الليكود في طريقه للإنهيار

 

العودة إلى صفحة الرسالة

اين الشارع الاسرائيلي من الحملات ضد نتنياهو في الساحة السياسية الاسرائيلة

كتب صالح النعامي

من ناحية موضوعية سيكون من الصعب على نتنياهو تحقيق الفوز مرة اخرى في الظروف الحالية ، فالليكود الذي يرأسه في انهيار متواصل ، والانشقاقات عن هذا الحزب تتوالى ، وقادته يتسابقون على تركه واقامة احزاب اخرى ، فوزير الدفاع اسحق مردخاي اكثر الوزراء في حكومة نتنياهو شعبية انتقل ليرأس حزب الوسط الجديد بعد ان سبقه الى هذا الحزب اثنان من قيادات الليكود المؤثرة وهما وزير المالية الاسبق دان مريدور ورئىس بلدية تل ابيب الاسبق روني ميلو ، في حين اسس بني بيغن الوزير السابق في حكومته حزبا ينافس الليكود على اصوات انصار اليمين المتطرف ، وقبل ذلك انسحب ديفيد ليفي من الحكومة وهو من القادة التاريخيين لليكود واعلن ان حزبه " جيشر" سيخوض الانتخابات بصورة مستقلة ، جميع المنشقين عن حزب الليكود عزوا اقدامهم على هذه الخطوة الى فقدانهم الثقة بقيادة نتنياهو وباهليته للحكم ، وهؤلاء يتهمونه صراحة بالتضحية بمصالح دولة اسرائىل العليا من اجل ضمان مستقبله السياسي وتأمين اعادة انتخابه من جديد ، المراقبون في اسرائىل يشيرون الى ان الانشقاقات عن الليكود لم تكن لتحدث لولا تعامل نتنياهو بمنتهى القسوة مع خصومه داخل الحزب ، وهو لم يتردد في اتخاذ كل الخطوات من اجل تدميرهم ، حيث كان بارعا في التعرف على نقاط ضعفهم واستغلالها حتى النهاية ، وحاول الصحفي امنون دانكنر تصوير مشاعر المنشقين حيال نتنياهو قائلا " لقد اكتشفوا انهم كانوا خاضعين لامرة انسان بغيض ومكروه في نظرهم ، يا لهول ما رأوا عندما فككوا رموز عالم نتنياهو الداخلي ، فقد وجدوا انهم امام شخص مرتاب يفتقد هوية خاصة ، لديه غريزة تدميرية خطيرة ، وقد تحولت عملية احصاء اكاذيب نتنياهو الى وسيلة للتسلية داخل اروقة الحكومة " ( معاريف 13/12/1998) ، و لايضاح حقيقة التعقيد الذي احاط بعلاقة نتنياهو بقيادات حزبه فان حامي شليف كبير المعلقين في صحيفة " معاريف" يقول " نتنياهو سيدخل سجل جينس للارقام القياسية كأكثر السياسيين الذين استطاعوا تأطير الاعداء حوله ، وزراؤه ومستشاروه لم يكونوا ليثقوا في كلمة واحدة تصدر عنه ، فقد كان دوما يحتقر الحديث عن الضمير ، وفي النهاية وجد نفسه في عزلة كبيرة " (معاريف 8/1/1999 ) ، وكما يقول الكاتب جرشوم جورنبرغ فقد ضاق زعماء الليكود ذرعا بقيادة نتنياهو لانها " لا ترقى الى مستوى يلائم التخطيط لشؤون الدولة ، فقد تعود على الوعد بكل شيء لكل من يتصل بهم وفي النهاية يخونهم جميعا " ، ولم يفقد نتنياهو ثقة قادة حزبه فقط ، بل ان المستوى العسكري وجد صعوبة كبيرة في التعامل معه ، وابدى شكوكا في "موضوعية" الاعتبارات التي تقف وراء قراراته في المجال السياسي والعسكري ، ففي مقال نشره في " يديعوت احرنوت " بتاريخ 20/1/99 كتب الجنرال احتياط اورن شاحور الذي كان مسؤولا عن الضفة الغربية وقطاع غزة " انني واثناء مشاركتي كممثل لهيئة الاركان في النقاشات التي تمت في مكتب نتنياهو شعرت انه يتصرف وفق المتطلبات التي تضمن بقاء شعبيته ، ولم تكن مصالح دولة اسرائيل على رأس اولوياته ، انه لم يبلغ الرشد الكافي لادارة الحكم " ( يديعوت احرنوت 22/1/99 ) ، من هنا فقد بدا واضحا ان الاحتجاج على اسلوب نتنياهو في الحكم هو القاسم المشترك لكل الذين انشقوا عن الليكود ، ولم تكن هذه الانشقاقات وليدة تحولات ايدلوجية ، فـ" صقور" الليكود امثال بني بيغن و " الحمائم " امثال دان مريدور جميعهم اتفق على عدم اهلية نتنياهو للحكم ، وبالتالي تجندوا للاطاحة به .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه : الى اي حد تعكس هبة قادة الليكود ضد نتنياهو رأي الناخب الاسرائىلي ؟ ، وهل اصبح في حكم المؤكد سقوطه ؟!! صحيح ان نتنياهو الان في اضعف وضع سياسي منذ ان تم انتخابه في العام 69 ، وصحيح ايضا ان هناك جبهة واسعة من الرفض لاسلوب نتنياهو في الحكم تضم المعارضة يسارية وحزب الوسط وقطاعات في اليمين الى جانب النخب ووسائل الاعلام ، الا ان استطلاعات الرأي العام في اسرائيل تدل حتى الان على ان تراجعا دراماتيكيا في شعبية نتنياهو لم يطرأ بعد ، وبالرغم من الحملة الشعواء التي يتعرض لها نتنياهو الا ان استطلاعا للرأي العام نشر في " معاريف" بتاريخ 15/1/1999 اظهر ان الجمهور الاسرائيلي يعتقد ان نتنياهو سيفوز في الانتخابات المقبلة ، وان اغلبية الاسرائيليين يعتقدون ان نتنياهو سيحافظ على الامن ومصالح الدولة في مواجهة العرب والفلسطينيين بصورة افضل من جميع المرشحين الاخرين ، وبخلاف رأي الساسة فان معظم الجمهور الاسرائيلي يرى ان نتنياهو يتصرف باكثر "حكمة" من جميع المتنافسين ، ويفسر الكاتب امير اورن تلك النتائج بنجاح نتنياهو في اقناع الاسرائيليين انه يتعامل مع شؤون الدولة كما لو كان مدفوعا بروح قتالية يهودية وطنية متعطشة لتحقيق الانتصارات على الاغيار ( هآرتس 8/1/1999 ) وقد ساعد نتنياهو على ذلك استتباب الاوضاع الامنية بصورة نسبية وتقلص قدرة المنظمات الفلسطينية المعارضة على تنفيذ عمليات مسلحة في العمق الاسرائيلي ، على ان الكثير من المعلقين في إسرائيل يرون ان تنفيذ عمليات تفجير ضد اسرائيل في الفترة المتبقية حتى اجراء الانتخابات سيكون لصالح نتنياهو، حيث سيستند الى مثل هذه العمليات لتبرير تجميده العمل بالاتفاقيات مع الفلسطينيين ، من ناحية ثانية يسمح له هذا الوضع بتنفيذ عمليات انتقامية داخل الاراضي الفلسطينية من المتوقع ان تسهم في تعزيز رصيده الانتخابي عبر ابراز نفسه كقائد لا يتردد في اتخاذ القرارات الصعبة من اجل الحفاظ على امن الاسرائيليين ، ولعل هذا السبب هو الذي جعل الولايات المتحدة وزعماء اليسار الاسرائيلي يحثون السلطة الفلسطينية ان تعمل ما في وسعها من اجل الحيلولة دون قيام حماس والجهاد الاسلامي بتنفيذ عمليات ضد اسرائيل، وان كان حزب العمل يلفت انظار الجمهور الاسرائيلي للعواقب الاجتماعية والاقتصادية والوطنية لسياسات نتنياهو ، فإن رئيس وزراء اسرائيل شرع في تنفيذ سياسة اقتصادية "انتخابية" تهدف الى اقناع ابناء الطبقات الفقيرة في مدن "التطوير " والاحياء الشعبية بالبقاء ضمن جمهور مؤيديه التقليديين ، وكما يحاول نتنياهو في الاونة الاخيرة استغلال كل اشكال الاتصال بين الانظمة العربية والسلطة الفلسطينية من جهة وبين قادة المعارضة اليسارية ومنشقي الليكود ليصور ذلك على انه "تدخل عربي" في الشؤون الداخلية الاسرائيلية ، وشدد تساحي هنغبي وزير العدل في حكومة نتنياهو وأحد اوثق المقربين الذين بقوا على ولائهم له على ان العرب "يحلمون بسقوط نتنياهو لانهم يعلمون ان اسرائيل تحت قيادته لن تتنازل قيد انملة عن مصالحها من اجل التسوية معهم".

ومع كل ما تقدم فإنه سيكون من المتعذر على نتنياهو تجنب المزيد من التآكل في شعبيته بعد هذه الانشقاقات المتوالية داخل الليكود وحملات التشكيك في قدراته القيادية ، لكن المعلقين الاسرائيليين سارعوا الى الدعوة الى التريث قبل الاعلان عن "تأبين" نتنياهو سياسيا، وكما يقول كبير المعلقين في يديعوت احرونوت ناحوم برنيع فإنه في اسرائيل وكما في اسرائيل فقط ، فان الكل يمكن ان يحدث ، ولا يستثني برنيع من ذلك امكانية تغلب نتنياهو على كل الصعاب التي تواجهه والفوز مرة اخرى بثقة الناخب الاسرائيلي ، لكن سواء نجح نتنياهو في الانتخابات ام لا فإن الشيء الواضح ان الليكود كحزب سياسي كحزب ذي تأثير حاسم على الحلبة السياسية الاسرائيلية في طريقه للتلاشي، يرون ان تنفيذ عمليات تفجير ضد اسرائيل في الفترة المتبقية حتى اجراء الانتخابات سيكون لصالح نتنياهو، حيث سيستند الى مثل هذه العمليات لتبرير تجميده العمل بالاتفاقيات مع الفلسطينيين ، من ناحية ثانية يسمح له هذا الوضع بتنفيذ عمليات انتقامية داخل الاراضي الفلسطينية من المتوقع ان تسهم في تعزيز رصيده الانتخابي عبر ابراز نفسه كقائد لا يتردد في اتخاذ القرارات الصعبة من اجل الحفاظ على امن الاسرائيليين ، ولعل هذا السبب هو الذي جعل الولايات المتحدة وزعماء اليسار الاسرائيلي يحثون السلطة الفلسطينية ان تعمل ما في وسعها من اجل الحيلولة دون قيام حماس والجهاد الاسلامي بتنفيذ عمليات ضد اسرائيل، وان كان حزب العمل يلفت انظار الجمهور الاسرائيلي للعواقب الاجتماعية والاقتصادية والوطنية لسياسات نتنياهو ، فإن رئيس وزراء اسرائيل شرع في تنفيذ سياسة اقتصادية "انتخابية" تهدف الى اقناع ابناء الطبقات الفقيرة في مدن "التطوير " والاحياء الشعبية بالبقاء ضمن جمهور مؤيديه التقليديين ، وكما يحاول نتنياهو في الاونة الاخيرة استغلال كل اشكال الاتصال بين الانظمة العربية والسلطة الفلسطينية من جهة وبين قادة المعارضة اليسارية ومنشقي الليكود ليصور ذلك على انه "تدخل عربي" في الشؤون الداخلية الاسرائيلية ، وشدد تساحي هنغبي وزير العدل في حكومة نتنياهو وأحد اوثق المقربين الذين بقوا على ولائهم له على ان العرب يحلمون بسقوط نتنياهو لانهم يعلمون ان اسرائيل تحت قيادته لن تتنازل قيد انملة عن مصالحها من اجل التسوية معهم".

ومع كل ما تقدم فإنه سيكون من المتعذر على نتنياهو تجنب المزيد من التآكل في شعبيته بعد هذه الانشقاقات المتوالية داخل الليكود وحملات التشكيك في قدراته القيادية ، لكن المعلقين الاسرائيليين سارعوا الى الدعوة الى التريث قبل الاعلان عن تأييد نتنياهو سياسيا، كما يقول كبير المعلقين في يديعوت احرونوت ناحوم برنيع فإنه في اسرائيل وكما في اسرائيل فقط ، فان الكل يمكن ان يحدث ، ولا يستثني برنيع من ذلك امكانية تغلب نتنياهو على كل الصعاب التي تواجهه والفوز مرة اخرى بثقة الناخب الاسرائيلي ، لكن سواء نجح نتنياهو في الانتخابات ام لا فإن الشيء الواضح ان الليكود كحزب سياسي في طريقه للتلاشي كحزب ذي تأثير حاسم على الحلبة السياسية الاسرائيلية ، ومع تصاعد الجدل حول طبيعة الخارطة السياسية الاسرائيلية بعيد الانتخابات فإن التناقض في المشهد الاسرائيلي الذي املته شخصية نتنياهو والموقف منها قد عبرت عنه قصيدة لشاعرة، وصرخة احد العاطلين عن العمل ، ففي خاتمة قصيدة هجاء لعهد نتنياهو تقول الشاعرة زهافا بن تسيون "يا ويحهم من جبناء ، كيف يطبقون جفونهم ومازال هذا الخسيس يتبوّأ امة بهذه العراقة " لكن موشيه من مدينة نتفوت الجنوبية العاطل عن العمل واحد المهووسين بشخصية نتنياهو يفزع من مجرد الحديث عن عهد "ما بعد نتنياهو" ويرفع يديه الى السماء صارخا : يا ملائكة السماء ويا شياطين الارض احفظي نتنياهو".

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل