الهند وباكستان ... التصعيد ممنوع  والحرب  مستقرة  والحلول السياسية  بلا امل

 

العودة إلى صفحة الرسالة

 

عمر قاروط

الحرب المشتعلة  على طول  المناطق الجبلية  الكشميرية  المجاورة  للهند وباكستان  بدأت  في  التكيف  مع حرب  استنزافية  طويلة  الامد بين الدولتين   بعد ان فشلت  الغارات  الهجومية  الهندية  في دفع  المقاتلين الكشميريين  الموالين لباكستان في مغادرة  معاقلهم  وتحصيناتهم .

وتقول الهند  انها بدأت  من هذا الاسبوع   في تطبيق   استراتيجية  جديدة  في  عملياتها  العسكرية  تهدف  الى استنزاف  المقاتلين  وارهاقهم  واجبارهم  على مغادرة   مواقعهم  الحصينة  ومنع وصول الامدادات   اليهم ،  وقد عبر عن هذه الاستراتيجية  المتحدث  باسم القوات  الجوية الهندية جانيش ، جريدة   الحياة الجديدة 15/6/99  حيث قال :  ابتداء  من اليومين  الماضيين  بدأنا  هجمات  على مدار  الساعة ... الهدف من ذلك  زيادة  الضغط  على  العدو  عن طريق  انهاكه   وحرمانه  من النوم  ، واضاف  : ننوي  ابقاءه  تحت  الضغط  على  مدار الساعة  حتى يبقى  العدو  دوما علي اعصابه  ومن ثم  انهاكه  واستنزاف  قوته  ومقاومته  وقدرته  على التماسك  .

وفي معرض  رده   على سؤال   حول  ما اذا  كانت  الحرب  مع الهند  قد اصبحت  وشيكة  رد قائد  الجيش  الباكستاني  بالنفي  قائلا :  لا ، الحرب ليست وشيكة  ، نحن شعب  محب للسلام  ولسنا  دعاة  حرب  .

تأتي هذه ا لمواقف الجديدة  لكل من الهند وباكستان  وسط حالة  من الاستمرار  في ايقاع   العمليات العسكرية   بنفس  الوتيرة   التي بدأت   عليها  خلال  الاسابيع  القليلة  الماضية  وهو  ما أثار  قلق الجانبين   ومخاوفهما من  احتمالات  طول  مدة  العلميات العسكرية  بسبب  عدم  قدرة  اي من  الطرفين  على الحسم  عسكريا  وعدم  جديتهما   في  احداث  اية  تغيرات  على مواقفهم  السياسية  المسبقة  والمعلنة  .

هذه  الاجواء  اثارت  ايضا  مخاوف  الصين  والولايات  المتحدة  الامريكية  وهما  الدولتان  اللتان  يعتريهما  القلق  من  حالة الحرب   واستمرارها  ، فالصين  التي حاولت  ان  تبدو حيادية   كثفت  من نشاطها   الدبلوماسي  مع باكستان  حول  البحث  عن مخرج  للازمة  بينما  قامت   الولايات المتحدة   بارسال  مبعوثين   خاصين   لكلا الدولتين  للوقوف  عن كثب   على  مواقفهما  وحقيقة  ما يجري   كما  بعثت  بالجنرال  انطوني  زيتي قائد  القيادة المركزية  الى اسلام اباد  لتقييم  الوضع  ومتابعة  سير التطورات  .

وتنظر باكستان  بقلق كبير  للاهتمام  الامريكي  بالازمة   والموقف  السلبي  الذي  تتخذه  الادارة  الامريكية   من الاحداث  حيث  طالبت  باكستان  بسحب  المقاتلين   وهو ما يمثل  ادانة  لباكستان   واتهامها  بمسؤوليتها  عن الحرب  ، يقول  مشرف  القائد الباكستاني : للامريكيين  وجهة  نظرهم  وقد  طرحوها  في حين  لنا وجهة  نظرنا  ، لدينا   الارادة  لمقاومة  كل الضغوط  .

اما  الهند  التي ترفض  اية   وساطة دولية   او اقليمية  في الصراع  وتتمسك  بعودة  الامور  لما  كانت  عليه  قبل بدء  المعارك  الاخيرة  فهي  تنظر  ايضا  بقلق  للاهتمامات  والمواقف  الدولية   والامريكية  والصينية   باعتبار  ان ذلك  قد يفرض  عليها  القرارات  الدولية  الخاصة  بالازمة الكشميرية   التي  ترفض ا لاعتراف  بها والتي  تدعو  الى اجراء  انتخابات  حرة  لتقرير  المصير  او الاستمرار  مع الهند  او ا لانضمام  لباكستان  .

في سياق  هذه التطورات  نضجت  معادلة جديدة  للازمة  ومعقدة  سيكون  من الصعب على  اي من الطرفين  تجاوزها  وهي  " الحرب  مستمرة  لحين حسم  الخيار السياسي" هذا الخيار  متناقض  تماما  فبالنسبة  للهند  العودة  لما قبل  الحرب   وبالنسبة   لباكستان  فتح  حوار حول   حل  المسألة الكشميرية  ، وهذه   المواقف   تعني  من الناحية   العملية   استمرار  الحرب  بلا  توقف   في عملية  استنزاف  مجنونة  لا احد  يعلم  مداها  بينما   الاطراف  الخارجية  التي شجعت  على هذه   الحرب  في ضوء  حرب كوسوفو  ونتائجها  وانعكاساتها   على  السياسة  والقضايا  الدولية  تبقي  على  اوتار  الحرب  في يدها  تشدها  وقت  العزف  وترخيها  وقت  الاستراحة  .

وبمحاذاة  هذه الحرب  المسعورة  ضاعفت  الدولتان  من   انفاقاتهما  وانشطتهما  في مجال  تطوير  الاسلحة  الاستراتيجية  وتأمين   اسلحتهما   الامنية  وتحصينها  وهو  ما يعني  ان كلا   الدولتين   دخل  مرحلة  من الاستنزاف  المدروس   والمحكم  والذي  سيؤدي  في المستقبل  الى حالة  من  الانهيار  الاقتصادي  والتطور التكنولوجي  الذي  استطاعاتا  ان  تحققاه  خلال السنوات القليلة   الماضية  .

ويقول  مراقبون  ان حرب  الهند وباكستان  جمعت  بين  المطالب  المشروعة  والاعمال  المقبولة  والمكائد  الخبيثة  والابعاد  المجهولة  ، وسيكون  على الدولتين  في نهاية  المطاف  استيعاب  سير  التطورات  والقبول  بمنطق  ما يسمح  بوقف  الحرب  الطاحنة  الاستنزافية  الذي  تعتبرانه هدفا  .

    

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل