رسالة

 

العودة إلى صفحة الرسالة

الرسالة 59 ... الى ابي الاديب...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

في حديثك لجريدة الحياة (الثلاثاء 2/4/99) قلت : "وجهنا الدعوات لـ 124 عضوا ، ونتمنى مشاركة المعارضة في الاجتماع) ، واقول "هذا نهج ديمقراطي لابد من تكريسه ، فالمصير واحد، والقضية ، قضية فلسطين ، قضية الشعب الفلسطيني كله.

رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها

واليهود هم اليهود ، الذين قال الله فيهم "ام لهم نصيب من الملك فإذن لا يؤتون الناس نقيرا" ، والنقير -يا اخي وانت الاستاذ ذو الذوق الرفيع- في لغتنا ، المتذوق لكلام الله تعالى ، النقير ان هو الا الثقب الصغير جدا في ظهر نواة البلح، هم اليهود، هم نتنياهو الذي تقول فيه "نحن امام رئيس وزراء اسرائيلي داهية ، ومراوغ من الطراز الاول ، ويحاول ان يستفيد من كل شيء ، ولديه الجاهزية عند الاعلان عن الدولة ، ليستفيد من ذلك بكل الوسائل".

اخي الاستاذ ، اسألك وانت الخبير: من منهم لم يكن مراوغا؟ الم يقل فيهم سيدهم عبد الله بن سلام : انهم قوم بهت؟! ماذا فعل هنري مكماهون ، وحاييم وايزمان ، والياهو سامون، وبيجين ، وشامير، والثعلب الداهية بيرس، ماذا فعل روبنشتاين ، وسيد الشياطين دافيد بن غوريون ، انهم بلاء الشعوب، وآفتها ، اخي ان مواجهتهم تحتاج منا الى ما يلي:ـ

1ـ تحقيق سيادة القانون ، والتأكيد على ان الناس سواسية كأسنان المشط ، الضعيف فيهم قوي عند صاحب القرار حتى يأخذ الحق له، والقوي فيهم ضعيف حتى يأخذ الحق منه.

2ـ لا حصانة ولا كرامة لأي عابث بحرية المواطن، وأمنه ، فلا عبودية لأحد على أحد ، فلقد خلقنا الله احرارا ، الامر الذي يقوي بناءنا ، ويعزز صفنا بأحرار ، يأبون الضيم، ولا يطأطئون الرأس ، يحرصون على الموت حرص النتن على الحياة.

3ـ اغلاق ملف الاعتقال السياسي الى الابد ، فلا سجن ولا سجان لصاحب رأي مهما خالف او عارض ، فباضدادها تعرف الاشياء ، ولا يمكن الوصول الى (اصوب قرار بالنسبة لمصلحة شعبنا دون تحيز لأي من الاراء المطروحة..) الا باعطاء اعلى درجات الامن والامان لاصحاب الرأي ، ليشاركوا في تقليب الامور، وقدح زناد الفكر، لتحقيق المقصود، فالامر -يا اخي- جد خطير ، فأرضنا تبتلع ، ووجودنا مهدد ، وجذورها تقتلع ، حتى عظام موتانا (ما قبل 48) تجرفها احقادهم ، وتلقي بها على المزابل ، ويكفي ان اشير الى اول سطر في الحياة 20/4 الذي يقول "الشروع ببناء 61 الف وحدة استيطانية في القدس) ، (من اصل 120 الف وحدة جديدة سيتم بناؤها في الاراضي الفلسطينية التي تمت مصادرتها غرب القدس المحتلة).

ان اغلاق هذا الملف لابد ان يبدأ بإطلاق سراح احرار هذا الوطن النازف، اولئك الذين نذروا انفسهم للذود عنه، ولم يبالوا بسجن او اغتيال او ابعاد ، لابد من اطلاق سراح عبد العزيز الرنتيسي وابراهيم المقادمة وجمال منصور ، وصحبهم الكرام ، فهم ابناء هذا الوطن واحباؤه.

ان هذه الخطوة الهامة سيكون لها الاثر العظيم في الحفاظ على لم شمل الجسد الفلسطيني ، وتكامل فكره، وعقله ، الامر الذي يعزز لديه ثقته في نفسه ، فيحسب له ذلك الداهية المراوغ كل حساب.

4ـ لقد افلح عدونا في ان يكسر شوكتنا ، ولكنها الايام والايام دول، فلا نتعجل قدومها بمزيد من التنازل ، انه لتحد فصل ، وما هو بالهزل ، فشوكتنا سرعان ما ستنبت ، فجذورها ممتدة الى اعماق حقنا ، وستصل بنا الى فجر النصر. فما علينا الا ان نصبر ونصابر ونتقي الله. وبذلك -دون سواه- سيكون لنا الاستخلاف في الارض والتمكين ، ويبدلنا ربنا من بعد خوفنا امنا.

5ـ ان امريكا دولة ظالمة مكنت وتمكن ليهود على حساب وجودنا ، فلا نأمن لها ولا نسحر بكذبها ، وخداعها ، فهي دولة اولبرايت وكوهين وانديك ، اليهود ، فلا ننشيء معها اتفاقا على حساب حقوقنا ، ولنرفع شعار المقاومة ، والرفض ، فإن شعبنا اعطى ولم يبخل ، وشعب هذا عطاؤه لن يضيعه الله ابدا ، ابدا.

6ـ لضمان تحقيق افضل النتائج ، يتعين اغلاق اي نافذة لعبور التطبيع الى افئدتنا ، وعقولنا ، وثقافتنا، وتاريخنا، و.... مع يهود ... فصانعو سياستهم كذا يفعلون .. من المؤكد انك لاحظت خلو برامجهم الانتخابية من الحديث عن السلام ، برامجهم ، كل برامجهم ، اليمين واليسار والوسط ، هذا حديثهم .. لا فرق بين باراك والنتن ومردخاي ، لا فرق ابدا، القيد على معاصم اسرانا ، كلهم يسارع كالمساعير في اغراء المستوطنين بتوسيع المستوطنات ، وبناء المزيد، يدمرون بيوتنا في كل مكان ، اربعة منازل في بلدة العيسوية ، شرقي القدس المحتلة، وسلمت عشرات الاخطارات بهدم منازل اخرى في البلدة بذريعة عدم الترخيص ، اقتلعوا اشجار الزيتون ، والصفصاف ، وزرعوا الغرقد ، ان التطبيع يجعلنا نقبل وجودهم، وتاريخهم الزائف ، وثقافتهم، ونقبل فناءنا.

7ـ استنهاض هممنا وكسر الاقلام التي تحبطنا ، وطرد اليأس من قلوبنا ، وعدم الركون اليه اثناء سيرنا ولو لفنا الظلام ، فأشد ساعات الليل حلكة تلك التي يعقبها انبلاج الفجر ، انني على يقين ان لدى شعبنا من الطاقات والاشراقات ما لا حد له ، فليكتب عنها الكتّاب، ولتبرى لهم الاقلام ، ان نافذة (الحياة الثلاثاء 20/4) تكرس العجز فينا وتحبطنا ، تملؤنا يأسا ، ورعبا ، ووجلا ، كما تملؤنا خجلا ، هل صحيح ان الصور التي عرضها الكاتب شيء يشبه الكذب في حياتنا ، اخي ان هذا اللون يزرع في حياتنا الهزيمة ويملؤها تشاؤما.

8ـ فليتوقف -يا ابا الاديب- نشر الصور الفاضحة في صحافتنا لعارضات الازياء، ونجمات السينما الاباحية ، ليتوقف نشر العري الذي يُسلم اجساد ناشئتنا لسعار شهواني بهيمي حقير ، فيؤدي بهم الى فشل ، وتفسخ، ، وهدم ، وضياع.

9ـ ليأخذ اتحاد كتابنا دوره في تعزيز قيمنا ، وتراثنا ، ومنابع الرجولة فينا ، لا تعزيز قلة الادب، والتفاهة ، والانحلال بدعوى الواقعية ، ليتوقف سيل مجلات المجون والانحطاط عن التدفق الى صفوف شبابنا ومراهقينا ، لا يخفى عليك اخي بأن التغيير في الظاهر نتيجة حتمية لتغيير ، بل انقلاب ، يحدث في النفس ، والقلب والعقل، ان كان ايجابيا فايجابيا ، وان كان غير ذلك ايضا، "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

10ـ لتأخذ الجامعات دورها في تعزيز الانتماء لفلسطين: تاريخا ، وجغرافيا ، لا الى تكتل او فصيل ، نعم هي ضرورة الحياة الديمقراطية ، ولكن لنمارسها بلا هدم او هتك او طعن او تشكيك ، لنمارسها بحسن ظن منا بنا ، فهو العصمة ، لا بسوء ظن ، فذلك يوقعنا في ورطة لها اول ولن يكون لها اخر ، تجعل من قلوبنا بركا آسنة ، تحمل العفن والحقد والمرض. لنرتقي الى مستوى نزاهة القول والفعل ، لنمارس الدين على انه نصيحة ، وليتولى الامر الراشدون ، الذين يعملون بالقاعدة الذهبية "انت على خطأ ويحتمل ان يكون رأيك صوابا ، وانا على صواب ويحتمل ان يكون رأيي خطأ" ، لنفسح في صدورنا وعقولنا مكانا لفكرة الجامعة ، وحياة الجامعة ، وادب الجامعة.

11ـ لتتوقف مظاهر التبذل في اللباس والزينة ، وليأخذ المصلحون دورهم في ترشيد سلوكيات اولادنا ، وغرس معاني المدنية النظيفة ، المنتمية لفلسطين ، تراثا ، واصالة ، ومعاصرة ، والارتقاء بمعاني الشرف والحرية والفضيلة ، بما لا يحد من طموحهم ولا يجنح بهم الى استهتار او عبث، فالحرية مسئولية وضمان.

12ـ ليأخذ المجلس التشريعي دوره الطليعي في التقنين ، والمحاسبة ، والمراقبة ، وحماية الحريات ، وتحديد الصلاحيات ، والتزام الحيدة ، والنزاهة ، والالزام بتكافؤ الفرص ، والعدل.

13ـ واخيرا لننشيء اجيالنا على مناهج خلاقة ، مربية ، تعنى بالعقل والروح والنفس، تعنى بحقنا في وطننا ، وتربطنا بعالمينا العربي والاسلامي ، لنأخذه من منابعنا المعرفية ، والمعرفة الانسانية ، تعنى بتاريخنا الذي يعرفه علماؤنا الشرفاء ، لا الذي يحاول ان يمليه علينا اعداؤنا ، حتى نتمكن من ايجاد جيل النصر ، وانه لا محالة قادم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل