل صدور القانون .

كما اثار مدراء الدوائر استثناء فئة المدراء العامين في هذا الاطار والذين تم استثناؤهم من حركة التسكين الوظيفي مشيرين الى ان اغلبية هؤلاء معينون ايضا بقرار رئاسي وتساءلوا اين المنطق في تطبيق التسكين على بعضهم واستثناء البعض الاخر ؟

وقد وجه مدراء الدوائر رسائل الى الرئيس بهذا الخصوص للضغط في اتجاه التراجع عن التعديلات في تسكينهم حيث نشرت انباء عن مكرمة رئاسية باعادة الموظفين الذين فقدوا درجات في التشكيلة الاخيرة الى درجاتهم السابقة .

وفي هذا الاطار اكد د.سعدي الكرنز مقرر اللجنة الوزارية ان المسمى الوظيفي " كالمدير او رئىس قسم ليس حقاً مكتسباً ولم يضمنه القانون وان هذه المراتب تعطى من قبل الجهة المسؤولة عن العمل وما يكفله القانون هو فقط علاوة ادارية عليها .

وكان د. عاطف علاونة قد اشار ان وكيل وزارة المالية قد اشار الى ان التسكين الاخير لكافة الموظفين هو "تسكين مؤقت" وستتم معالجة الحالات وصولاً الى تجاوز كافة الاشكاليات التي رافقت تنفيذ القانون ، ويقدر عدد المديرين بنحو 3 آلاف موظف الا انهم ليسوا جميعاً ممن اعتبروا حالات نضالية .

** اين الخلل ؟ القانون ام التطبيق

وعلى اثر الاحتجاجات والاصوات التي تعالت على آلية تطبيق قانون الخدمة المدنية تبادلت السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية الاتهامات حول سلبيات القانون او تطبيقه ، وقد اكد د. سعدي الكرنز انه لا يوجد اي خطأ في القانون ذاته الذي وصفه بأنه حضاري ومتقدم ولا توجد مقارنة بين السلم الوظيفي الذي تضمنته والسلم السابق

واضاف الكرنز "توقعنا ان ترافق عملية التنفيذ اخطاء ولذلك طلبنا وضع عبارة "تسكين مؤقت" على قسيمة برواتب الموظفين مانحين المجال بذلك لاي موظف يشعر بأنه ظلم للتوجه الى وزارته او ديوان الموظفين" .

وحمّل رئيس المجلس التشريعي احمد قريع مسؤولية ما وصفه "بالخلل في تنفيذ قانون الخدمة المدنية الى مجلس الوزراء باعتباره الجهة المكلفة بتطبيقه ، مشيراً الى ان القانون تم اقراره بعد ان استوفى الشروط اللازمة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتحقيق العدالة بين موظفي السلطة ومحاربة البطالة المقنعة .

وفي تصريح ورد على لسان وزير العدل فريح ابو مدين "اعتبر ان القانون لم يراع الخصوصية الفلسطينية اضافة انه لم ينصف القطاع الاكبر من الموظفين" وان اعضاء المجلس التشريعي عملوا في هذا القانون في ظل ضغوط انتخابية .

واستغرب قريع هذا الانتقاد للقانون من قبل وزير العدل وقال انه عضو في المجلس التشريعي وشارك مع زملائه الاعضاء في اقرار هذا القانون .

ومن جانبه رفض ديوان الموظفين التعليق على التطورات الاخيرة معتبراً ان القانون سار حتى الآن ما دام لم تصل اي تعليمات جديدة من الرئيس عرفات حيث ان الديوان جهة تنفيذية تخضع للمجلس الوزاري وتعليمات الرئيس .

** تذمر واضطرابات واحتجاجات

العديد من الموظفين الذين استلموا قسيمة الراتب للشهر الماضي اصيبوا بصدمة بسبب هبوط درجاتهم الوظيفية نتيجة التسكين الجديد ، واعرب هؤلاء عن تذمرهم الشديد ، حيث قال موظف في التربية والتعليم كيف اصبح درجة سادسة بعدما كنت في الرابعة ولي ما يقرب من 15 سنة اعمل في الوزارة ، لقد تساويت مع موظف عمل عندنا الاسبوع الماضي ومباشرة نزل درجة سادسة لمجرد انه يحمل البكالوريوس وانا احمل الدبلوم .

وكما نفذ مدراء الدوائر والاقسام اضراباً الاسبوع الماضي امام ديوان الموظفين انضم قطاع الاطباء والممرضين الى الاضراب منذ يوم الخميس احتجاجاً على الطريقة التي طبق بها قانون الخدمة المدنية وادت الى خفض رواتبهم لعدم احتسابه سنوات الخدمة . ورفض العاملون في مستشفى الشفاء التوجه الى اماكن عملهم الاحد الماضي ، فيما ناشدهم الدكتور نافذ شلح المدير العام لمستشفى الشفاء بانهاء الاضراب حتى تتم معالجة المشكلة ، واكد انه شخصياً فوجئ بتطبيق القانون على هذه الصورة ، ويقول العاملون في المستشفى ان تطبيق قانون الخدمة المدنية لم يتم بصورة حسنة فقد الغى كل سنوات الخدمة وتعامل مع الموظفين بمزاجية ودون معايير واضحة او اسس سليمة ، وقالوا انهم كانوا يعقتدون بأن القانون في حال تطبيقه سينصفهم ويزيد رواتبهم ولكن حصل العكس .

ويوضح الدكتور معالي سلمي ان التطبيق الغريب للقانون الذي دخل حيز التنفيذ بعد فترة طويلة من الانتظار والمطالبة انزله من الدرجة الثانية في السلم الوظيفي الى الدرجة الرابعة حيث انخفض راتبه بما مقداره 72 شيكلاً ... واضاف سلمي الذي يعمل طبيباً منذ عام 1966 وعمل في السابق رئيس قسم الجراحة في مستشفى ناصر في خانيونس ان راتبه اضحى يعادل راتب طبيب حديث التخرج .

واكد الدكتور معاوية حسنين رئيس قسم الاستقبال في مشفى الشفاء ان الاضراب ما هو سوى احتجاج وسخط من جميع العاملين في الحقل الصحي وعلى رأسهم الاطباء والممرضون وذلك بعد تسلمهم شيكات الرواتب عن شهر كانون اول (ديسمبر) الماضي بناء على تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد. وتابع: ان القانون لا يخدم جميع فئات المجتمع وانما يستفيد منه العاملون في الدرجات الدنيا فقط .

واشار الى ان تطبيق القانون بالصورة الحالية الغى علاوة بدل المهنة للاطباء وبدل العدوى من الامراض الخطيرة وبدل ندرة التخصصات النادرة ، كما قضى على الحوافز .

وطالب حسنين بالعودة الى القوانين السابقة اذا كانت هذه نتيجة قانون الخدمة المدنية ودعا الى دفع بدل غلاء معيشة لم يدفع منذ اربعة اعوام مما اثر على اجور جميع العاملين -حسب تعبيره .

وكان اعلن الاطباء في محافظة جنين اضرابا عن العمل احتجاجيا، كذلك الاطباء في مستشفى طولكرم ومديرية الصحة وفي الخليل انضم مواطنو المحافظة الى الاضراب المفتوح عن العمل الى جانب زملائهم في دوائر الصحة الاخرى.

هذا وقد ناشد الدكتور منذر الشريف وكيل وزارة الصحة العاملين في القطاع الصحي انهاء الاضراب لان الوزارة اعدت كشوفا باسماء الاطباء والصيادلة الذين تضرروا ولم يستفيدوا من تطبيق القانون ورفعته الى اللجنة الوزارية ذات الصلة التي شكلها مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي لهذا الغرض ، واعلن الشريف ان الوزارة انهت اعداد القوائم باسماء الاطباء والعاملين في القطاع الصحي الذين تضرروا بفعل تطبيق قانون الخدمة المدنية.

من جهة اخرى ناشد الاتحاد العام لعمال فلسطين الرئيس عرفات اعادة النظر في قانون الخدمة المدنية بسبب ما لحق بالعاملين في وزارات ومؤسسات السلطة الوطنية ، ودعا الاتحاد في مذكرة وجهها للرئيس اصدار مرسوم رئاسي بانصاف المناضلين كافة الذين عملوا في صفوف الثورة الفلسطينية داخل الوطن او خارجه بحيث يكفل الحفاظ على كرامتهم.

**تعليق قانوني

ويرى القاضي عيسى ابو شرار رئيس محكمة استئناف ضريبة الدخل عدم وجود فارق في السلم الوظيفي المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية والنظام رقم 23 لسنة 1966 الذي كان نافذا في الضفة قبل صدور القانون.

ويضيف ابو شرار " في حين بدأت اللجنة التي شكلت خصيصا لتطبيق الجانب المالي بما اصطلح على تسميته "تسكين الدرجات ، وفقا لاحكام القانون الجديد وبحيث يبدأ الموظف من بداية السلم الوظيفي حسب المؤهل العلمي المقرر لدرجته وذلك بغض النظر عن درجته السابقة على العمل بهذا القانون محتفظين له بحقه المكتسب فيما يختص براتبه وبعض الموظفين تراجع من الدرجة "أ" الى الدرجة السادسة وهي الدرجة المقررة للاجازة الجامعية والتي مدة الدراسة فيها اربع سنوات ، وبهذا يتساوى من مضى على تخرجه ثلاثون عاما قضاها في اكتساب الخبرة في مجال اختصاصه مع من تخرج بالامس.

واشار الى ان اللجنة طبقت القواعد المنصوص عليها في المادة "107" من القانون المتعلقة بقواعد احتساب مدة الخدمة او الخبرة السابقة على موظفي مؤسسات منظمة التحرير وعناصر المقاومة والاسرى المحررين وعلى من كانوا يعملون في الادارة المدنية ولم تعمل اللجنة على احتساب مدة خدمة الموظفين الذين لديهم خبرات في مواقع اخرى لغايات الخبرة.

وتابع ابو شرار ان اجراءات اللجنة مست بالحقوق المكتسبة للموظفين التي لا تتعلق فقط بالراتب بل يتوجب ان يتم الحفاظ له بدرجته لانه حق مكتسب ولا يجوز تعديلها تعديلا ينقص من حق مكتسب للموظف لأن الدرجة تمثل مركزا ادبيا واجتماعيا له.

وقال القاضي ابو شرار بناء على ما تقدم فاننا نجد ان ما قامت به اللجنة من تعديل للمراكز القانونية للموظفين والنيل من حقوقهم المكتسبة والانتقاص منها، اضافة لاجراءات اللجنة فيه اساءة في استعمال السلطة من وجهة نظر المبادئ العامة للقانون الاداري ولا تتفق مع ما استقر عليه فقه القانون الاداري ولا مع ما استقر عليه اجتهاد القضاء الاداري.

**رد المالية

وقال وكيل وزارة المالية د. عاطف علاونة (في لقاء للايام ) نتوجه الى كافة الموظفين بقلب مفتوح وللذين شعروا منهم بأنهم ظلموا من اجل التوجه باعتراضاتهم الى الوزارة التي يعملون لديها او الى وزارة المالية او ديوان الموظفين.. وحول بعض التعديلات على قانون الخدمة المدنية قال علاونة "نحن ديوان الموظفين جهة تنفيذية نقوم بتطبيق ما يقره المجلس الوزاري ، وقد قمنا بالتعديل استنادا لتعليمات صادرة عن المجلس الوزاري الذي توجد لديه مبررات مالية واخرى تتعلق بالهيكل الوظيفي.

وكان قد استبعد علاونة قبل صدور القرار القيادة الفلسطينية تشكيل لجنة لمراجعة سلبيات تطبيق القانون كان مطروحا للنقاش لفترة طويلة من قبل الشارع والمختصين ونوقش كلمة كلمة وحرفا حرفا في المجلس التشريعي.

وبحسب علاونة فان اي قانون يؤدي الى تغييرات يكون له من يعارضه وهو يمس مصالح بعض الفئات ، مشيرا الى ان من حق الفئات المتضررة الدفاع عن حقوقها مثلما يحدث في جميع دول العالم ، وحول مشكلة المدراء اعتبر علاونة "ان فصل الدرجة عن التسمية الوظيفية هو الذي خلق المشكلة وبرأي علاونة "لا يعقل ان يبقى المدير مديرا الى الابد" ، وقال "انت لك الحق بالدرجة والراتب والعلاوة الادارية طالما انت في منصب اداري وليس لك الحق في البقاء في هذا المنصب فربما عين مدير وتبين فيما بعد انه غير كفؤ حيث يزاح من هذا المنصب ، ولكن يبقى محتفظا بدرجته.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل