تقرير: الترهل الاداري وتداخل الصلاحيات.. والتضخم الوظيفي تطغى على مؤسسات السلطة الفلسطينية

 

العودة إلى صفحة الرسالة

رام الله-

صدر مؤخرا عن الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان تقريرا من اعداد الباحث عزيز كايد ، ضمن سلسلة التقارير القانونية ، يتناول التقرير تداخل الصلاحيات في السلطة الوطنية الفلسطينية من الجوانب النظرية والعملية ، ويعرض بوجه خاص مظاهر هذا التداخل واسبابه واثاره . يتكون التقرير من 65 صفحة من القطع المتوسط , وقد خلص الى مجموعة من النتائج الهامة.

فوفقا للتقرير ، تعاني المرافق العامة في السلطة الوطنية الفلسطينية من غياب التنظيم ومن اوجه خلل جسيمة ادت في مجملها الى غموض وتداخل كبير في الصلاحيات ، فهناك تضخم وظيفي الجهاز الحكومي يتخذ مظاهر عديدة اهمها تعدد الوظائف العليا وكثرة عدد شاغليها ، وكثرة المستشارين ، وتوظيف اشخاص على كادر معين وفرزهم للعمل في كادر اخر مختلف تماما ، وهناك مبالغة في انشاء الوظائف العامة لاتاحة الفرصة للتوظيف ولا يوجد لدى الوزارات المختلفة نظام موحد للوظائف العليا.

كما تعاني المرافق العامة في السلطة الوطنية الفلسطينية من ترهل اداري يتخذ مظاهر مختلفة. فهناك مراكز قوى تتجاذب الصلاحيات في العديد من الوزارات والمؤسسات والاجهزة وهناك انقسام في الجهاز الاداري خاصة من حيث وجود مركزين مستقلين للوزارات والمؤسسات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

قد يكون واقع الانفصال الجغرافي احد اسباب ذلك، لكن اسبابا اخرى تلعب دورا في ذلك كالتوظيف العشوائي والقرارات المتضاربة والتخطيط المفقود واختلاف التشريعات احيانا.

وقد تسبب ذلك في وقوع حالة من التضارب انعكس سلبا على وحدة ومركزية القرارات وعلى الاداء المالي والاداري ، مما حمل السلطة الوطنية نفقات اضافية كبيرة ، وفي بعض الحالات لا يتم الحاق بعض المؤسسات بالوزارات المعنية بها حسبما تقتضيه طبيعة عملها ، مما ادى الى تضارب في الاعمال وازدواجية في المرجعيات.

وقد ادى الحاق عدد كبير من المؤسسات برئيس السلطة التنفيذية مباشرة الى اضعاف الاشراف عليها ، خاصة مع كثرة عدد هذه المؤسسات ، وبالتالي ازدياد التضارب حول الصلاحيات ، وساهم استحداث بعض الدوائر والاقسام في بعض الوزارات والمؤسسات دون وجود دواع كافية في اتساع نطاق هذا الترهل.

لقد اسهمت مظاهر الخلل الاداري هذه في الخلل القائم في توزيع الصلاحيات ، سواء على مستوى السلطات الثلاث والوحدات المختلفة داخلها. فقد ادى غياب الهياكل التنظيمية في ظل التضخم الوظيفي وتعدد مراكز القوى الى مضاعفة النتائج السلبية لهذا الخلل ، وكان لغياب التشريعات التي تنظم وتوزع الاختصاصات بين الوزارات والمؤسسات الدور الاكبر في وقوع هذا الخلل ومضاعفة اثاره.

وقد وصل تفاقم هذه المشكلة الى حد قيام بعض الاجهزة والمؤسسات بالتدخل في عمل اخرى ، بسبب الغموض في الاختصاصات او الرغبة في السيطرة.

يعتبر التداخل في الصلاحيات الذي يحصل على مستوى الوزارات والمؤسسات المختلفة خللا اداريا كبيرا ، ويقع هذا التداخل في ثلاثة اشكال ، الاول ما بين الوزارات والتالي بين الاجهزة الامنية ، اما الثالث فيقع ما بين الوزارات والاجهزة الامنية.

يحصل تداخل الصلاحيات في الوزارات والمؤسسات العامة لاسباب عديدة ، من بينها ازدواجية التشريعات واختلافها ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتشابه اعمال بعض الوزارات وغموض الصلاحيات والمسئوليات في ظل عدم تحديد وتنظيم صلاحيات الوزارات باستثناء بعض الحالات.

تكمن المشكلة فيما يتعلق بتداخل صلاحيات الاجهزة الامنية في عدم وجود قوانين وانظمة تحدد بوضوح صلاحياتها ، وعدم تطبيق ما هو موجود منها، وفي ظل هذا الوضع ترك المجال للاجهزة ذاتها كي تحدد صلاحياتها ضمن مفهوم مسئوليها كل منهم على حدة ، وتعاني هذه الاجهزة من ضعف في التنسيق والتعاون فيما بينها ، وفضلا عن ذلك هناك تنافس بينها وصل الى حد المشاحنات وتطورها الى صدامات احيانا.

وفي ظل هذا الوضع اخذت الاجهزة الامنية تتدخل في عمل بعضها البعض ، وتتدخل في اعمال بعض الوزارات والمؤسسات الاخرى بل وصل الامر الى حد تدخلها في اعمال النيابة العامة ومصادرة بعض اختصاصاتها وتدخلها في عمل القضاة.

كما يشير التقرير الى ان غياب تنظيم دستوري للسلطة الفلسطينية انعكس على العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية نتيجة عدم تحديد صلاحيات كل منهما وتنظيم تلك العلاقة ، وقد تميزت هذه العلاقة بالتوتر وسيطرة السلطة التنفيذية وتحكمها في مجرى الامور ، فهي تمتنع عن تنفيذ قرارات المجلس في اغلب الاحيان ، كما انها تقوم بالحيلولة دون تمكينه من ممارسة صلاحية الرقابة على اعمالها ، كما قامت بتعطيل صدور التشريعات ، وتعدت على الصلاحيات التشريعية للمجلس احيانا.

والى جانب ذلك فان المجلس التشريعي نفسه بحاجة لتحديد اختصاصاته من خلال قواعد دستورية سارية ، بحيث تصبح الرؤيا لديه واضحة بالنسبة الى كثير من الامور. وعلى الرغم من اهمية استقلال القضاء ووجود نصوص قانونية تحميه ، فان السلطة التنفيذية تقوم بالتدخل في شئون السلطة القضائية الامر الذي احدث نقصا جوهريا في استقلال القضاء وافقده القدرة على الفاعلية في اداء خدمة العدالة ، كما احدث خللا كبيرا في توزيع السلطات وتنظيمها.

ويخلص التقرير الى ان توحيد التشريعات واصدار قوانين فلسطينية واحدة تطبق على كافة المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية اصبح مطلبا حيويا لوقف التضارب الحاصل بين اعمال بعض الوزارات والمؤسسات والاجهزة.

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل