بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

عقدة الـ "9،99%": كلهم ملوك!!

مع فرز الانتخابات السورية وحصول الرئيس الاسد على "عقدة الـ 9،99%" من الاصوات ، تتعزز الاسطورة العربية بأن حكام العرب -جميعا- هم "ملوك" رغما عن شعوبهم حتى وان تسموا بالرؤساء والامراء والخلفاء!! وهذه النسبة تعني "الحكم المؤبد" على الشعوب العربية ان تظل حبيسة ورهينة لحكم الفرد وتسلطه وسطوته على مقاليد الامور دون منازع ، في الوقت الذي تتغير فيه الحكومات الغربية كل سنتين او ثلاث وربما مرتين خلال السنة الواحدة ، ولا تعجب ان ترى في جنازة الملك حسين (74 عاما في الحكم) اربعة رؤساء امريكيين وعدة رؤساء حكومات من بريطانيا وفرنسا والمانيا وحتى "العدو الصهيوني" !! ولا انسى طرفة حدثني بها احد الظرفاء حينما قال "في الدول الغربية تسمع مصطلح "الرئيس السابق" اما عندنا فلا تسمع الا "الرئيس الراحل"!! واضاف : لقد كنت اظن ان حكام العرب لا يموتون حتى توفي الملك حسين ، حينها آمنت بأن دول العرب قد تشهد تغيرا!!

حقا انها ازمة مستحكمة وضاربة في الجذور وممتدة في العقلية العربية !، والادهى انك لا تشعر بأن الشعوب العربية -على الاقل- تشعر بالملل او تؤمن بأن "تغيير الوجوه رحمة" كما يقول المثل ، بل على العكس تماما، تنام على ذلك دهرا طويلا ، ولا يوقظها الا وفاة رئيسها .ويبلغ مدى استخفاف الحكام بشعوبهم انهم اذا "شمّوا" قرب وفاتهم سارعوا الى الحديث عن خلافة الرئيس او الزعيم ، وبالطبع لا يتردد الا ابن الرئيس او اخيه او ... ومن هم في دائرة القرابة العائلية بغض النظر عن كون هذا الزعيم صغيرا لم يبلغ الحلم او مغفلا لا يعلم شيئا عن دواهي السياسة والاعيبها ، ويشطح بي الخيال احيانا حينما اتصور ان يُولى على دولة عربية من لا زالت "الحفاضات" على مؤخرته.. ولا اشطح بعيدا اذا قلت ان العرب سيسلمون بذلك ولا يعترضون لانهم عرفوا بالكرم والنخوة!!

ان "تداول" السلطة في بلاد العرب لا ينم الا عن واقع بائس متخلف ينذر بالزلزلة والدهماء ، لان بقاء هذا الحال على ما هو عليه يعني ان مزاج الفرد هو الغالب وان طاقات الامة ستتبدد ، وابداعاتها ستموت .لقد شهدنا طوال الخمسين عاما من الحكم (الملك) العربي من المحيط الى الخليج كل معاني الهزيمة و اسوأ عصورالانحطاط وسوء السمعة وضياع الكرامة ، حتى بتنا مثلا يحتذى به!!

بالقطع لا اعفي الشعوب العربية من المسؤولية ، بل هم المسؤولون في المقام الاول مصداقا لقوله تعالى "فاستخف قومه فأطاعوه" ولو وجد الحكام العرب امامهم شعوبا واعية تفهم حقوقها وتطالب بحريتها لما تجرأوا ان يمددوا "عقد" حكمهم سنوات بعد سنوات ، ولما تجرأوا ان يضحكوا علينا فيفرضوا علينا "الثلاث تسعات" التي تذكرني بخطيب سوداني في جامعة الخرطوم حينما خرجت نتائج الانتخابات الرئاسية وفاز جعفر النميري بالثلاث تسعات - كالعادة -، وقال هذا الخطيب : ان الله عز وجل بجلاله وملكوته لا يؤمن به 99% من البشر لكن حكام العرب تجاوزوا الرقم "!، ولولا ان لديهم 1% من الخجل والحياء لاضافوا هذه الـ 1% الى 99% لتكمل المائة ، ونحمد الله على ذرة "الخجل" هذه التي تدور فيها (اي الـ 1%) الحريات الديمقراطيات وحقوق الانسان وسيادة القانون.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل