من شوارع الوطن

بقلم : صلاح البردويل

العودة إلى صفحة الرسالة

دعوة الشعبي لاغية!!

رن جرس الباب.. تناول الاستاذ انور الرسالة المغلقة باستغراب ...

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ/ الاستاذ انور الشعبي ... حفظه الله

تحية الوطن والدولة المستقلة وبعد،،،

يسرّ المنتدى الوطني دعوتكم للمشاركة في النقاش الذي سيدور بشأن تأجيل الاعلان عن الدولة ، مع العلم انه سيحضر اللقاء عدد من الشخصيات الهامة، يرجى ابراز البطاقة عند الدخول..

قرأ الاستاذ انور الرسالة عدة مرّات محاولا السيطرة على مشاعر الذهول التي اصابته ، فقد تأكد له بما لا يدع مجالا للشك بعد هذا الاهمال ان رأيه لا قيمة له ، حيث كان اخر خطاب له يلقيه امام جمع من الناس في تأبين احد الشهداء اواخر عام 1993 ...

لكن هذا الاستغراب لم يمنعه من استعادة الشعور بالثقة في قدراته الفكرية والخطابية .. فهو معلم الاجيال وهو الشخصية الوطنية البارزة وهو محبوب الجماهير .. وهو ابن التنظيم واحد مؤسسيه كما يقول.

ولكي يكتشف الاستاذ انور ذاته جيدا وقف امام المرآة المشروخة على باب دولابه المتراقص واخذ يقلب صفحات وجهه المجهد وشعره المنفوش وجسده المهدود ، ثم يغوص الى الذاكرة يستخرج منها صور الشباب وعنفوانه وثورته ويستدعي المواقف والمواقع ، الامر الذي قد يساعد على تصيحيح ما شوهته المرآة ، فبدا واثقا من جماله وجلاله ، ولم يبق امامه الا ان يستعد للحظة الحاسمة التي يعبر فيها عن موقفه التاريخي من الدولة وينفس عمّا في داخله من كبت مخيف.

آن لك يا استاذ انور ان تقول كلمتك بعدما عجز الاخرون عن قول الكلمة الحاسمة ... آن لك ان تكون شاهدا على نهاية مرحلة المفاوضات والتنازلات .. آن لك ايها الفارس القديم ان تترجل .. لقد طلبوا منك ذلك بأنفسهم .. لقد جاء دورك يا فجر .. واخذ يردد ابيات الشعر التي طالما احبها وكتبها على سبورة كل الفصول التي علّم فيها.

يا ظلام السجن خيّم

انني اهوى الظلاما

ليس بعد الليل الا

نور فجر يتسامى

انهمك الاستاذ انور في الاستعداد ليوم اللقاء .. فقد جاءت اللحظة التي اعترفوا فيها به .. كما اعترف شدّاد بعنترة !! واخذ يقلب الملابس المعلقة في الدولاب حتى اهتدى للبدلة التي اشتراها مؤخرا من البالة والتي شهد له صاحبه الاعمص بأنها افضل من بدل المعارض .. وحلف له بالطلاق بعدما تحسسها بأصابعه الناشفة انها "بوية بلادها" .. وبعد ان لبس البدلة اعاد توزيع ما تبقى من شعره على المناطق المقفرة من رأسه واخذ يمرن وجهه على مجموعة من التقاطيع حتى تبدو ابتسامته عريضة حينما تستقبله الجماهير بالهتاف والتصفيق .. وشرع بالفعل في القاء الكلمة والجماهير تصفق وهو يرفع يده ماسحا على الهواء الذي يعلو الرؤوس ملتمسا منهم التوقف حتى يستطيع اكمال خطابه..

ايها الاخوة الحضور.. ها قد جاء دورنا .. دور الجماهير لتقول كلمتها الفصل في كل ما يدور .. ها قد انتهى عهد المفاوضات الى الابد .. وليعلم الصهاينة اننا مددنا يدنا للسلام ولكن هناك حدود .. آن لهم ان يفهموا ان حقنا في الاعلان عن دولة حق مقدس .. لا مجال للتراجع ابدا وليشربوا ماء البحر.. ايتها الجماهير.. الانتفاضة قادمة لا محالة .. سننتصر .. سننتصر .. سننتصر..

توقف الاستاذ انور قليلا تاركا المجال لتصفيق الجماهير وهتافاتها التي اختلطت باصوات طرقات متتابعة ظن انها طلقات البنادق .. لكن اندماجه في الدور لم يمنعه من ان يكتشف ان هناك طرقا شديدا على باب البيت فاستأذن من الجماهير الجالسة في المرآة المشروخة ليفتح الباب ..

- الاستاذ انور الشعبي؟

ـ نعم ..

- نأسف على الازعاج ، ولكن يبدو ان هناك خللا حدث في توزيع الدعوات ، وصلتك دعوة ليست لك ، وانما هي للاستاذ انور ابن عمك.. عفوا على الازعاج .. يمكنك اعادة الدعوة.. وباي باي يا شعبي.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل