"حرب باردة" بين السلطة والمنظمات الاهلية !!

العودة إلى صفحة الرسالة

الصوراني : نحن فوق التهم الرخيصة والفساد معروف من يمارسه

السراج : الاموال التي نحصل عليها غير مشروطة .. والسلطة عاجزة وتخشى من نقد المنظمات

منسقة المنظمات : اعتماد المنظمات على نفسها صعب والسلطة لا تحاسب من يروج للتطبيع

اسعد : 07% من اموال المنظمات تذهب للمصاريف الادارية والرواتب

بعض المؤسسات يفصّل نشاطه حسب رغبة الممول

التشريعي : الرئيس رفض ان تكون "العدل" مسؤولة عن المنظمات

الوزير شاهين : بعضها يخدم اعداءنا ويتعامل مع اجهزة مشبوهة

دوافع بعض المانحين ترسيخ عملية  التطبيع السياسي والفكري والاقتصادي مع اسرائيل

الرسالة  / وسام  عفيفة  واعتدال قنيطة 

شنت السلطة  الفلسطينية  خلال الشهر  الاخير  حملة  ضد المنظمات  الاهلية  وتبادل الطرفان  الاتهامات  التي تركزت  في مجملها  حول  قضايا الدعم  والتمويل  المالي  ومصادره ومدى  التبعية  للاملاءات  والشروط  الاجنبية . ويمكن القول  ان لغة  الحوار  في هذا الجانب  كانت لغة  الشك والطعن  ، بينما  ركزت  السلطة  في فضحها   لممارسات الجمعيات  الاهلية  علي منظمات  حقوق الانسان   بالدرجة  الاولى  في حين  اتهمت  الاخيرة  السلطة  بخلق المبررات  للتغطية  على عجزها  وانتهاكاتها  للقانون وحقوق  الانسان  ومظاهر  الفساد  ومن الواضح  ان عدد  المنظمات  الاهلية  كبير  ويقدر اليوم  بــ 1800  منظمة اهلية  تتوزع  على مجالات   حقوق الانسان   وشئون المرأة  والتنمية  والصحة  والتعليم  والطفولة  وتطوير  الريف  وقد اشارت تقديرات للبنك   الدولي  ان  ما قيمته  200 مليون  دولار  كانت  تصل  الى هذه   المؤسسات  سنويا  منذ مطلع  التسعينات  الا انه تراجع  بعد توقيع  اتفاقية  اوسلو الى نحو  90 مليون   دولار  واستقر  عام  96 الى 60  مليون  دولار سنويا  .

وعلى ضوء  هذه المعطيات  فتحت  السلطة النار  على المنظمات   الاهلية   ،نشبت  ازمة  ونزاع  بين الطرفين  ...  " الرسالة"  تابعت  هذه القضية  بكافة  جوانبها  واطرافها  .

***  السلطة  اطلقت  الشرارة 

اولا  من اطلق  شرارة  الهجمة  كانت  وزارة  العدل  من خلال  تصريح  للوزير  فريح  ابو مدين  الذي  وجه فيه انتقادات  واتهامات  شديدة  حول  تنظيم  عمل المنظمات  غير الحكومية  ومنها  منظمات  حقوق الانسان  مشيرا  الى ان هذه  المنظمات  لها طابع  سياسي  لا يخدم  المصلحة  الفلسطينية وذلك في  معرض تعقيبه  على التقرير  الذي نشره  مكتب  المنسق  الخاص  للامم  المتحدة  وقال  ان وزارة  العدل  لم تتلق  سوى مليوني  دولار  فقط  من اجمالي  المبلغ  الذي ذكره التقرير وهو 100 مليون  دولار  الذي  قدمته  الهيئات  الدولية  لوزارة  العدل   للنهوض  بالجهاز القضائى  الفلسطيني  .

وفي الوقت نفسه انتقد عبد العزيز شاهين  وزير  التموين  المنظمات الاهلية الفلسطينية  التي حصلت على  اموال من دول اجنبية  مخصصة  للشعب الفلسطيني   تم انفاقها  على القائمين  على هذه المنظمات  الذين يتقاضى  معظمهم راتبا  شهريا  يزيد  على اربعة  الاف  دولار   جاء ذلك خلال  محاضرة  القاها شاهين  في المقر  العام  لهيئة  التوجيه  السياسي  . كما اشار الى ان مسئولي  هذه المنظمات  في غزة   يتقاضون  راتبا شهريا   يصل الى  11 الف  دولار وحصل  في العام الماضي  على مبلغ  35   الف دولار  كمصروفات  شخصية له  .

وقال ان المنظمات  الاهلية  استنزفت  خلال  العام الماضي  72  مليون  دولا ر من الدول المانحة  وان بعض  القائمين  عليها  ينفذون  سياسات  تخدم  اعداءنا  وتتعامل  مع اجهزة  مشبوهة دون ان يحدد مصدرا لهذه المعلومات ، من جهة اخرى اشار  د.اياد السراج   مفوض عام  الهيئة المستقلة  لحقوق الانسان  ومدير برنامج  غزة للصحة النفسية   الى ان  الدعم  والاموال  ليست  القضية  الاساسية   لان هناك  منظمات  اهلية  عديدة   غنية  وتصرف  اموال طائلة تدعمها السلطة   نفسها  وقال : الموضوع  في حملة  السلطة  يتعلق  بالمنظمات  العاملة   في مجال  حقوق الانسان  وهناك  تركيز عليها  ، وانا لا استطيع  ان ادافع  عن كل  المنظمات  ولكنني  ادافع  عن المبدأ  بضرورة  ان يكون هناك  منظمات  مجتمع  مدني  فاعلة  وقوية  لديها شفافية  وهذا  يجب  ان يتم  من خلال  قانون يضمن عمل وحرية   هذه المنظمات  ، وان  تكون  الخدمات  التي  تقدمها  نوعية   وذات   اهمية  وتصب في  مصلحة   المواطن  وان لا يكون  هناك  سوء  استعمال  للاموال  الاجنبية  للاغراض  الاجنبية  وهذه  نقاط  نتفق عليها  جميعا  .

واضاف : ان الحملة التي ظهرت في الآونة الاخيرة  هي نتيجة احساس  هيئات  السلطة  بعدم  الامان  والخوف  من نشاط  منظمات  حقوق  الانسان ، وبدلا  من مكاشفة   انفسهم  بحقائق  الامور  يلقوا التهمة  على منظمات  حقوق الانسان  وكأن   هذه المنظمات  هي السبب  في تدهور  القضاء والقانون  في حين  ان السلطة  واجهزتها   المختلفة  هي السبب  في ذلك   من خلال  عدم  تطبيق  القوانين  وقرارات   المحاكم  والاعتقالات  التعسفية   والتعذيب  في السجون  والاعتقال  على خلفية  سياسية   واضاف  السراج :   انه يمكن  القول  ان التحسن  الذي طرأ  على اوضاع  حقوق الانسان  في مناطق  السلطة  هو نتيجة  مباشرة  لوجود  منظمات  حقوق الانسان  .

ومن جانبه قال راجي الصوراني  مدير المركز الفلسطيني   لحقوق  الانسان  :  ان هناك  حالة  من الاستغراب   شديدة   لتوقيت  هذه الهجمة  من قبل  بعض الوزراء والمتنفذين  في السلطة  الفلسطينية  وبدل  ان  يشغلوا انفسهم  بالقضايا  الهامة  والجادة  والجوهرية  تجر منظمات  حقوق  الانسان  والاهلية  الى معارك   بالتأكيد   لا تخدم   باي شكل  المصلحة  الوطنية  العليا  ، وقال :  قادة ومسئولي   منظمات  حقوق  الانسان  ليسوا  "فطرا "،ولكن جذورهم  راسخة  في الارض  وليس حيدر عبد الشافي  او مصطفى  البرغوثي  او  راجي الصوراني  ممن  يقذفون  برخص ذممهم   المالية  والطعن  في وطنيتهم  .

 

- حسن خريشة رئىس هيئة الرقابة وحقوق الانسان في المجلس التشريعي

قال  : الضجة الاعلامية  حول  هذا الموضوع  والتي تقف ورءاها  السلطة ليس  لها  مبرر  ، ونحن نبهنا  منذ زمن الى ضرورة  التكامل  في عمل  المنظمات  الاهلية  مع السلطة الفلسطينية  كي يدعم الطرفان  بعضها  بعضا !! ، وقد  تم اقرار قانون  الجمعيات الاهلية  والمطلوب  فقط التقيد  بما جاء  في هذا  القانون  .. بالاضافة  الى اننا  نسعى  الى وجود   رقابة  على هذه  المؤسسات  من خلال  رقابة  ذاتية  في المؤسسات  اولا بالاضافة  الى هيئة   الرقابة  العامة  وتفعيل  دورها  وبالتالي  لسنا  بحاجة  للضجيج الاعلامي الحالي  .

**اتهامات متبادلة بالفساد المالي

الحديث يدور في جانب السلطة عن اغتناء عدد كبير من الجمعيات الاهلية وامتلاكها لعقارات واراض وشركات وتشير المعلومات حسب مصادر السلطة الى ان مئات ملايين الدولارات تصل سنويا الى حسابات هذه الجمعيات الاهلية وان هذه الحسابات لاتخضع لرقابة سوى رقابة الجهات المانحة.

وحول هذ الاتهامات قال الصوراني توجد في المنظمات شفافية ومحاسبة وهي ليست كهوف بل مفتوحة بنشاطاتها وتصدر تقاريرها بصورة منتظمة توضح مصادرها المالية والنشاطات ومصادر تمويلها ، وهذه لم تختلف في فترة الاحتلال عنه الان .

واضاف : نحن لسنا في معرض الدفاع عن الذات لان الفساد معروف رسميا اين هو ويحدده تقرير هيئة الرقابة وتقرير المجلس التشريعي يتناول ذلك بوضوح.

يذكر ان مجلس ادارة البنك الدولي صادق في شهر يوليو 1997 على تخصيص منحة قيمتها 10 ملايين دولار لاقامة صندوق لدعم المنظمات غير الحكومية العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة تديره هيئة مستقلة بعيدا عن أي تدخل من الحكومة في المنطقة بأسرها ، ومؤسسة التعاون التي اقامها اثرياء فلسطينيون وتتخذ من جنيف مقرا لها بالاشتراك مع المجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة المساعدات الخيرية البريطانية.

واوضح د. السراج انه في مجال التمويل فإن الوضع المثالي يجب ان تقوم الدولة بتمويل هذه المنظمات المدنية من اموال الضرائب مثلا وجمع التبرعات ولانه لا توجد مصادر للاموال لدى السلطة او المجتمع . من هنا كان الاعتماد على مخصصات الدول المانحة للشعب الفلسطيني على مدار سنوات طويلة.

وحول قضايا الدعم والتمويل اشار خريشة الى ان اي تمويل خارجي يضعف العمل نفسه ومنظمات حقوق الانسان عملت في الماضي بشكل رئيسي ضد ممارسات الاحتلال في ظروف قاسية وصعبة ، وكذلك في المرحلة الانتقالية وفي ظل الضغط والممارسات الخارجية على السلطة .. وبالتالي فإن التمويل له دور احياناً في صناعة قرار ما، ويظهر ذلك في العديد من النماذج فمثلاً لماذا تصرف الدول المانحة الاموال على مجال تنظيم الاسرة لدى الشعب الفلسطيني فقط؟  ولماذا لا يصرفون على هذه القضية لدى الاسرائيليين او في دول اخرى؟ ، وهذا جانب نضع علامة استفهام عليه ، كذلك في مجال حقوق الانسان فإن سبب انتهاك هذه الحقوق هي الضغوط الامريكية والغربية على السلطة اولا، والدول الاوروبية التي لم توفر ملجأ للمناضل الكردي اوجلان الذي يمثل 30 مليون كردي لن تكون حريصة على حقوق الشعب الفلسطيني ، وكل ذلك لا ينفي وجود منظمات حقوق انسان فلسطينية تسعى لرفع الظلم عن المواطن الفلسطيني ومحاربة الانتهاكات من اي جهة كانت .

واضاف خريشة : اتمنى ان تدعم السلطة هذه المنظمات لتوفر مصادر تمويل بديلة عن المصادر الاجنبية ، كذلك منحهم استقلالية في العمل،  او تقوم السلطة نفسها باحترام حقوق الانسان والالتزام بالقانون ، لان الانتهاكات التي تحدث لدينا خطيرة وليست سهلة ، ولو توقفت هذه الانتهاكات لسنا بحاجة لمنظمات حقوق انسان ويكفي واحد او اثنين للقيام بهذه الوظيفة ، واهم امر في هذه المؤسسات  هو الشفافية وتقدير عظم المسؤولية .   

**التمويل والبرامج

ان غالبية المنظمات الاهلية تعتمد على التمويل الخارجي من مؤسسات اهلية دولية كبيرة لها برامجها ونشاطاتها المحددة التي تعمل بها ، والتي يمكن ان تؤثر على طبيعة برامج منظماتنا الاهلية فذكر جورج كرزم -باحث في مركز العمل التنموي معا- في صحيفة العمل الاهلي ان التمويل الذاتي يحتل حجما متواضعا جدا من اجمالي حجم تمويل المؤسسات الاهلية الفلسطينية قياسا بحجم التمويل الاجنبي، ويشير الى قصور واضح في قدرة المنظمات الاهلية على تجنيد الموارد المحلية والذاتية.

ولضمان استمرارية التمويل الخارجي اصبح بعض هذه المؤسسات يفصل مجالات نشاطه حسب رغبة الممول ليوافق الاخير على تمويل المقترح. أي ان هذه النشاطات ليست نتيجة دراسة حقيقية للاولويات والاحتياجات التنموية المجتمعية الفعلية.

ولا يخفى بأن دوافع بعض المانحين  هو ترسيخ عملية التطبيع السياسي والفكري والثقافي والاقتصادي مع اسرائيل، لهذا يشترط اولئك المانحون بأن تنفق الاموال التي يتبرعون بها للمؤسسات المحلية على برامج ومشاريع مشتركة اسرائيلية وفلسطينية في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان والبيئة والمياه وغيرها.

اما عن طبيعة العلاقة بين المؤسسات الاهلية والمحلية والمؤسسات الممولة الاجنبية فيؤكد كرزم ان هذه العلاقة لا تشكل سوى انعكاس لعلاقات التبادل غير المتكافئ بين دول الشمال الغربي الرأسمالي ودول الجنوب وبالتالي تتجسد في هذه العلاقة عملية انتاج واعادة انتاج الفقر والتخلف.

بينما ذكرت وفاء عبد الرحمن منسقة شبكة المنظمات الاهلية ان مصادر تمويل المنظمات الاهلية متعددة منها ذاتية من اشتراكات الاعضاء ، وتنظيم البرامج الخيرية ، والمعارض والحفلات او اتباع نظام المشاريع المدرة للدخل، وهذه خطوة من قبل المؤسسات الاهلية للاعتماد على ذاتها ، او عن طريق التمويل الخارجي من مؤسسات اهلية اوروبية ، منها من يصر على فرض شروطه على المنظمات ولكن العديد منها لا يقبل بها، اما الجزء الاكبر من الجهات الممولة فقد بدأ يتفهم وضع المنظمات الاهلية الفلسطينية واعتمد على برامجها.

ولا ننفي انه توجد مؤسسات توافق على الشروط المطروحة عليها وبدون اعتراض ، وتنظم العديد من البرامج الداعية للتطبيع مع الجانب الاسرائيلي، والغريب انه دائما يغض النظر عنها ولا يوجه لها أي اهتمام من قبل الحكومة.

واكدت ان الوضع الاقتصادي الفلسطيني صعب جدا وبالتالي اعتماد المؤسسات على ذاتها صعب ، لانه يتطلب منها تنشيط القطاع الخاص ، وتحسين دخل الفرد لزيادة حجم التبرعات ، وامكانية انشاء مشاريع مدرة للدخل.

ورفض كل من نائلة زقوت مديرة مركز شؤون المرأة والسراج و الصوراني استجابة مؤسساتهم الى شروط الممولين ،وقال السراج :

شروطنا واضحة انه لا تدخل في اعمالنا الداخلية او توجهاتنا ولا تحديد الاجندة نهائياً ، ورفضنا اكثر من مرة التمويل من الولايات المتحدة الامريكية ، والتمويل نحصل عليه من السويد والدول الاسكندنافية بشكل عام وهي اموال غير مشروطة ، والهيئة المستقلة تتمتع بثقة عالية لدى الهيئات التي تمولها ، ويوجد مراقب مالي محلي وآخر دولي لمتابعة الامور المالية ، واستلمت الهيئة خلال السنوات الخمس الماضية حوالي 1.7 مليون دولار انفقتها على نشاطاتها.

و قال الصوراني :لم و لن نقبل اشتراطات من اي جهة كانت وننفذ خطتنا كاملةودون تدخل من احد ، ونحن فوق الاتهامات الرخيصة والفساد معروف من يمارسه ، ومعروف من هم السارقين.

** الداخلية مراقبة صارمة

العديد من الجمعيات الاهلية رفضت اتباع مسؤوليتها لوزارة الداخلية ، فعن طبيعة العلاقة بينهما ذكر زكريا عبد الرحيم وكيل مساعد في وزارة الداخلية ان طالبوا تسجيل الجمعية يقدموا طلب الى مديرية الشئون العامة بوزارة الداخلية يشمل الاعضاء المؤسسين والنظام الدخلي والاساسي للجمعية ، وتقوم الوزارة بدراسة الطلب مع جهات اخرى من السلطة للحصول على موافقة امنية لجميع الاعضاء المؤسسين ، وموافقة اخرى من الوزارة المعنية التابعة لها الجمعية وفق تخصصها المهني ، ثم يتم المصادقة على الطلب وتمنح الترخيص القانوني .

ان هذه الاجراءات روتينية فقط ولكنها في مصلحة المواطن ، وليست قيداً على المواطن او طعناً في وطنيته ، فإذا لم يصل الينا رد الجهات الامنية بعد انقضاء الشهر نصادق على الجمعية بدون موافقتها .

واكد ان الداخلية مسؤولة عن مراقبة الجمعيات والتفتيش عليها وبمساعدة الوزارات الاخرى المعنية لمراقبة امورها المالية ، وتشمل مصدر التمويل وكيفية الانفاق والمشاريع التي انجزتها ويحظر على كافة  الجمعيات ممارسة اي نشاط سياسي وفق قانون الجمعيات العثماني لعام 1909 .

وقال : "الجمعيات التي تتعامل وفق مبدأ الشفافية لا تنزعج من مراقبة الداخلية لها ، اما التي تعمل بالخفاء وضد مصلحة شعبنا وتسعى لتحقيق مصلحتها الشخصية تخفي مصادر تمويلها وحجمها ، فمبالغ كبيرة من الاموال التي تمنح لهذه المؤسسات لا تدخل في حسابات الجمعية وانما تحول الى جيوب المسؤولين عنها" .

وبين ان الوزارة تقدم على حل بعض الجمعيات لعدم قيامها بتنفيذ برنامجها ومشروعها وفق نظامها الداخلي ، وبالاتفاق مع مؤسسيها احياناً .

بينما استهجنت عبد الرحمن تعميم ادعاءات بعض الجهات الحكومية وجود اختلاسات وهدر للاموال العامة من قبل المنظمات الاهلية وهي المسؤولة عن وجود مثل هذه الامور ، فوزارة الداخلية تقوم بمحاسبة المنظمات والتدقيق في امورها المالية بشكل دقيق يصل الى حد التضييق على المؤسسة وتعطيل اعمالها لفترة تمتد الى اكثر من شهر ، بالاضافة الى متابعة هيئة الرقابة للعديد من المؤسسات .

فإذا كانت هذه الجهات الحكومية لديها ما يثبت وجود اختلاسات في حساباتها وهدر للمال العام ، فليعرض امرهم على القضاء ومحاسبتهم امام الجميع ، ويجب ان تعطى المؤسسة السليمة اوراقها شهادة تثبت ذلك حتى لا تبقى عرضة لادعاءات باطلة .

    **دور وبرامج المنظمات

**70% مصاريف ادارية

تحاول جهات مختلفة توجيه الاتهامات الى دور وبرامج المنظمات الاهلية وتعتبرها لا تعود بالفائدة على الشعب الفلسطيني.

ويشير اسعد الاسعد في مقال له (الايام 21/6/99)الى ان اكثر من 70% من اصول المبالغ المخصصة والممنوحة لهذه المنظمات والمراكز والجمعيات غير الحكومية تذهب الى المصاريف الادارية ، مكاتب ، سيارات ، اثاث ، ضيافة ، تذاكر سفر ، خلوي ، اجور الخبراء الاجانب ، والرواتب العالية للمسئولين الكبار في هذه المؤسسات ويضيف ان عددا من المسئولين العاملين  في منظمات غير حكومية بشكل مباشر او غير مباشر ينطلقون من منطلقات شخصية في هجومهم على هذه المؤسسات والسعي الى حصة اونصيب ما يؤدي الى الابتعاد عن الموضوعية في معالجة قضية المنظمات غير الحكومية.

ويتابع "ولعل وجود عدد من المسئولين وعدد من اعضاء المجلس التشريعي على رأس بعض المنظمات غير الحكومية يطرح مسألة الشراكة القائمة بين هؤلاء الرموز من كلا الطرفين والتقاء مصالحهم ، الامر الذي يستدعي ضبط هذه العلاقة بشكل يضمن عدم تداخل المصالح.

وذكرت مجلة "النشرة "(العدد 5) في تقرير لها ان ادارة بعض اعضاء شبكة العمل الاهلي تشرف على ادارة مؤسسة ربحية ربوية (الشركة الفلسطينية للاقراض والتنمية المساهمة الخصوصية المحدودة) وتبلغ نسبة الفائدة فيها 48% ، ورأسمالها الاسهمي عشرة الاف سهم تبلغ قيمة السهم الواحد دولار امريكي ، وتقوم هذه الشركة بنشر برنامج قروض للنساء في قطاع غزة والضفة الغربية.

وحول ذلك عقبت زقوت باعتبارها عضو في الشركة فقالت : ان التطرق الى المؤسسة بهذا الشكل هو اساءة الى مؤسسات ساهمت في بناء الوطن منذ اكثر من ثلاثين عاما ، فالمشروع نقل كما هو من مؤسسة دولية عملت به قبل عشرة سنوات الى مؤسسة محلية ، واعضاء مجلس الادارة بها لا يجنون أي نوع من الاموال من اداراتهم لها وجميعهم يعمل تطوعا ، ومطلوب منهم ان يساهموا باموالهم من اجل نجاحها ، وقد نصت اللائحة الداخلية لها ان اموال المؤسسة في حالة اغلاقها لا توزع على المؤسسين او مجلس الادارة وانما تحول الى مؤسسة وطنية اخرى مشابهة ، اما قيمة الفائدة فتقدر فقط 20% وهي شبيهة بنسبة الفائدة التي تقدمها جميع مؤسسات الاقراض والمؤسسة استطاعت ان تقدم خدماتها لحوالي 5000 امرأة.

**انجازات في كافة المجالات

و استهجن الصوراني هذه الاراء وقال "مع الاسف في ذروة التحضير لعقد مؤتمر اتفاقية "جنيف" نفاجأ بهذه الهجمة ، ان منظمات حقوق الانسان وجهت جل نشاطاتها سواء على اجندة محاربة الاحتلال الى مقاومة الاستيطان وهدم المنازل ومصادرة الاراضي ومنع تهويد القدس والدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين ، وعلى الاجندة الفلسطينية محاولة فرض سيادة القانون والديمقراطية ، وحقوق الانسان في المجتمع الفلسطيني، ونادت بضرورة اجراء اصلاحات على الجهاز القضائي ، واحترام قرارات المحاكم ، وهذه القضايا كانت تبذل المنظمات جهدها وبها صرفت اموالها.

واشارت زقوت الى دور مؤسسة شئون المرأة كأول المؤسسات النسوية التي حصلت على ترخيص من وزارة العدل كمؤسسة غير ربحية ، و اهتمت باجراء  الابحاث والدراسات بطريقة علمية على  جوانب تهم المرأة الفلسطينية تعويضا عن الابحاث التي كانت تجريها طوال فترة الانتفاضة جهات اجنبية وتستغلها لتنفيذ مصالحها وامرار برامجها ، وقد استفاد من هذه البرامج العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية بالاضافة الى برامج  تدريب النساء وخاصة العاملات بالمؤسسات وذلك تنمية المؤسسة من خلال رفع قدرات كادرها النسوي، والوصول بالمرأة العاملة الى موقع صنع القرار، ولا شك ان هذه البرامج لعبت  دورا كبيرا في توعية المرأة العاملة في مجالات انفردت بها هذه المؤسسة مثل ــ ، الادارة ، العلاقات العامة وغيرها.

** القانون بين الداخلية والعدل

قانون الهيئات الاهلية والجمعيات الخيرية اقر بالقراءة الثالثة من قبل المجلس التشريعي وينتظر المصادقة عليه من قبل الرئيس ياسر عرفات ، فذكر عبد الكريم ابو صلاح مسؤول اللجنة القانونية في المجلس  التشريعي ان ثلاثة لجان من المجلس التشريعي هي (لجنة القانون ، والسياسية، ولجنة الداخلية والحكم المحلي) اشرفت على صياغته القانون ، ونظمت عدة لقاءات  بينها وبين جهات الاختصاص حتى تم اعداده بالقراءة الثالثة ثم احيل الى الرئيس للمصادقة عليه حسب الاصول ، ولكن كان للرئيس ملاحظة واحدة على المشروع وهي تحويل موضوع تسجيل الهيئات الاهلية الجمعيات الخيرية الى وزارة الداخلية بدل وزارة العدل ولجنة الحكم المحلي قبلت ملاحظة الرئيس ، فعقد المجلس جلسة للتصويت على هذه الملاحظة ، واغلبية الحاضرون صوتوا على بقائها مع وزارة العدل، لكن لا يعتبر هذا التصويت قانوياً لان فيتو الرئيس يتطلب لالغائه حصول القرار على موافقة اغلبية اعضاء المجلس اي 44 صوتاً فلضطر المجلس الى احالته ،  الى اللجنة القانونية ، ودعا مندوبو وممثلو المنظمات الاهلية  اللجنة القانونية الى التمهل لحين الاتصال بالرئيس وتسوية الوضع فيه ويذكر ان الرئيس ياسر عرفات شكل لجنة للبحث في موضوع القانون ، واكد ان القانون يحدد جهة الاختصاص المسؤولية عن متابعة الجمعيات الاهلية ويبرز جانب الشفافية وفي ظل الواقع الموجود بكل معطياته تعتبر وزارة الداخلية الجهة الاكثر نظاماً ، فوزارة العدل امامها مهام جسيمة لا تستطيع ان تنجزها لنضيف اليها مهام اضافية فالعدل عير مطلعة على امورها بشكل كاف .

بينما اعتبر الصوراني ان القانون اعد  بصورته النهائية ، واي مساس بهذا القانون هو تهميش وضرب للمجلس التشريعي واساءة له ، والمنظمات تلتزم به .

اما عبد الرحيم فقال ان الداخلية تقوم بدورها على اكمل وجه ، وتقدم كافة التسهيلات اللازمة للجمعيات دون قيد او شرط ، ومن ذلك الاعفاء الضريبي للاشياء والادوات التي تخص الجمعية ، فيجب ان تبقى هذه الجمعيات تحت اشراف الداخلية ولا يوجد مبرر لتحويلها الى اي وزارة اخرى وان كان جميعها يمثل السلطة ، فقد جرت الامور منذ قيام السلطة انها تابعة للداخلية ، ولا داعي للتغيير فهي ليست جهة قمع، ولا يوجد تفكير في الوقت الحالي لتحويلها لذلك ، فهي وزارة مدنية ، تتفهم متطلبات المواطن واحتياجاته ، فتحويل الامر الى وزارة العدل  "دعوة حق يراد بها باطل" بهدف الغاء اجراءات المحاسبة والمكاشفة ، ليتحول الامر الى مجرد اخبار واعلام الجهة المسؤولة فقط .

** مدنية لا امنية

بينما خالفتهم الرأي عبد الرحمن فدعت الى ضرورة المصادقة على مشروع قانون الجمعيات الاهلية وفق ما اقره المجلس التشريعي بتسجيل المنظمات لدى وزارةالعدل ، او اي وزارة مدنية غير وزارة الداخلية ، و قالت "الداخلية تبعاً لوصفها الوظيفي في معظم الدول العربية هي وزارة امنية عسكرية ، فجميع اجهزة الامن والشرطة تابعة لها ، ونرفض ان تتبع لها المنظمات الاهلية باعتبارها منظمات مدنية وليست امنية ، واذا كانت الداخلية في الوقت الحالي لا يتبعها اي جهاز امني فنحن لا نستطيع ان نتكهن باستمرارية هذا الوضع وخاصة انه لم يقر القانون الفلسطيني الذي ينظم امرها" .

واستنكرت زقوت كثرة الجهات الحكومية المشرفة على المنظمات الاهلية ، وطريقة مراقبتها لامورها المالية    فقالت : "بالرغم من تسجيل شئون المرأة في وزارة العدل وهي لا تجري تفتيش مالي عليها الا انها تتعرض لعدة حالات تفتيش وتدقيق مالي من جهات عديدة لا علاقة لها بالعمل المؤسسي من اجهزة امنية ، الامن الوقائي والمخابرات والشرطة بالاضافة الى وزارة الداخلية ، مما يتسبب بشكل مباشر في ارباك العمل وتعطيله لفترات عديدة ،ومع كل هذا التدقيق تتعرض المؤسسات وبشكل  عام الى هذه الحملة التي دفعت بها اقلام مشبوهة ضد رموز وشخصيات معروفة بنزاهتها ، واقلام مسيرة من بعض رجال السلطة بهدف اثارة الفتنة وتغطية قضايا الفساد المنتشرة بين صفوف السلطة وانحراف المسار ضد المؤسسات الاهلية .

وتخشى منظمات حقوق الانسان في بيانها الصادر بتاريخ 15/6 من ان تكون هيئات وسلطات تنفيذية وراء تلك الحملة بهدف عدم تمرير قانون المنظمات الاهلية .

وكانت المنظمات الاهلية قد ساهمت في تعديل بنود القانون بحيث يجعل مرجعية التسجيل لها وزارة العدل بدلاً من الداخلية ،وتخشى ان تكون بداية حملة تهدف الى تقويض المنجزات الوطنية الفلسطينية وشغل منظمات حقوق الانسان بالدفاع عن قيادتها بدلاً من مواصلة العمل على تعبئة الرأي العام لاستكمال كافة القوانين ووضع التشريعات الاساسية .

وعن الخلاف حول قانون المنظمات الاهلية قال خريشة : لقد اتخذنا قراراً بأننا مع اشراف وزارة العدل على هذه المنظمات ولكن السلطة التنفيذية رفضت ذلك وطالبت باشراف وزارة الداخلية .. وانا ارى ان ذلك لا يمنع  مشاركة وزارة العدل من خلال قسم خاص بهذا الموضوع ، مشيراً ان الرئيس اراد اشراف وزارة الداخلية لمبررات خاصة به ، وربما بسبب الخوف من عمل هذه المنظمات ، ونحن نعتبر القانون اهم شيء وان يكون هناك دور لوزارة العدل لتفعيل دور الجهاز القضائي .

** الوصول الى الحقيقة

ان شن الحملات الاعلامية غير كافية للوصول الى الحقيقة ومحاسبة المخطئ ، فقد قال ابو صلاح : "الاتهامات التي نشرت في الصحافة اوجدت ارضية لوجود اعمال غير واضحة لبعض المؤسسات وتوجد ادلة تدين بعضها واوجه الصرف لديها غير ظاهرة فيجب على الجمعيات تنظيم عملها وان تعلن حساباتها المالية عبر الصحف ولا نستطيع بخلاف ذلك ان ندافع عن احد والا ستثبت عليه التهمة .

وطالبت جميع الجهات التي التقينا بها ايقاف الحملة وعدم تعميم الاتهامات او تبادلها وضرورة توحيد الصف الفلسطيني ، واعادة ترتيبه ومحاسبة المخالف والاحتكام الى مبادئ القانون والحوار والاعتماد على الحقائق فقط مع ضرورة تقديم المؤسسات التي يثبت عليها اهدار المال العام الى القضاء ، كما ناشدوا الرئيس ياسرعرفات بضرورة المصادقة على مشروع قانون الهيئات الاهلية والجمعيات الخيرية وتنفيذه للمحافظة على استقلالية المنظمات الاهلية ومساعدتها على القيام بدورها وحسن استغلال المساعدات المالية بما يخدم مصلحة المواطن وليس مصلحة جيوب المنتفعين .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل