لافتــــــــــــــات

محسن الافرنجي

العودة إلى صفحة الرسالة

مواطنون لا مغتربون

ينتابك شيء من الحزن والحسرة الممزوجة بالامل وانت ترى جموعا من المواطنين الفلسطينيين المغتربين وليس المغتربين الفلسطينيين  كما نسميهم يعودون الى ربوع واحضان وطنهم  ولو لايام معدودة للمشاركة في "المؤتمر الثالث للمغتربين الفلسطينيين" المنعقد بغزة والخليل .

طاقات بشرية علمية وفكرية ، ثقافية وتربوية، اقتصادية وسياسية صنعت امجادا وساهمت في بناء دول وأثرت مجالات العلم والفكر والسياسة تبعثرت هنا وهناك على شكل جاليات وتجمعات في شتى اصقاع العالم ولكن بقي رابط الوطن ينبض في عروقهم ماثلا امامهم  لانهم جزء من اسرة فلسطينية واحدة لم تفقدها كل الاضواء اصالتها ... 

لكن ثمة اشكالية تبرز في العلاقة بين هؤلاء المواطنين المغتربين الذين يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين وبين السلطة الفلسطينية  ، تتركز في اختزال دورهم الى مجرد رأسماليين يدفعون ويساهمون فقط في بناء الاقتصاد .. حتى اننا لا نكاد نسمع عن جالياتنا واوضاعها في الخارج الا  عند ذكر المشروعات والاستثمارات ولا نسمع من السلطة الا خطابا واحدا نحوهم يطالبهم بالمساعدة ويشجعهم على الاستثمار وفي المقابل يستثنيهم من المشاركة الفاعلة والاندماج الحقيقي مع قضايا الوطن والمواطنين ..

المساهمة في اعمار الوطن من قبل المواطنين المغتربين واجب وحق مقدس ليس منّة او استجداء ، ولكن أليس من حقهم ايضاً ان يشعروا بالتواصل مع وطنهم وبالمشاركة الحقيقية في صنع القرار ورسم السياسات ووضع الخطط والقوانين واستشراف المستقبل واعداد الدراسات المتخصصة واين هؤلاء المواطنون المغتربون مما  يجري على ارض الواقع داخل فلسطين؟!

وهل تمت الاستفادة من خبرائنا ومفكرينا  في المجالات المختلفة ؟ هل تمت استشارتهم ؟ وهل تضع السلطة اعتبارا لثقلهم ومكانتهم في دولهم المضيفة وهل تناست دورهم في اصلاح علاقات م.ت.ف مع العديد من الحكومات العربية على وجه التحديد ؟!

ان الجاليات الفلسطينية في الخارج ورجال الاعمال بمثابة رأس مالنا الثقافي والعلمي والفكري وليس رأس مال ماديا فحسب ، ان التركيز على اقامة مشروعات اقتصادية في ظل مناخ استثماري غير مشجع واستقرار سياسي منعدم واوضاع غاية في التعقيد هو تضييع للفرص وقتل  للهمم .. فنحن بحاجة الى اخواننا وتخصصاتهم وابداعاتهم ومساهماتهم و"جيوبهم" بعد ذلك  ..

احد الباحثين الفلسطينيين المغتربين يقول : "ان هذه النخبة تشعر بالمرارة لعدم طلب السلطة الوطنية  مشورتها حتى في الامور الاكثر اقتصادية كالتعرفة الجمركية وقوانين الاستيراد والتصدير ، لذا يميل معظم رجال الاعمال الى احد موقفين : موقف من لا ينتظر من السلطة الوطنية لا ار      ضا ولا سوقا ولا حتى ضمانات مالية بل فقط ديمقراطية للمجتمع ولا مركزية لهيئات اتخاذ القرار ، وموقف من هم واعون بأن الوقت لم يحن بعد لمحاسبة السلطة الوطنية فيما يتعلق بالامور العامة  ولا حتى  في تفاصيل عملية السلام .

لدينا جماعات تحتاج الى مزيد من الخبراء والمتخصصين واشكال الدعم المختلفة ، لدينا اسر الشهداء والجرحى والمعتقلين والمعاقين ، لدينا انوية لمؤسسات تنتظر من يتبناها لتفعيل دورها ، لدينا العديد من الامور  التي يمكن  انجازها بعيدا عن مخاوف الاستثمار والتي هي اصل من اصول البناء الوطني وبدلاً من ان نعقد توأمة مع جامعات ومؤسسات ومدن غربية فلنؤكد على معاني التوأمة الحقيقية مع اخواننا المغتربين الذين يتعرضون لمؤامرات تستهدف النيل من عزمهم وثقافتهم ووطنيتهم واخلاقهم ودينهم ...

والوطن كما يصفه صاحب "اللافتات" :

وطني : (انا)

ما بين خفق في الفؤاد

وصفحة تحت المداد

وكلمة فوق اللسان

وطني انا : حريتي .. ليس التراب او المباني

انا لا ادافع عن كيان حجارة

لكن ادافع عن كياني !!

 

 

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل