لا للتضييق على المؤسسات غير الحكومية

نهاد الشيخ خليل

العودة إلى صفحة الرسالة

فجأة  وبسبب  تقرير  صحفي  نشرته  وكالة الانباء  الفرنسية ( الذي تبين  فيما بعد  انه غير  دقيق  كما ذكر راديو فلسطين )  اشهرت  السلطة  الفلسطينية   سيفها  على المنظمات  الاهلية   او غير الحكومية  الفلسطينية  ،  واتهمتها  بالعمل  بطريقة  لا تخدم  المصلحة  الفلسطينية  وكان تركيز هجوم  السلطة  على مؤسسات حقوق الانسان  بحجة  انها تتلقى  دعما  اجنبيا  بدون  اشراف  السلطة ،  وتكتب  تقارير  تضر بالمصلحة  الفلسطينية  ( حسب وجهة نظر  السلطة )  . كذلك  ورد  على السنة  المسؤولين  في السلطة  ان هذه  المؤسسات  تنقصها  الشفافية  ، وتتصرف  بالاموال  بطريقة  غير  سليمة  وان بعض  مسؤوليها  اصبحو  من اصحاب رؤوس الاموال  .

اذا  التهم  التي توجهها السلطة للمؤسسات   غير الحكومية (  وهي حتى  هذه اللحظة  ادعاءات  لا تستند  الى دليل )  هي  تلقي  دعم  اجنبي  بدون  علم السلطة  ، وفساد  في  صرف  الاموال  ، وكتابة  تقارير  تسيء  الشعب  الفلسطيني  . وترى السلطة  ان حل   هذه المشكلة  يكون   من خلال  سن  قانون (  حازم وصارم )  حسب  رأي  المسؤولين  لقطع  دابر الفساد  في هذه المؤسسات  .

الغريب ان السلطة  تثير  علامة استفهام  حول تلقي  الدعم  الاجنبي  واستهدافات  هذا الدعم  ،  من حيث   المبدأ  فانني  ادعو  السلطة  الى التوقف  عن تلقي  المساعدات  الاجنبية  وان تقتصر  في تلقي  الدعم  على  الدول العربية  والاسلامية  ، ويمكن  عن طريق   اتباع  سياسة  تقشف  وترشيد  المصاريف  الاكتفاء  بالموارد  المحلية  والدعم  العربي  والاسلامي  ، هذا  من حيث  المبدأ  ، لكن  اذا كانت  السلطة قد اقرت  قبول  الدعم الاجنبي ( وبالمناسبة  فكل  الدعم  الجنبي  غير خالي   من اهداف سياسية )  فيجب  الا تمنع  احدا  من تلقيه  طالما  ان نشاطات  هذه الجهات  علنية  ومكشوفة  وحساباتها فوق الطاولة  وشهادة   حق  نؤديها  عندما  نقول  ان بعض  هذه  المؤسسات  تنشر  تقاريرها  الادارية والمالية   في الصحف  وهذا عمل  تستحق  عليه كل الاحترام .

اما بخصوص  الفساد  الاداري  والمالي  وعدم  الشفافية  وعدم  الخضوع  للرقابة  والمحاسبة  ، فهذا  مصدر  اخر  للغرابة  والدهشة  والاستعجاب  ! فالسلطة  ومنذ  صدور  تقرير  هيئة  الرقابة  الشهير  لم تحاسب  احدا  من الذين  وردت  اسماؤهم  في هذا التقرير  ، ولم تقم  بعملية  الاصلاح  التي تطلعت  اليها كل  فئات  الشعب الفلسطيني  ، والسلطة  لازالت  تعمل  دون  الخضوع  لمعايير  واضحة  بخصوص  الميزانية  ، فلا احد  يعرف  حجم  ايراداتها  ، وكذلك  نفقاتها  ، وما ورد  في صحيفة  الحياة الجديدة  مطلع هذا  الاسبوع  على لسان  د. عزمي  الشعيبي  بشأن  الميزانية  وما فيها  من تجاوزات   يتطلب  اكثر من   محاسبة  وتدقيق  . وكذلك   ما ذكره  وزير  الصحة  بشأن التأخر في  تحويل الاموال  لوزارته   يدل على  عدم انضباط  في سلوك  السلطة  وانفاقها وكذلك  يشير  الى وجود  لا مبالاة تجاه قضايا  المواطنين  ، والغرابة  هنا ان السلطة   بدلا من  ان تقوم  بعملية  الاصلاح  الحقيقي   والجاد   والذي هو  مطلب  شعبي   وجماهيري   ، تقوم  بتوجيه  تهم  الفساد  وسوء  الادارة  لغيرها  .

وبشأن  القانون  ( الحازم  والصارم )   الذي  تنوي  اللجنة  الوزارية  الخاصة  اعداده   خلال اسبوع  ، فللحق   والحقيقة   ان بعض  هذه المؤسسات  بذل  جهودا  كبيرة  لكي تخضع  المؤسسات  الاهلية  ونشاطاتها  لقانون  واحد  معقول  ومنطقي  ،  فالسلطة   منذ البداية  لم تحدد  جهة واحدة  للتعامل  مع هذه المؤسسات   وتنازعت  وزارات   السلطة  الصلاحيات  بشأن  الاشراف  واعطاء  التراخيص  لهذه المؤسسات  ، وفي النهاية  وبتعاون بين الموسسات  الاهلية   والمجلس التشريعي  تم بلورة   قانون  جيد للموسسات  الاهلية  انجز  بالقرارات   الثلاث  في التشريعي ،  الا انه لم تتم   المصادقة  عليه  ووضع  على الرف  ، وبعدها   تشتكي السلطة  من ان هذه  المؤسسات  لا تعمل  وفق القانون  ، ويبدأون   القانون  الذي تريده  السلطة  عبارة  عن اجراءات  ادارية  تقلص   هوامش  الحركة  والعمل  امام  هذه المنظمات  ، وليس  قانونا  متوازنا  يفسح المجال  للناس  في ان  يتجمعوا  وينشطوا  لخدمة المجتمع  بدون قيود  مع  كفالة  كاملة  لحقوقهم  .

وفي الختام  نقول :  لا للتضييق  على المؤسسات   الاهلية  وخاصة  مؤسسات حقوق الانسان  ، ونعم  لخضوع  مجمل  الحياة الفلسطينية  السياسية  والاقتصادية  والاجتماعية  لسيادة القانون  الذي يسري  علي الجميع  بالتساوي  نعم  للمحاسبة   ولكن  في قاعات  المحاكم وليس من خلال  الاجراءات  الادارية  والسياسية  ،  وحينها  ستتوقف  تقارير  انتهاكات  حقوق  الانسان  لان الانتهاكات  نفسها  تكون قد  توقفت  .

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل