من شوارع الوطن

بقلم : صلاح البردويل

العودة إلى صفحة الرسالة

 

"كَشْكَل" في الطريق الى الفضاء

- طلّعت الفُطر يا ام القعقاع؟

- طلّعنا و لمّينا يا ابو القعقاع!

سؤال طرحه استاذ اللغة العربية فؤاد المجروح (ابو القعقاع) لزوجته (ام القعقاع) وهو يتفقد ما بقي من فراطة في جيبه وهم لايزالون في منتصف الشهر.. وكان الاستاذ فؤاد قد كبّ قربته في انتظار الزيادة الكبيرة التي طرأت على قبضته بعد قانون الخدمة المدنية .. والتي لم تأت بسبب وأدها في ظروف غامضة ، حيث انكمشت قبضة هذا الشهر.. وعلى وجه العيد لم يعد بمقدوره ان يشتري لاولاده التسعة ما يفرحهم به امام اولاد الجيران ابناء المدير العام "باشا" الذي اشترى لهم من كل ما تشتهي الانفس والاعين.

كان لابد لام القعقاع ان تلّم الزكاة لانهم احق بها من غيرهم والله امر بالستر ، لكن زوجة جارهم الباشا فضحتها بين نسوان الحارة اللواتي جئن يهنئنها بعودة الحق الى نصابه والسيف الى جرابه والدرجة الى مكانها والقبضة الى عليائها بعدما كاد سعادة المدير العام يقع ضحية لحقد القانونيين والاكاديميين والذين لا يقدرون المناضلين ، صحيح انه لا يحمل سوى شهادة الثانوية ، وصحيح لم يطلق في حياته طلقة على اليهود، وصحيح انه لا يؤمن بأية قيمة في الحياة سوى المال ، لكنه اكتسب هذه الدرجة والوظيفة بسبب نضاله.

سعادة المدير العام "كشكل" امضى في سجون الاحتلال سبعة اعوام متفرقات على خلفيات مختلفات ، تارة سجن في صفقة حشيش ، وتارة في سرقة سيارات ومرة ثالثة القى قنبلة حارقة على جيب عسكري اسرائيلي فاحرقت خطأ حصر الجامع الذي كان الجيب يمرّ بجانبه !!. ورغم طولة لسان الحاقدين عليه والمتشككين في نضاله الا انه كان دائما يشرح العلاقة الوثيقة بين الحشيش والوطنية ، وكان يبسط الامر حينما يقول انه كان يهرّب الحشيش فلا يستطيعون الصمود امام الشعب وعندها سيضطرون لمنحه دولة مستقلة ، اما عن تهريب وسرقة السيارات الحديثة فهي في نظره ايضا خدمة وطنية جليلة حيث توفر لضباط الامن والمسئولين القدرة على الحركة الدائمة من اجل الوطن ، وهكذا .. ومن هنا .. وهناك اصبح "كشكل" مديرا عاما.. واصبحت زوجته تتلقى التهاني بمناسبة استعادته لحقوقه النضالية الوطنية وتشمت في زوجة الاستاذ فؤاد ام القعقاع .. خصوصا وانها لم تذهب الى بيتها لتهنئتها مثل باقي نسوان الحارة.

لم تقصد ام القعقاع المقاطعة ولكن شبشبها كان مقطوعا ولم تستطع شراء شبشب جديد وخجلت ان تذهب به وهو على حاله فتفضح نفسها امام الناس.

ـ سمعت ان الدرجات عادت يا ابو القعقاع ..

فتح ابو القعقاع التلفزيون ليستمع الى نشرة الاخبار لعله يسمع ما يفش غلّه ويمكنه من كسوة اولاده وزوجته على العيد .. وكان الخير يهلّ والانجازات الوطنية تتوالى .. راقصة مصر الاولى تفتح قناة فلسطين الفضائية الاولى .. على الهواء مباشرة ، وبحضور جمع غفير من المسئولين والمدراء والشخصيات الوطنية والفنية العربية والمحلية.

ـ الحمد لله.. كل شيء يهون من اجل عيونك يا وطن وطالما اهتز الوسط العربي ، اهتزت المشاعر واقبل الخير .. كل عام وانتم بخير يا اولادي التسعة وياوطن.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل