سور القدس

العودة إلى صفحة الرسالة

يضم 24 برجا وثمانية ابواب

سور القدس : تاريخ طويل من البطولات والانتصارات ... والدماء والشهداء

القدس - اسامة العيسة - الرسالة

يمثل سور القدس معنى وجدانيا كبيرا للفلسطينيين ولزائري المدينة ، وهو يحيط بما يعرف بالبلدة القديمة ، ويختصر هذا السور تاريخا طويلا من البطولة والمغامرة والانتصارات والهزائم والدماء والشهداء.

ويمكن ان تلخص حجارته التي تكاد تنطق باحدى الصراعات الكبرى في تاريخ البشرية ، والتي يمكن وصفها ، بالصراع بين الشرق والغرب بتفريعات ومسميات مختلفة كان اخرها (حتى الان) الغزوة الصهيونية الغربية والتي كان السور احد رموز هذا الصراع (عام 1948) حيث اريقت الدماء على ابوابه وعام 1967 حين فتحت هذه الابواب على مصراعيها لتسجل لحظة قاسية ومادة تكاد تحسم ذلك الصراع الذي بدا وكأنه ابدي ، وسقوط مروع لاحفاد المقاتلين العظام الذين سالت دماؤهم على السور طوال قرون..!

واهمية السور ليس فقط ما يبدو للرائي من الخارج ، وهو داخل للقدس ، بل اهمية السور الاستراتيجية لا تتبدى الا اذا صعد المرء لعاليه ، وللصعود للسور عدة منافذ تسيطر عليها سياحيا بلدية القدس الاسرائيلية وهي:

باب العمود وباب الخليل وباب الساهرة.

والسير على السور يعطي للاشياء معناها ، ويبرهن على البعد الاستراتيجي ، الذي كان يتمتع به هذا السور الملتف حول تلك المدينة المقدسة ، وتترامى امامه قبة الصخرة بلونها الذهبي الزاهي والاماكن المقدسة الاخرى والتكايا والمدارس والبيوت والشوارع ، ومن مواقع مختلفة على السور يمكن رؤية التلال والوديان التي ارتبطت تاريخيا وعسكريا بالبلدة المقدسة مثل جبل صهيون وجبل الزيتون ووادي كدرون.

ويوجد على السور ابراج مختلفة ، يتضح من خلال اللافتات ان بعضها استخدمه الجيش الاردني وكان مواقع مراقبة له ، وفي حين يبلغ سمك السور نحو مترين فانه في بعض المواقع يزيد عن ذلك وتتضح من خلال المنافذ على  السور والتي كان يستخدمها ، على الاغلب، الذين يطلقون السهام المكانة الاستراتيجية التي يتمتع بها ا لمسيطر على السور.

وفي الجزء المجاور من السور لبعض الابواب ، خصوصا باب العمود ، فان السور في هذا الموقع هو عبارة عن ساحة صغيرة ويوجد غرف صغيرة ايضا ، يجلس فيها المواطنون ويبدو انه كان لها استخدام معين يتناسب مع المكانة العسكرية للسور في زمن مضى.

وحسب مصادر تاريخية متعددة فان السور الحالي للمدينة المقدسة ليس هو السور الاول الذي بني ليحيط بالمدينة المقدسة ، وكان كل سور يختلف عن الاخر تبعا لتوسع المدينة اوتقلصها خلال الحقب المختلفة التي شهدتها المدينة الاقدس في العالم.

واذا كان اليبوسيون الكنعانيون هم اول من بنوا الاسوار حول القدس والمسماة يبوس وقتها ، فان السور الحالي يعود لعصر السلطان العثماني سليمان الاول الذي بدأ ببناء السور عام1536 كما تدل كتابات على السور ، وما بين السورين ، شيدت الاسوار خلال العهود الفارسية والهلينستية والرومانية والبيزنطية والعربية والصليبية والايوبية.

وادخل قادة هذه العهود اشكالا هندسية مختلفة على بناء الاسوار. وحكاية الاسوار لها دلالات في التاريخ السياسي للقدس ، فمثلا "الملك المعظم عيسى بن احمد" الذي ورث عرش صلاح الدين الايوبي امر عام 1129 بتخريب السور ، حتى لا يستحكم الصليبيون داخلها ، ويصعب اخراجهم منها ، والصليبيون بنوا السور ثلاث مرات ، الاولى عندما استولوا على المدينة عام  1099م واستخدموا الحجارة المدقوقة ونقشوا عليها اسماء النحاتين ، ولكن السور لم يصمد امام صلاح الدين ، و في المرة الثانية عام 1229 على يد الامبراطور الالماني فردريك الثاني ومرة ثالثة عام 1243 ، لكن السور لم يصمد امام بيبرس الثاني عام 1300 ، ورمم المماليك السور بادخال حجارة منحوتة مزودة بهوامش على اطرافها المربعة.

وتحت السور الحالي العثماني توجد اثار الاسوار السابقة. واشرف على بناء السور الحالي الاخير بايرام جاويش بن مصطفى وبدأ ابناءه من عام 1527 وحتى 1540 ، ويبلغ طول السور نحو 4 كيلو متر ومعدل ارتفاعه  12 مترا ويضم 34 برجا وثمانية ابواب : الباب الجديد ، باب العمود ، باب الزاهرة ، باب الاسباط ، الباب الذهبي (اغلق عام 1530) ، باب صهيون ، باب الخليل.

ويمكن تقسيم هذا السور الى اسوار شمالي وشرقي وغربي وجنوبي.

ولكل سور من هذه الاسوار هوية سياسية - استراتيجية - جغرافية ، ولكل سور قصة ولكل حجر من كل سور حكاية واثر وبطولة صنعت هوية مدينة استقطبت الفاتحين والغزاة والباحثين عن مجد ومغامرة وما زالت...!

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل