نائلة صبري : اول امرأة تفسر القرآن الكريم

 

العودة إلى صفحة الرسالة

27 جزءاً باسلوب سهل .. وعصري

نائلة صبري : اول امرأة تفسر القرآن الكريم

"حثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام اكثر من مرة على تفسير القرآن"

التقتها / اعتدال قنيطة

كتب تفسير القرآن الكريم كتبت جميعها منذ سنوات عديدة ، ولا تعالج مشاكل واقعنا الحالي ولا تواكب التطورات العلمية الهائلة التي حدثت في عصرنا الحاضر ، واصبح القارئ يعاني من وجود فجوة بينه وبينها وصعوبة في تفهم بعض معانيها لاحتوائها على بعض الالفاظ الصعبة والصور البلاغية المركبة .

بهذه الجملة تقدمت الكاتبة نائلة هاشم صبري بحديثها لـ"الرسالة" صاحبة كتاب "المبصر بنور القرآن" والتي استطاعت ان تحقق نجاحاً في خوض مجال كتابة تفسير القرآن الكريم واعدت للطباعة تفسير 27 جزءاً منه ، ولتصبح اول امرأة في العالم الاسلامي تكتب في هذا المجال بعد ما استأثر الكتابة به الرجال وبالرغم من وجود العديد من روايات الحديث من صحابيات وتابعيات .

** ربط القرآن بالواقع

"المبصر بنور القرآن" اسم كتاب تفسير القرآن الكريم الذي اعدته نائلة هاشم صبري وهو يتكون من عشرة اجزاء يحتوي كل جزء على تفسير ثلاثة اجزاء من كتاب الله عز وجل -القرآن الكريم-

اسباب  عديدة دفعتها للكتابة فقد قالت : "ان كتب التفسير معظمها قديمة ولا تشبع رغبة القارئ بربطها بالواقع باعتبار ان القرآن كتاب الله صالح لكل زمان ومكان ، فرغبت ان اساعد هذا الجيل وان اعطي تصوراً لمعاني آيات الله مع ربطها بالواقع وابراز القيم الاجتماعية تبعاً لمجتمعنا الفلسطيني والاسلامي ومعالجة هذه الامور والصعوبات التي تواجهنا وفق كتاب الله عز وجل ، وخاصة انه من خلال متابعتي لواقع الاهالي وجدت ان العديد منهم معرض عن دراسة كتب التفسير القديمة لصعوبة تفهم معانيها واستخدامها للالفاظ اللغوية الصعبة التي يصعب على الانسان العادي فهمها فأحببت ان افوز بأجر تفسيره وتوضيح اسراره مع ربطه بالعلوم الحديثة واثبت ان القرآن قد سبق وتحدث عنها في آياته ، وتوضح الاحكام التي تتناولها كلمات وتفسير الفاظ ، بالاضافة الى انها اقدمت على الكتابة استجابة لرغبة العديد من الذين سبق واستمعوا الى ندوات التفسير التي اعطيتها قبل اقدامي على كتابة "المبصر بنور القرآن".

** رؤية حق

واضافت صبري "ورسول الله صلى الله عليه وسلم حثني اكثر من مرة على كتابة تفسير القرآن وذلك في منامي ، فالمرة الاولى كانت في ليلة القدر ومع بداية شروعي الكتابة في كتاب المبصر ، وبعد ان استخرت الله سبحانه وتعالى ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضن كتاب المبصر وينظر الى وهو راض ومنشرح ، والمرة الثانية كانت في المدينة المنورة وفي المسجد النبوي وعلى بعد خطوات من الروضة وبعد ما انتهيت من قسط كبير من الصلاة والتهجد رأيته صلى الله عليه وسلم في منامي في نفس الصورة التي رأيته بها في الرؤيا الاولى ، والمتفق عليه ان رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام حق لقوله : "من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي " فعزمت الامر على مواصلة كتابة التفسير بل وطباعة كتاب المبصر بنفس الهيئة التي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمله وبنفس اللون تقريباً . وقد تم طباعة اربعة اجزاء من الكتاب .

** نهج المبصر

وحول الطريقة التي اعتمدتها صبري في طريقة كتابة المبصر قالت : بدأت بتفسير سور القرآن الكريم وفق ترتيبها وانهيت منذ عام 1982 الى وقتنا الحالي تفسير الجزء السادس والعشرين (سورة الذاريات) بالاضافة الى تفسير جزء عم بناء على رغبة العديد من المهتمين وذلك لسلاسة وسهولة اسلوب التفسير الذي اتبعته ورغبتهم في تعليم تفسير هذا الجزء وفق تفسيري الى طالبات المدارس وغيرهن ، اما النهج الذي اتبعته فإن اذكر مجموعة من الآيات الكريمة وتفسير معاني كلماتها ، وسبب نزولها ثم تفسير كل آية على حدة ، وذلك بعدة طرق :

اولاً  : عن طريق تفسير القرآن بالقرآن ، فالمعروف ان بعض آيات القرآن جاءت مفصلة لمجمل بعضها ، ثانياً تفسير القرآن بالسنة واقوال الصحابة فإذا لم اجد ما يفسرها  في ذلك توجهت الى اقوال التابعين وذكرت آراء العلماء في تفسير هذه الآية ، ثم اتفحص واقع المسلمين واربطه بمجمل تفسير الآية ثم اعود استخلص الاحكام والعبر منها .

ثم اضافت صبري : "ولا شك انه في البداية واجهتني العديد من الصعوبات وهي طريقة ربط تفسير الآيات بواقعنا الاجتماعي وخاصة في بعض الآيات المطولة المدنية الزاخرة بالمعاني والاحكام مثل العديد من آيات سورة البقرة وآل  عمران ... الخ . مما كان يتطلب مني جهداً اكبر والتعمق اكثر في معرفة تفسير الآيةواستخلاص الاحكام منها واعود مرات الى امهات الكتب في التفسير والحديث والفقه والاطلاع على الكتابات الحديثة في العلوم الاخرى للوقوف على معجزات القرآن العلمية وكيف انه سبق علماء الغرب بمئات السنين عندما فسر لنا العديد من الظواهر الكونية وحقق سبقاً علمياً في كافة العلوم .

واوضحت صبري انه في بداية كتابتها للتفسير واجهت صعوبات اخرى من بعض الاشخاص المثبطين  الذين يحاولون  كثيرا النيل  من عزيمتها  وثنيها  عن الاستمرار  في كتابة  التفسير  ويتذرعون  بالعديد من  الحجج  الواهية  ، ولكن  بمجرد  ان خرج  الجزء الاول  من الكتاب  الى النور  تغيرت  آراؤهم  وكانوا اول الحريصين  على الفوز  به لمجرد  سمتعهم  عن اسلوب  كتابته  اما اهل  العلم  والتخصص  فقد كانوا   اكثر  الناس  تشجيعا  لي مثل الدكتور  اسماعيل  المغاربة  الذي كتب  مقدمة  الكتاب  وزوجها  الشيخ عكرمة  صبري  مفتي  القدس  والديار الفلسطينية  .

**  كتابات اخرى 

اما عن نشأة  الكاتبة  نائلة  صبري  فهي  من مواليد   قلقيلية  عام  1944  نشأت  في اسرة  دينية  تهتم  بالعلم الشرعي  فقالت  ان  اجدادي  علماء  وخطباء  ووعاظ  وأئمة  ، فوالدي  عالم وواعظ  ومفتي  من خريجي  الازهر  الشريف ،  ومنذ  صغري  وانا امتلك  موهبة  ادبية  فبدأت  كتابة الشعر  والخواطر  وانا في  العاشرة  من عمري  ونشر لي العديد  منها في الصحف  ، اما  في المرحلة  الثانوية  فقد تطور  انتاجي  الادبي  وبدأت  اراسل  اذاعة  صوت  امريكا  وهيئة الاذاعة  البريطانية  ، بالاضافة الى   الاذاعة الاردنية  التي كنت  ازودها  بقصص  الاطفال  والمسرحيات  القصيرة  التي  تتحدث  عن مناسبات  اسلامية  عديدة  ، ثم  سافرت  الى مدينة  الرياض  بالسعودية  في عام  1962- 1965  لاعمل  كمدرسة   وانشر  كتاباتي  في اذاعة الرياض  .

وفي عام  1966  عدت  ثانية  الى ارض الوطن  لاعيش  في مدينة  القدس  وبعد ان  تزوجت  من ابن  خالي  الشيخ  عكرمة  صبري  الذي ساعدني  كثيرا  على الاستمرار  في الكتابة  وزيادة  ثقافتي  بالمطالعة  .

واضافت  صبري : وبعد  زواجي  بدأت مرحلة  جديدة  اكثر تطورا  فقد  قدمت  استقالتي  من مهنة التدريس  وكنت  اقضي  طيلة يومي  داخل البيت  فصممت ان استفيد  من كل لحظة  في  يومي  ،  فقسمت   اليوم  بين تحقيق  مطالب  زوجي  وحاجاته  وبين  اولادي الخمسة  ( عمار ،  عبادة ،  عروة ،  لبابة ،  لبنى )  وبين  قضاء  ساعات  طوال  ( وقت الفراغ )  في القراءة  والمطالعة  ، وخاصة  ان زوجي  يمتلك مكتبة  كبيرة تحتوي  على اكثر  من ثلاثة الاف كتاب  ، ومكتبة  ابي  واخوالي  واجدادي  ، والتردد  على المكتبات  العامة  .

وبذلك  اصبحت  امتلك  ثقافة  لا بأس   بها  في كافة  المجالات  وليس  فقط  في العلوم  الشرعية  ، وبالتالي  زاد  حجم  كتاباتي  وقوتها  فصدر لي  في عام  1972  كتاب (  ومضة  في الظلام )  وفي عام  1978  كتاب   ( كواكب النساء )  واخر  بعنوان ( فلسطينية سأبقى )  ، ( وهذه امتي )  واعددت  للطبع  مجموعة  من القصص  القصيرة  جمعتها  في كتاب  بعنوان  ( الانتفاضة  )  .

بالاضافة  الى مئات  المقالات  والقصص  القصيرة  والمسرحيات  التي  نشرت  لي في  الصحف  والمجلات المحلية  .

*** ليس على حساب  الاسرة 

وحول  مدى رعايتها  لاولادها  وزوجها  قالت : وبالرغم  انني  كنت اقضي  ما يزيد  على سبعة  ساعات  يوميا  في القراءة  والكتابة  الا انني  لم اهمل  بيتي  واولادي  يوما  واحدا  بل على  العكس  لشدة  رغبتي  في القراءة  وتعدد  زياراتي  للمكتبات  غرست  في اولادي حب المطالعة  منذ الصغر  فكنت  كثيرا  ما اصحبهم  معي للمكتبات  واختار  لهم  من الكتب  والقصص  ما يناسبهم  واناقشهم  بها  وقد  استطاعوا  بحمد الله  تحقيق  نجاح باهر  في دراستهم   فمنهم  من اكمل  دراسته  الجامعية  او مازال  يدرس  ومنهم  من يعد  الان لنيل شهادة   الدكتوراة  .

اما بالنسبة لزوجي  ، فزوجي  يتمتع  بمكانة اجتماعية  مرموقة  ، وهي  تتطلب  مني بالمقابل  واجبات  مثل  كثرة  استقبال  الضيوف والاعداد  والتجهيز  لهم  ، وكثرة  خروجه  للسفر  لحضور  المؤتمرات  وغيرها  ، وكثرة  معارفه  ، هذا  يعني ان  اعمالا  اخرى  يجب  ان اقوم  بها  من اعمال  المنزل  واجراء  الزيارات   بما  يتناسب  مع مكانته  وهو  جهد  اضافي ،  وكنت  دائما  احاول  جاهدة  ان  اوفق  بين  متطلبات  مكانة زوجي  وبين رغبتي  في المطالعة  والكتابة  .

** الارادة  تصنع   المعجزات 

وفي النهاية  وجهت  صبري  وصيتها  لكافة  النساء  لضرورة  الحفاظ  على اسرتها  واعداد  ابنائها  اعدادا  حسنا  مع تحقيق  اكبر فائدة  من وقتها  وخاصة  ان اوقات  الفراغ  كثيرا  ما تهدر  بدون فائدة  ، فالارادة  والعزيمة   قادرة  على ان تصنع  المرأة  من خلالها  العديد  من المعجزات  والفوائد  اذا  ايقنت  حسن  استغلالها  لاوقاتها  وحرصت  على تثقيف  نفسها  بما  ينفعها  وينفع  اسرتها  ومجتمعها  .

 

     

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل