من شوارع الوطن

بقلم : صلاح البردويل

العودة إلى صفحة الرسالة

 

قصيدتي العرجاء... رثاء...

وفديناه بذبح هذا الوطن المذبوح .. لا .. ذبحين .. وذبائح اخرى تتقدم .. جاء العيد.. لعيون القدس تهانينا وتعازينا .. وجداول من دمع ثكالى .. وارامل.. لعيون جنوب الوطن .. جنوب الارض .. جنوب العالم .. للاحياء .. وللاموات تهانينا وتعازينا.. جاء العيد.. لمّي يا امي قطرات الدم.. لمّي اوراق دفاترهم من فوق رصيف المشدوهين المخبوطين على وسط الرأس وبين العينين بجنّ الخوف .. لمّي لا معنى للاوراق المنثورة لمّي.. لا معنى للكلمات المبتورة .. لمّي.. وليسدل فوق الوطن وفوق الحزن ستار اسود .. قرّي يا عين علاء .. قرّي يا عين خميس .. قضي الامر وفاض النهر .. وتبقى في القلوب عروس النيل تثير الحزن وتثرى الفخر .. لأجل العطشى من ولدان الوطن يموت الاحرار، وتجري الانهار.. وتبكي الدار...

لا نسألك اللهم قضاء اخر .. هذا خير قضاء ينعى للحيرى والمنكوبين المذبوحين كل قضاء .. لكن نسألك اللهم بعزة ميزانك في الارض قضاء .. لا حاجة بعد اليوم لأن يتقدم قربانٌ من دمّ البؤساء .. آخر دعوانا .. عذرا للشهداء .. عذراً يا شعب الجبارين المقهورين .. هذا قدر الشرفاء .. كنتم دوما نبراس الاحياء.. وكنا طلاب عزاء.. الف عزاء.. يحيا الكبراء!! يسقط منكم .. من غيم مخيمكم .. من جرح دفاتركم سيل الماء على الكبراء.. آه يا زمن الشعراء!! ماذا يعطيك الشعراء؟! اوتكفي للوطن قصيدة شعر عرجاء؟! اويكفي مليون رثاء؟ آه يا زمن البلداء .. وداء الداء .. وعين الزرقاء العمياء!!

هل تقدر ان ترسم للأجيال القادمة عيون خميس.. عيون علاء؟! على الحيطان.. على الطرقات .. على قمصان الاولاد .. على الانداء؟! هل تقدر ان تفصل في كتب التاريخ الاعمى بين الحق وبين الفتنة؟! بين قناعة ثوّار او بين مؤامرة نتنة؟! هل تقتل من صفحاتك صفين لأجل معاوية وتنسى طلحة والعوّام.. أتنسى بعد اليوم علاء؟! وتنسى بعد اليوم خميس؟!! آه .. يا زمن الآه .. فماذا تجديك الآه .. ولكن يبقى الله.. فوق العسكر فوق الجاه.. فوق الزند الضاغط دوما فوق زناد .. فوق ظنون الاسياد..

ما اجبرك ايها الشعر لقد اغرقتني .. وانسيتني ان اتقدم بكل مشاعر الحزن والفخر .. ومشاعر اخرى الى الصابرتين ام خميس سلامة .. وام علاء الهمص بالتعازي ولا اعرف من اين ابدأ .. ولا اين انتهي .. هل ابدأ حزني وحزن الوطن من لحظات اليتم الاولى التي رسمت الصورة الحزينة ؟! ام ابدأ من آخر كلمات الشهداء وأمنياتهم الصغيرة الكبيرة؟ ام ابدأ من شلال الدم الذي غسل بطهارته قلعة الجنوب وحرقة الوطن ؟! ام ابدأ من سرادق العزاء الذي اعجز المعزّين عن انتقاء كلماتهم فصمتوا صمت القبور ؟! والى اين انتهي اذا كانت كل بلاغة الارض لا تسعفني ان انتقي بدوري جملة العزاء.. عذرا يا امهات الايتام الشهداء.. عذرا يا شهداء .. عذرا يا وطن الشهداء.. لا امتلك سوى البشرى..

وليشهد عيد الشهداء القادم ان الشهداء الاحياء كانوا للوطن دواء وفداء .. الف عزاء .. هذا عيد النحر .. تقدم يا وطن المذبوحين الشرفاء.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل