الجزائر .. تتواصل الإنتخابات والأزمة قائمة

 

العودة إلى صفحة الرسالة

ياسر زعاترة

في معرض قراءة ملف الانتخابات الجزائرية التي جرت قبل ايام ، لابد من العودة الى السؤال عن السبب الذي دفع الرئىس زروال الى اجراء هذه الانتخابات قبل نهاية ولايته الرئاسية بما يقرب من عامين .

عندما ندقق في الاجابة على السؤال المذكور سنكتشف انها تشكل العنوان البرز لاستمرار الازمة طوال هذه السنوات ، وعدم ظهور مسار حقيقي يخفف من حدتها .

" ازدواجية السلطة " مصطلح يختصر الاجابة المذكورة ، فكما حاول الرئىس الراحل " بوضياف" ان يحسم تلك الازدواجية لصالح مؤسسة رئاسة تحكم البلاد بالفعل ، وانتهى برصاصة غامضة واضحة في الان نفسه ، جاء " زروال" ليكرر المحاولة من جديد مع خلاف في القوة والسطوة ، ولعل ذلك هو سر صمود زروال كل هذا الوقت امام سطوة الجنرالات الذين يحكمون ويرسمون ويحركون معظم الادوات في السلطة .

في سياق صراع مؤسسة الرئاسة بقيادة زروال ، ومؤسسة الجنرالات برموزها المعروفة ، ازدهرت لغة المذابح ، واتهم كل طرف الطرف الاخر بارتكابها ، وتم تبادل الاتهامات عبر الصحف التابعة ، وادرك المراقبون ان القاء تهمة المذابح والارهاب على مجموعات صغيرة من الاسلاميين الذين تحول اكثرهم الى مقاتلين بفعل الازمة ، وليس لانهم حملة مشروع سياسي ، لم يعد مقنعا .

الرئىس زروال بذل جهدا استثنائيا ليثبت "وحدانية " السلطة ، فرتب انتخابات رئاسية فاز فيها ، وانتخابات نيابية حصل الحزب الذي اسسه فيها علي الغالبية ، وانتخابات بلدية تكرر فيها مثل ذلك ، واجرى استفتاء على الدستور اعطى نفسه من خلاله صلاحيات واسعة .

مع ذلك كله استمرت مشكلة ازدواجية السلطة ، والسبب هو ان اخطبوط الجنرالات اكبر بكثير من ان يتم استئصاله كما ان قدرتهم علي افتعال الازمات بما في ذلك الدموي منها كبيرة .

لذلك كله فشل زروال في مهمته واعلن انسحابه بطريقة ارادها مشرفة ، عبر انتخابات رئاسية ، ولعل من الجدير بالذكر ان زروال قد حاول تهيئة الاوضاع لصديقه " بتشين" غير انه لم يفلح ، وهنا طرح الجنرالات مرشحهم بوتفليقة ورتبوا له الامور الداخلية في الاحزاب الكبيرة عبر شقها من الداخل .

فعلوا ذلك مع التجمع الديمقراطي عبر اقصاء امينة العام " الطاهر بلعيبش" وكذلك مع جبهة التحرير باقصاء قياداتها التاريخية ، ثم شقوا حركة النهضة باقصاء امينها العام ومؤسسها الشيخ جاب الله ، ثم عقدوا صفقة مع الشيخ نحناح كانت الكفة التي رجحت اللعبة ، بعد رفض ترشيحه للرئاسة ، وهي الصفقة الغريبة التي دفعت صحيفة " اليوم" الجزائرية الى القول ان نحناح بذلك " يكون اكبر نفعي عرفته القواميس السياسية في الجزائر منذ الاستقلال " .

والذي لابد من قوله هنا هو ان قرار الشيخ قد خلق ازمة في داخل الحركة لا يعرف الى اي مدى ستذهب .

قرار المرشحين الستة بالانسحاب كان جريئا ، فقد بدا مؤكدا ان امتداد الجنرالات في السلطة لن يسمح بانتخابات نزيهة ، نظرا لمعرفتهم بان الاحزاب التي ايدت مرشحهم " بوتفليقة" لن تضمن له النجاح ، خصوصا بعد تأييد الانقاذ لاحمد الابراهيمي ونية الاخرين دعمه في الجولة الثانية .

من هنا فقد اتضحت نوايا التزوير ، تلك التي لم يكن بامكان احد ان يمنعها ما دام الجنرالات مصممين على انجاح مرشحهم باي ثمن ، وهو ما كان بعد انسحاب الاخرين .

من هنا ، فان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الان بعيدا عن لغة الارقام التي توزعها السلطة ويرفضها المرشحون المنسحبون ، هو : هل ستشكل المعادلة الجديدة مفتاحا لحل الازمة ، ام ستدخلها " في مرحلة جديدة من التعقيد " كما ذهب المرشح المنسحب الدكتور احمد طالب ا لابراهيمي ؟

الذين ايدوا الرئىس الجديد بوتفليقة يبشرون بالخيار الاول ، انطلاقا من ان الوضع الجديد سيفرزانسجاما بين مؤسسة الجيش القوية ومؤسسة الرئاسة ، خلافا لما كان عليه الامر في حال الرئيس زروال .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل