هيئة الرقابة العامة .. هل انتهى دورها؟

 

العودة إلى صفحة الرسالة

هيئة الرقابة العامة .. هل انتهى دورها؟

التقرير الثاني للهيئة بقي سرا لدى الرئيس عرفات

نواب من التشريعي / لم نطلع على اي تقرير بعد الاول .. وهناك تخوف من اثارة قضايا الفساد

كتب وسام عفيفة

اختفت هيئة الرقابة العامة ولم نعد نسمع عنها في وسائل الاعلام منذ قصة التقرير قبل ما يقرب من عامين، التقرير الذي اثار ضجة على المستوى المحلي والدولي واحتوى على احصائيات وتقارير، للتجاوزات المالية والادارية والقانونية التي ارتكبها الموظفون العموميون ، ومن بينهم الوزراء في مختلف المؤسسات الحكومية وحتى اليوم لم يظهر التقرير السنوي الثاني للهيئة لعام 97 وحسب مصادر المجلس التشريعي فإنه بقي طي الكتمان لدى الرئيس ، ويبدو انه خوفا من التداعيات التي حدثت في التقرير الاول بقي الثاني محتفظا بمعلوماته بين غلافيه فقط وآلية الاطلاع محددة بين الهيئة والرئيس عرفات.. ولكن السؤال الذي يبقى في الاذهان على ماذا يحتوي التقرير الثاني ، وهل تناول قضايا الفساد الاداري والحالي كسابقه .. على اي حال حاولنا ان نتابع هذا الموضوع مع الجهات المعنية.

**هيئة الرقابة.. هل تقوم بدورها؟

صدر القرار رقم 22/94 بانشاء هيئة الرقابة عقب قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وتشكيل اول حكومة عام 1994 كما صدر قانون هيئة الرقابة العامة رقم 17/95 بتاريخ 31/12/95 اي عقب انتخابات المجلس التشريعي مباشرة ، وقد نصت المادة 93 من مشروع القانون الاساسي الفلسطيني على ان ينشأ بقانون ديوان للرقابة والمالية الادارية على اجهزة السلطة كافة.

وقد نص قرار انشاء الهيئة على ان هيئة الرقابة العامة هي هيئة عامة ومستقلة تتبع رئيس السلطة الوطنية وتخضع لاشرافه المباشر ، وان هدفها الاساسي هو الرقابة على المال العام وضمان حسن استغلاله وتطوير السياسات والاجراءات الادارية وبالنسبة للجهات الخاضعة لرقابة الهيئة ، وكما ورد في تقرير هيئة الرقابة ، جميع وزارات السلطة والهيئات والمؤسسات العامة ووحدات الحكم المحلي ، بالاضافة الى المؤسسات الخاصة ذات التمويل او المساعدة من السلطة الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخاصة ، والشركات التي تساهم فيها السلطة او تلقى مساعدة من السلطة ، او اي جهات اخرى يطلب من الهيئة اجراء الرقابة عليها بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية ولا تختص بالرقابة على الاجهزة الامنية الفلسطينية .

وحسب التقرير السنوي الثالث للهيئة المستقلة لحقوق المواطن يلاحظ ان قانون هيئة الرقابة العامة استثنى المجلس التشريعي من اي دور في مجال الاطلاع على التقارير الصادرة عن الهيئة او في مجال الطلب من الهيئة اجراء الرقابة على جهة او ادارة ، كما ان القانون لم يورد اي نص يشير الى وجوب نشر تقارير هيئة الرقابة في الجريدة الرسمية ، الامر الذي يجعل تلك التقارير بعيدة عن رقابة الرأي العام بما تشتمل عليه من مؤسسات ووسائل ضاغطة .

ويؤخذ على القانون ايضاً انه لم يمنح هيئة الرقابة العامة صلاحيات الرقابة الشاملة اذ ان الاجهزة الامنية لا تخضع لرقابة الهيئة ، وبالتالي فإن جزءاً كبيراً من القطاع الحكومي تم استثناؤه من الرقابة ، فالامر يشكل تقريباً 40% من الجهاز الحكومي .

** اول نقد رسمي للفساد

وكان تقرير هيئة الرقابة الاول قد اثار ضجة وعلامات استفهام وهو اول نقد رسمي للفساد من داخل السلطة واثار صدوره ردود فعل ايجابية بين اوساط الشعب بسبب ما كشفه من مظاهر تسيب اداري واهدار للمال العام .

وكانت مصادر فلسطينية قد تحدثت ان خمسة وزراء طالهم تحقيق في فضيحة الفساد التي امرت السلطة باجراء التحقيق فيها ، وتوصل التحقيق الى انه اسيء استخدام 326 مليون دولار من الاموال العامة في العام 1996.

الا انه وبعد الاصداء التي خلفها التقرير خففت القيادة الفلسطينية من حجم الفساد والارقام التي تناولها التقرير في اشارة الى عدم توخيه الدقة في تقصي المعلومات والارقام ، وقد شكل الرئيس عرفات لجنة في يونيو للتحقيق في ما تضمنه تقرير الهيئة على ان تقدم تقريراً بعد شهر من بدء عملها .

واعتبرت القيادة الفلسطينية ان الاجهزة الاعلامية الاسرائيلية حاولت استغلال تقرير هيئة الرقابة .

واعترف رئيس الهيئة جرار القدوة في حينها من خلال تصريحاته في الصحف ان الهيئة تقدر الاموال التي تم تبديدها او اسيء استخدامها بنحو 326 مليون دولار خلال عام واحد بدءاً من كانون الثاني حتى كانون اول 1996 وان كل ورقة في التقرير تم اعدادها بشكل دقيق وموثوق ولا مجال للتراجع او التغيير .

كما اتهم اعضاء في المجلس التشريعي السلطة الفلسطينية بأنها تستخدم الاموال التي تجمعها من الضرائب في تغطية نفقات فيلات وسيارات للوزراء وكبار المسؤولين ، كما اعلن حينها وزير المالية محمد زهدي النشاشيبي ان عدة شركات في الضفة الغربية وقطاع غزة لم تدفع ضرائب وان هناك حاجة لاجراء بعض الاصلاحات في وزارات السلطة الفلسطينية .

ورغم ما اثاره التقرير الاول لهيئة الرقابة من ضغوط باتجاه احداث الاصلاح الا انه لم تظهر نتائج واضحة في هذا الشأن وحتى اليوم بقي ملف التقرير مفتوحاً لدى المجلس التشريعي وتمت التغطية على العديد من القضايا والشخصيات ، وظهر تراجع في الحديث عن الفساد حيث خرج مدير عام هيئة الرقابة بتصريح للصحف يقول فيه ان ما اشيع حول وجود اختلاسات واهدار للمال العام ما هي الا معلومات غير دقيقة وغير موضوعية حيث اعتمدت على منهجية غير صحيحة معتبراً ان المعلومات في التقرير لا تشير قطعاً الى وجود متهمين او متورطين او سرقات او نهب للمال العام وانما اورد ارقاماً ومعطيات لم يتم توخي الدقة المحاسبية والموضوعية السليمة والاسس العلمية الحسابية التي على ضوء نتائجها نستيطع الوصول للحقائق الموضوعية والعلمية .

** التقرير الثاني

وقد اوصت الهيئة المستقلة في تقريرها السنوي الرابع بضرورة تفعيل دور هيئة الرقابة العامة وتعزيز استقلالها بحيث تقوم باصدار تقاريرها بشكل دوري .

وجاء في تقرير الهيئة المستقلة ان التقرير الاول للهيئة العامة يخلط بشكل واضح بين مفاهيم الفساد والاهمال الاداري والخلل والخطأ . فالتقرير يضم جميع هذه الامور تحت بند واحد يطلق عليه عامة >فساد اداري< ومع ان كل هذه المفاهيم تصب في خانة سلبية الاداء الا انها ذات درجات مختلفة على سلم السلبيات ولها معالجات مختلفة عن بعضها .

الا ان الهيئة المستقلة اشارت ان التقرير نجح في احداث حالة من الاستنفار اللازم لاجراء عملية اصلاح جدي كان ينبغي الاستفادة القصوى منها ، جنباً الى جنب مع التصدي للنتائج والاخطار المحتملة كما واتاح التقرير فرصة قد لا تتكرر ، لاجتثاث الاخطاء بدعم شعبي كامل قبل ان تتعمق تحالفات اصحاب المصالح الى درجة يصعب ، ان لم يتعذر معها ، مواجهتها .

واعتبرت الهيئة صدور التقرير في حد ذاته انجازا كبيرا وخطوة اولى ليس للمراقبة والمحاسبة فقط وانما لانتهاج سياسة الرقابة والمكاشفة في المستقبل ايضاً .

وعلى ضوء ذلك يبرز السؤال حول التقرير السنوي الثاني لهيئة الرقابة لعام 97 ولماذا لم ينشر حتي الان بشكل علني كما حدث في التقرير الاول وكما هو متعارف عليه في الدول التي تصدر تقارير " مراقب الدولة "ومن المفترض ان يباشر العمل في التقرير الثالث .

من جانبه قال النائب كمال الشرافي رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي ان هيئة الرقابة العامة لازالت تعمل ، ولكن حسب القانون المعمول به الآن مفروض ان تقوم الهيئة بتقديم التقرير لرئيس السلطة التنفيذية ، ونحن من جانبنا نعمل على تعديل القانون بحيث تقدم نسخة للمجلس التشريعي ، ونحن بصدد اتخاذ قانون جديد من اجل ضبط آلية التعامل طالما الهدف واحد وهو المحافظة على المصلحة العامة وسنقوم باعادة مناقشة قانون هيئة الرقابة .

واضاف الشرافي : >اعتقد ان الهيئة لن تقوم بتقديم التقرير الثاني للمجلس التشريعي لذا بادرنا بمناقشة قانون الهيئة .

وتعتقد جميلة صيدم ان النقد الذي وجه لهيئة الرقابة بعد صدور التقرير الاول ترك لديهم احباطا مشيرة انه لا توجد علاقة مباشرة او تنسيق بين المجلس التشريعي والهيئة .

واضاف ان مهام الهيئة واضحة ولكنها غير مزاولة وربما ذلك بسبب خلل داخلي مشيرة انه منذ التقرير ا لاول لم يتم تقديم اي تقرير للتشريعي وكان يجب ان تقدم التقارير بشكل دوري .. ونحن نعتبر ذلك من باب الحرص على المصلحة العامة ، وقالت : طالبنا بعقد اجتماع مع رئىس الهيئة قبل العيد ومن المفروض عقد اجتماع خلال هذه الايام لان لدينا العديد من الملاحظات والاسئلة بعد صدور التقرير الاول .

*** سلسلة تقارير ... بدون اصلاح

وفي نفس السياق اعتبر النائب رأفت النجار انه ضمن السياسة العامة بعد صدور التقرير الاول اخذ الرئىس على عاتقه ان الاطلاع على التقرير يخص الوزارة والرئىس فقط ، وحتي الوزارة لم تطلع على التقرير وبقي في مكتب الرئىس ، مشيرا الى ان ذلك غير قانوني وغير سليم .

واضاف نحن من جانبنا طلبنا من هيئة الرقابة الاطلاع على التقرير الثاني ، ولكنهم اخبرونا ان الجهة المكلفة بذلك الرئىس ، لانه مسئولهم حسب النظام المعمول به .

ويؤكد النجار انه بسبب ما اثاره التقرير الاول في السلطة التنفيذية لا يريدون زوبعة جديدة حول قضايا الرقابة ، ومن المتوقع ان يكون التقرير الثاني قد تطرق الى الفساد المالي والاداري وخصوصا انه لم يعالج التقرير الاول الذي شكل التشريعي لجنة للتحقيق فيه ، وخرجت اللجنة بتقرير ثان بناء على دراسة تقرير هيئة الرقابة ، وهذا التقرير لم ينشر بشكل واسع وكان يتطرق الى نواحي فساد مالي ، ويوصي باحالة اشخاص منهم وزراء للنيابة العامة والمحاكمة الا ان التقرير اثار حفيظة الرئىس عرفات ، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة ثالثة مشتركة بين التنفيذية والتشريعي ، وحسب ما سمعته من اعضاء التشريعي ، كانت النتائج اكثر خطورة في التقرير الثالث الذي سلم للرئىس ، ولم يقدم للتشريعي وكان يتضمن توصيات بتقديم اشخاص للنائب العام لادانتهم ويعتقد النائب النجار ان الواقع يشير ان اعداد التقارير اصبح فقط للحديث عن تقارير دون معالجة او محاسبة .

** هيئة الرقابة والتشريعي

واشار النائب الشرافي انه من الطبيعي بعد ما اثاره التقرير الاول ان لا تقدم الهيئة تقريرها الثاني للتشريعي او ينشر في الصحف .. وهذا يؤثر على مبدأ المساءلة العلنية ، واضاف هناك خطوات تهدف للتنسيق مع هيئة الرقابة من اجل التكامل في الاداء ، ونحن نسعى الى تطوير دور واداء الهيئة .

وحول خطوات التشريعي بعد مناقشة التقرير الاول قال الشرافي ، نحن لسنا جهة تنفيذية وقد اصدرنا تقريرا ضمن صلاحياتنا وعلى القضاء متابعة التقرير ونحن كمؤسسة لا زلنا نطالب ونضغط من اجل تقديم من ثبتت ادانته للمحاكمة وعامل الزمن لا يلغي او يسقط العقاب عن اي مواطن .

هذا وقد رفضت هيئة الرقابة العامة ومسؤولها جرار القدوة التعقيب على الموضوع باعتبار ان الوقت غير مناسب للخوض في هذا الموضوع ونحن على ابواب الرابع من ايار موعد اعلان الدولة الفلسطينية .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل