السفارات الفلسطينية : ازمة مالية خانقة ... ومشكلة تواصل مع السلطة

 

العودة إلى صفحة الرسالة

عباس : بعض السفراء باع اثاث بيته

السفير رباح: تواصل بين السفارات والقيادة الفلسطينية

الفالوجي: انا ضد تقليص السفارات ، بل زيادة عددها

عمر احمد

كنت افكر كثيرا ومنذ وقت طويل بالكتابة حول هذا الموضوع لكثرة ما سمعت من شكاوى وتذمر حول الوضع البائس الذي تعيشه السفارات الفلسطينية في الخارج، وعندما بدأت اجمع المعلومات حول هذا الموضوع فوجئت بمقال "ساخن" لغسان زقطان في صحيفة الايام 31/5/99 عبر فيه عن هموم كبيرة وكثيرة اطلق عليها "باختصار شديد" عشرات السفارات الفلسطينية : بنايات ضخمة وكوادر كثيرة وهموم لا حصر لها في المال والادارة ومردود نكد يجمع على محدوديته والخسارة ، واعتبر زقطان ان كثرة هذه السفارات "اخذنا نحو المبالغة في ابراز مظاهر الدولة ووضعنا امام جيش من الدبلوماسيين ، وضمن تقسيم عمل تحتل الاجهزة الامنية اكثر من نصف التمثيل فيه:

واشار زقطان الى ان سفاراتنا المئة هذه تشكو من الفقر والاهمال وعدم وصول الرواتب والميزانيات وفي احيان كثيرة عدم وصول التعليمات والمعلومات الدقيقة عما يجري هنا، ليتحول بعضها الى سفارات عمياءلذا سنجد بعض المواقف التي لا تنسجم مع الخط السياسي للسلطة ومنظمة التحرير.

نصح زقطان في نهاية مقالته باختصار كل هذا العدد الى مكاتب او سفارات اقليمية من خلال وضع قائمة اولويات تنجم مع التوجه السياسي الفلسطيني في المركز.

يجمع المتحدثون الذين التقيناهم على ان هناك مشاكل كثيرة تعاني منها السفارات الفلسطينية في الخارج ، لكنهم يختلفون في نوعية هذه المشاكل ومدى حجمها . يعتبر النائب عباس زكي الذي يقول انه طاف كثيرا واحتك بالسفارات الفلسطينية عن قرب ان كافة السفارات تعاني مشاكل في غاية التعقيد مثلما تعاني مؤسسات الوطن عندنا ، ويضيف زكي: "كيف يمكن ان نتصور بأن السفارات في الخارج وحتى الجاليات الفلسطينية يمكن ان تنجو من صور المعاناة المتعددة في الوقت الذي تركز فيه الاهتمام والجهد على الارض في فلسطين ، ويشير عباس الى ان اسباب المعاناة تتمثل في حالة الترهل الاداري وغياب المسئولية ، حتى اصبحت المعاناة سمة هذه المرحلة.

اما وزير الاتصالات عماد الفالوجي فيقول انه خلال  سفرياته المتعددة  الى  العديد  من الدول  سمع  كثيرا  من الشكاوى  حول تأخر  المرتبات  ونقص  الكادر  واوضح  بان :   سفاراتنا   في الخارج  تمثل  لنا مكسبا  سياسيا  كبيرا  الاّ ان هناك  حوالي  100  سفارة  لابد   من المحافظة  عليها  وتدعيمها  لانها ستكون  " سفارات  الدولة "   التي ستقام على  ارض فلسطين .

** ما هي  مشاكل  السفارات  ؟

ربما تكون  الازمة الحالية  هي المهيمنة  على سائر  مشاكل  السفارات  حيث ان العديد   من  السفراء  يشتكون  بان  مرتباتهم  تصل  متأخرة  كما ان  باقي  الاحتياجات   اللازمة  لنشاط  السفارة  غير متوفرة  لهذا يقول  يحيى رباح  سفير فلسطين  في اليمن  : بان  المشكلة المالية  قائمة  لان  السفارات  تقوم  باعباء  كبيرة جدا   خاصة  وانها  تخدم  جاليات  كبيرة  العدد  ، واضاف  رباح :  الحقيقة   ان وضع  السفارات  بغض  النظر  من  الشائعات  الكثيرة  تعاني  من  شح مالي  ، كما  ان ا لمخصصات  تتأخر  كثيرا  وباستمرار   ، اما  الاحتياجات   التي تلزم  لعمل السفارة  فهي دون  المطلوب  وتشعر  السفارة  دوما انها  تحت  ضغط الحاجة  ويشير النائب  زكي  الى الازمة  المالية بقوله :  نعم ، هناك  ازمة  مالية  مستفحلة  ، ومن خلال  معرفتي  بوضع السفارات  فان  بعض السفراء  اضطر  لبيع اثاث   بيته  ، وبعضهم  انتظر طويلا  دون  ان يتلقى  شيئا  ، ويقول   زكي: المشكلة  بان السلطة  قد تبعث   سفيرا  الى بلد  ما ويظل  سفيرا  حتى الممات   .  دون  متابعة  او اشراف  صحيح .

انما  مجدي  الخالدي  مدير عام  في وزارة   التخطيط  والتي  تعتبر  الجهة  المسؤولة  عن  السفارات  في الخارج  فيقول  :   بلا شك  هناك  ازمة مالية   قائمة  وليست الان  ، انما  منذ زمن  بعيد  ، والرئيس عرفات  نفسه قال  للوزراء  الذين  يشتكون  من الوضع المالي   بان  بامكانهم  العودة  الى الوطن  .

وفيما  يعتبر النائب زكي  انه : لا توجد  نشاطات  ملموسة  للوزارات  ، يعتبر  السفير  رباح  ان  الازمة المالية   اثرت  الى حد  على نشاط  السفراء ولكننا " اصبح لدينا خبرة في كل الصعاب " كما يقول  ، الا ان الفالوجي يقول بانه  لم يلمس  اي تراجع  في نشاط  السفارات  في العديد  من الدول ويضيف  " ان فعاليات  ونشاطات  السفارات  لا ترتبط  باشكالات  مالية "

***  تقليص

الازمة  المالية  هذه اثارت  سؤالا  لدى  كثيرين :  هل هناك  حاجة  الى هذا العدد  الكبير  من السفارات  ... وهل من الصحيح  تقليصها  الى عدد  معين  بحيث  يتركز نشاطها  ضمن مجموعات  اقليمية  ، النائب زكي  يقول  : " انا مع  القليل  الدائم  خير  من الكثير  المنقطع "  واؤيد  تقليص  السفارات  بحيث  تعمل  ضمن  المجموعات  الدولية  بمعنى اننا  لو وضعنا  بعثة  كبيرة  وقوية  وقادرة  على  ان  تفي  بالغرض  المطلوب  في المجموعة  الاوروبية  او منطقة  الشرق  الاوسط  مثلا  ، فهذا  افضل  بكثير  من  تبعثر السفارات  . السفير  رباح  لا يبدي اعتراضا على  موضوع  التقليص  باعتبار  انه  نظام  دولي  ومأخوذ  به  في  كل الدولة ، فكل  دولة تقوم بفحص  جدوى  لسفاراتها  ،  هناك  من يقلص  عدد سفاراته  وهناك  من يعتمد نظام  السفير  غير المقيم ،  ويضيف :  هذا الامر   يعتبر  على تقديرات  السلطة  الفلسطينية  واعتباراتها  للوضع السياسي  ، اما  الخالدي  فيقول  : انه  لا يؤيد  على  الاطلاق  موضوع  التقليص  لاننا  نسعى  الى  الانتشار  حتى  يكون الاعتراف  اكبر   واشمل  ، كذلك  كان  موقف  الوزير  الفالوجي  الذي قال  :  انا لا  اؤيد  التقليص  الان لنا كادر  في السفارات  كلها  ،  فاذا  اغلقت  السفارة  فسيبقى  هذا الكادر  عاطلا  عن العمل ، واضاف :  المطلوب  هو العكس  اي  فتح  سفارات   اخرى  ، واذا  كان لابد من التقليص   فالاصل  ان يبحث  عن المناطق  التي لا يوجد  لنا فيها  حضور  او تأثير قوي ،  في  المقابل  ترعى وجودنا  في الدول  التي تشعر  انها  مراكز  تأثير  قوي  مثل  واشنطن  والقاهرة  وعمان  ، وقال  : ليس  من المنطق  الحديث  عن اغلاق  سفارات  في الوقت  الذي  نستعد  فيه  لاعلان  الدولة  .

** بين السلطة  والسفارات

تبدو اشكالية  العلاقة  بين  القيادة  الفلسطينية  والسفارات  في الخارج متمثلة ، فضلا  عن الجانب المالي  ، في توحيد  المواقف  السياسية  ، فهناك  من السفراء  من لا  تصله  كافة  التطورات  على صعيد  الوضع السياسي  في الاراضي  الفلسطينية  مما يدفعه  احيانا  "للاجتهاد"   واتخاذ  مواقف  قد تتباين  مع مواقف السلطة  ، من هنا  يقر النائب زكي  بان هناك  مشكلة  صعبة  في مسألة  الاستقبال  والانسجام  بين السفارات   والقيادة الفلسطينية  هنا  ويقول :  يجب ان ندرك  بان  هذه المرحلة  قد  قيدت   صلاحيات  السلطة  في  الاتصال مع سفاراتها  في الخارج بحيث لا يكون ذلك الا  عبر إسرائيل ، والدولة  التي لها  الحق  في الاتصال بشفاراتها هي  صاحبة  السيادة  ، من هنا  يشير زكي  الى  تواري  وضعف  الدور  التعبوي  للسفارات  لان  الدائرة  السياسية  في منظمة  التحرير  ايضا  محاصرة  كما  ان رئيس  الدائرة  فاروق القدومي   ليس  عضوا  في الحكومة  ومن هنا  يظهر  التباين وعدم الانسجام  في المواقف  السياسية  ، لكن  السفير  رباح  ينفي  ذلك بقوله   " هناك  اتصال  دائم  بين السفراء  والقيادة  الفلسطينية  خصوصا  السيد الرئيس  ووزراء  التخطيط  ، ويضعون  السفراء  في صورة  التطورات  كما  ان وزارة  التخطيط  تصدر  نشرة  للسفراء  تسمى  ( الحقيبة )   وتشمل  كافة التطورات  على الصعيد الفلسطيني  غير ان النائب زكي   يعود فيقول  : هناك  غياب   لاليات   العمل  وجهات  الاختصاص  ، كما  ان الرئيس  عرفات  يتحمل   جزءا  كبيرا  في تطوير علاقتنا بالدول الاخرى   اي مثل  سفير  متجول   وذلك  بجهده الشخصي   وبحضوره  ، وهذا  بالطبع  يؤثر على  طبيعة  الدور الفاعل للسفارات  بحيث لا  نستطيع الاستفادة  من الشخصية  الكاريزماتية  للرئيس عرفات   ، اما  السفير رباح   فيعتبر  ان زيارات  الرئيس عرفات   للدول   تعزز  موقف  السفير لانها  تقدم  شروحات  وتفاصيل  حول  الاوضاع  السياسية  ويشير الخالدي   الى ان وزارة   التخطيط  بصدد  القيام  بخطوات  تحسينية  لتطوير  السلك  الدبلوماسي  ، وهناك  خطوات  عملية  على الطريق  لتفعيل  دور السفارات  .

للسلطة  الفلسطينية  ما يقارب  95 سفارة  في مختلف  دول العالم   تتوزع  على النحو التالي   : 27 سفارة  في اوروبا  ، 11 سفارة في  الامريكتين  ،  20 سفارة   في الدول العربية   اضافة  الى الدائرة السياسية   لمنظمة التحرير  في تونس   والتي يرأسها  فاروق القدومي   ، 33  سفارة  في افريقيا  واسيا  ( عدا الدول العربية  )  .

      

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل