وزارة الإعلام : 170 موظفاً ... بدون مهمات محددة !!

 

العودة إلى صفحة الرسالة

** موظف : نحن> بروفة< وزارة ... وعملنا غير محدود المعالم .

** المصري : هناك الكثير يجب عمله لمعالجة القصور وتطوير الاداء

** صحفيون : لا داعي لوجودها ... والوزارة تحولت الى جيوب اعلامية

تحقيق/ عمر احمد

ربما يكون الاجماع حول ضرورة تقليص عدد الوزارات في السلطة الفلسطينية هو القاضي بالضرورة بالغاء عدد من الوزارات من بينها وزارة الاعلام التي يعتقد البعض انها >مش لازمة< فضلا عن انها لا تؤدي دورا اعلاميا محددا ولا تقوم بالمهمات المنوطة بها . وزارة الاعلام على سبيل المثال في غزة انتقلت الى مبنى جديد وفخم يغلب عليه طابع الترف من الحجر القدسي والاثاث الفاخر ... وكثرة العاملين غير انك عندما تسأل عددا ممن يعمل منهم يقول لك بصارحة > نحن عمال بطالة < وهذا قد يكون ابلغ تعبير عن الواقع الذي تعيشه وزارة الاعلام - و ايضا وزارات اخرى - بالرغم من الاموال التي تضخ في جيب الوزارة من مرتبات وسيارات واثاث ونثريات .. وكلها تقول بوضوح انه لا توجد ثمرة عملية على ارض الواقع للوزارة .

في حديث مع موظف في وزارة الاعلام رفض الكشف عن اسمه شرح لنا واقع الوزارة بقوله :" ماذا اقول لك .. نحن مثلنا مثل كثير من الوزارات لا نتعدى ان نكون > مشروع وزارة < او > بروفة وزارة< ، ونحن العاملين فيها اشبه بعمال البطالة اذ تشاهد عددا كبيرا من الموظفين دون ان تعرف ماذا يعملون < واضاف هذا المسؤول : رغم انه توجد استراتيجية واضحة وهيكلية محددة للوزارة الا ان ذلك كان يصطدم بالواقع المرّ ، واقصد بذلك ضعف الامكانات وقلة المال .

واشار هذا الموظف الى ان الحديث عن عدم الحاجة لوزارة الاعلام قد يكون صحيحا لكن هذا الامر ينطبق كذلك على عدد من الوزارات التي تعج ايضا بالموظفين من مدراء ووكلاء وغيرهم ولا تجد لهم وظيفة محددة وقال :> اكثر من نصف الوزارات لسنا بحاجة اليها ، نريد فقط وزارة او وزارتين لكن الوضع السياسي يفرض انشاء هذا العدد من الوزارات حتى نكون اشبه بالدولة ، واضاف احيانا قد ننشيء وزارات من اجل توظيف اناس او >نضحك< على الدول المانحة للحصول على الاموال .

ورغم ان هذا الموظف يقر بأن > هناك انشطة وجهودا متفرقة لكنها بسيطة ، الا انه يعتبر ذلك قد يكون بشكل تطوعي اكثر منه واجبا رسميا من قبل الوزارة نفسها .

ويشير الى ان عددا ممن يعملون في وزارة الاعلام الان كانوا في السابق اعلاميين ممتازين يؤدون دورهم على اكمل وجه خدمة للقضية الفلسطينية ، غير انهم لما دخلوا الوزارات والمؤسسات انقلب الحال بهم ، وظهرت الخلافات والمنافسات حتى تحولت الوزارة الى > جيوب اعلامية< لا تمارس اي دور يذكر .

وسألنا هذا الموظف > اذا كانت الوزارة هي وزارة اعلام فلماذا لا تمارس دورها الاعلامي بشكل جدي وعلى سبيل المثال المراقبة على الاذاعة والتلفزيون فقال : لا يوجد قرار سياسي يفرض او يمنع تدخل الوزارة في عمل الاذاعة والتلفزيون ولكن المشكلة الاكبر تتمثل في اضطراب الفهم حول حدود صلاحية وزارة او مؤسسات ما وهنا يحدث الخلل والتداخل ، فلا تعرف ان كان للوزارة دور بشأن التلفزيون او الصحف او المجلات ، احيانا قد تتدخل بشكل > شخصي< او بدافع غيرة على الوطن ، لكن لو تدخلت بصورة >وزارة الاعلام< قد لا يفيد شيئا .

** 170 موظفا .. و 12 مديرا عاما

ونحن حينما نسوق مثل هذه الصورة القاتمة ندرك بان الوزارة قد جردت فعلا من مضمونها واصبحت هيكلا لا يمارس اي عمل من شأنه المساهمة في خلق واقع اعلامي فلسطيني .

الوزارة تضم حوالي 170 موظفا : 80 في قطاع غزة و 90 في الضفة الغربية وقد قال لي موظف يعمل في الوزارة ايضا رفض الكشف عن اسمه ان هناك خللا فظيعا في توزيع الموظفين بين الضفة وغزة ، فرغم ان الضفة الغربية اكبر مساحة اضعافا مضاعفة من القطاع فضلا عن تعرضها للهجمات الاستيطانية والعدوان العسكري الاسرائىلي الا انها تحظى بعدد قليل جدا من موظفي الاعلام ، واضاف :ـ

خذ على سبيل المثال : نابلس والتي لا يوجد فيها سوى 6 موظفين فقط وهؤلاء لا يمكن على الاطلاق ان يقوموا بمهامهم خصوصا ان نابلس تمثل عاصمة محافظات الشمال .

وتضم الوزارة كذلك حوالي 14 مديرا عاما ، وهذا العدد يعتبر كبيرا جدا كحجم المهمات التي تلقى على عاتق الوزارة ، لكن التعيينات التي تتم في الوزارة هي تعيينات > سياسية< وليست > مهنية< بحسب الكفاءة ، اذ ان عددا كبيرا من العائدين او من المقربين او ممن فرغوا على احزاب معينة حولوا الى وزارة الاعلام وبالتالي فقد ضمنت الوزارة اعدادا غير مؤهلة ولا تملك ادنى حد من المعرفة بطبيعة العمل الاعلامي ، كما ان عددا من الذين يعملون كمدراء عامين في الوزارة لا يمارسون اي عمل فيها سوى > قبض الراتب < فحافظ البرغوثي مسجل على كادر الوظيفة في الوزارة على انه مدير عام لكنه لا يمارس فيها اي نشاط .

** جهاز بيروقراطي فاقد الهوية

لا ادري ان كان من سوء حظنا ان معظم الذين تحدثنا معهم من وزارة الاعلام سواء في الضفة او غزة رفضوا ان ترد تصريحاتهم على صفحة الجريدة لانه على حد تعبيرهم > لا يريدون مشاكل < فاحد المسؤولين في هذه الوزارة عندما فتح لنا قلبه قال :> مشكلتي عويصة فانا لا استطيع ان ادافع ولا استطيع ان اهاجم ، فالوضع محرج جدا < ثم شرح لنا مأساة الوزارة قائلا : المشكلة الكبرى ان وزارة الاعلام ليست لديها هوية ولا تعرف ما هو دورها او صلاحياتها وهذا يجعلها تعيش في تخبط وتفتقد الرؤية الصحيحة والاهداف ، ثم اضاف : هناك مؤسسات اعلامية كثيرة من تلفزيون واذاعة وصحف ومجلات لكن > كل يغني على ليلاه< والكل يعمل بالطريقة التي تعجبه و من ثم انقلبت وزارة الاعلام الى جهاز بيروقراطي غير محدود المعالم ، فاقد الهوية واصبح العاملون فيها يسألون انفسهم : ما هو دورنا ؟

وسألنا هذا السؤال عما اذا كان الوزير له دور في ذلك فقال : المشكلة ان الوزير غائب ، ولا يتابع اي نشاط للوزارة ، كما انه لا يوجد للوزارة وكيل ولا وكيل مساعد ، اذن ما تتوقع من الوزارة ؟!
وسألته : وانتم الم تحاولوا ان تبذلوا جهدا لفرض انفسكم على الساحة عبر مجهوداتكم ونشاطاتكم فاجاب : لقد حاولنا لكن الازمة اكبر واعقد من ذلك واعتقد اننا لم ننجح للان في عمل شيء يذكر .

هذا المسؤول في نهاية حديثه ابدى تشاؤمه من واقع الوزارة قائلا : ليس عندي امل ان تتحسن اوضاع الوزارة لان عقلية المؤسسة لدى السلطة غائبة والاهداف عائمة غير محددة .

** رد هاني المصري ، مدير عام المطبوعات والنشر

س : هل تعتقدون بان مهمة وزارة الاعلام واضحة محددة ، وهل يظهر ذلك جليا على ارض الواقع ؟

وظيفة وزارة الاعلام الاساسية هي بلورة السياسة الاعلامية العامة التي يجمع عليها الشعب ، والاهداف التي يسعى الاعلام لانجازها هي ذات الاهداف الوطنية التي يتفق حولها المجتمع معبرا عن نفسه بالمؤسسات والفعاليات السياسية والدستورية والنقابية المختلفة ، ويتفرع عن هذه الوظيفة الاساسية ويترافق معها سلسلة من المهمات مثل ممارسة دور استطلاعي وتوعوي وارشادي وايصال المعلومات بصورة محايدة للسلطة او للمواطن او للمعارضة طبقا للظروف التي يمر بها المجتمع .

ومن وظائف وزارة الاعلام اثبات شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية كونها تجسد لاول مرة الكيان الوطني على الارض ، فانجاح السلطة هدف وطني عام لابد وان يسعى الجميع لتحقيقه ، بغض النظر عن الاختلاف حول عملية السلام ، وتعمل وزارة الاعلام باتجاه ان يكون الاعلام الرسمي الفلسطيني اعلام وطن وليس اعلام سلطة ، وذلك انطلاقا من الايمان بان الوطن يضم جميع ابنائه .

واحد اهم وظائف وزارة الاعلام بلورة القوانين والانظمة القانونية الكفيلة بتوفير تشريع اعلامي فلسطيني ديمقراطي يتضمن مختلف الجوانب المتعلقة بالاعلام المقروء والمسموع والمرئى .

واحد مهمات وزارة الاعلام الدفاع عن قيم الحرية والتقدم والعدالة والاخاء والتعددية وحرية الصحافة والتعبير ، وتقوم وزارة الاعلام باصدار التصريحات والبيانات الصحفية والتقارير والابحاث وعقد المؤتمرات الصحفية وتقديم الخدمات والتسهيلات المختلفة للصحافيين .

كما تقوم وزارة الاعلام بانتاج واصدار مواد اعلامية مختلفة .

اما اذا كانت مهمة وزارة الاعلام تظهر على ارض الواقع فاعتقد ان التحدي الذي نواجهه يتمثل بمدى قدرتنا على ترسيخ هذا الدور بارقى واعمق وافعل صورة ، ولا يزال امامنا شوط طويل لنقطعه .

س: البعض يرى انه لا داعي لوجود وزارة اعلام لانه يعتقد بعدم وجود مهمة لها فما رأيك ؟

اعتقد انه لا حاجة لوجود وزارة اعلام تسعى لفرض الرقابة والهيمنة الحكومية على وسائل الاعلام بما يعنيه ذلك من كبت الحريات وتكميم الافواه ، اما اذا كانت وظائف وزارة الاعلام هي مثلما اوضحنا اعلاه فمثل هذه الوزارة ضرورية . جميع الدول الغربية المسماة دول العالم الحر لديها اعلام رسمي يعبر عن نفسه من خلال دائرة اعلام تابعة لمجلس الوزراء او مكتب صحفي حكومي ، وجميع الدول النامية لديها وزارة اعلام بعضها ديمقراطية ، والبعض الاخر دول تسلطية ، اي ان وجود وزراة الاعلام لا يساوي بالضرورة انتاج اعلام تسلطي وهيمنة الحكومة على الاعلام .

س: من الملاحظ ان الوزارة لا تمارس دورا بشأن الاعلام الفلسطيني سواء الرسمي او الشعبي ، وهل من قرار سياسي يقضي بعدم تدخل الوزارة ام غير ذلك ؟

نقر بكل اسف بصحة ما جاء في الشق الاول من السؤال بدليل الواقع المؤلم الماثل في الاعلام الفلسطيني من خلال تشظي اجهزة الاعلام الرسمي في جزر معزولة عن بعضها بدون رابط عبر وزارة واحدة . كما ان الاعلام الفلسطيني كما تقدمه المؤسسات الاعلامية الرسمية المختلفة يبدو قاصرا وهزيلا مما يطرح ضرورة توحيدها تحت مظلة اعلامية واحدة او تشكيل مجلس اعلامي يكون بمثابة المرجعية الاعلامية ، ويكون مشرفا على العملية الاعلامية وحلقة الوصل بين الجمهور والاعلام من جهة والاعلام والسلطة من جهة اخرى . ويساهم هذا المجلس مساهمة اساسية في ضمان حرية الصحافة والاعلام .

ولكن لا يمكن ارجاع هذا الواقع الاعلامي الى وجود قرار سياسي وانما لعدم تبلور الوعي والحاجة الكفيلين بتجاوز ما نحن فيه الى ما نطمح لتحقيقه .

س: هل تعتقد ان حجم الموظفين والمدراء العامين في الوزارة يتناسب مع المهمات التي تقوم بها الوزارة ؟

اعتقد ان قيام وزارة الاعلام بالوظائف المناطة بها على احسن وجه ، ومع توفير البيئة المحيطة المناسبة يتطلب عددا اكبر من الموظفين من ذلك القائم حاليا شريطة ان يتم اختيارهم حسب الحاجات الفعلية وانطلاقا من الكفاءات والخبرات المناسبة .

وهذا لا يعني ان الوزارة تقوم بعملها بدون ثغرات وقصور واخطاء بل هناك الكثير مما يحتاج للتحسين والتطوير والمعالجة في نطاق الوزارة او في نطاق السلطة والمجتمع والمجتمع ككل ، فلا يمكن ان تكون وزارة اعلام نموذجية الا في سلطة نموذجية مثلما لا يمكن ان تكون هناك حرية صحافية في مجتمع تقيده الاغلال .

الشيء الحاسم هو التحلي بنظرة موضوعية ترى ما هو ايجابي وتبنى عليه ، وترى ما هو سلبي وتسعى لاقتلاعه .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل