رسالة كلنتون للسلطة التي على اساسها سيتم تأجيل اعلان الدولة

 

العودة إلى صفحة الرسالة


لا توجد ضمانات امريكية بالاعتراف بالدولة

لا اشارة لقراري 161 ، 941

فتح المفاوضات الى ما لانهاية

باحث امريكي : تطمينات كلنتون "جوفاء" وتضر بالقضية الفلسطينية


خلت الرسالة التي وجهها الرئيس الامريكي كلنتون الى الرئيس عرفات من اي اشارة الى اعتراف امريكا بحق الفلسطينيين في اعلان دولة ، واكتفى كلنتون بموقف ضبابي ينص على ان الولايات المتحدة يؤيد ما اسماه "حق الشعب الفلسطيني لأن يعيش كشعب حر" وهي عبارة كان كلنتون قد كررها امام اجتماع المجلس الوطني الذي تم خلاله الغاء بنود الميثاق الوطني الفلسطيني ، وقد ذهب الرئيس كلنتون الى حد تبني موقف رئيس وزراء اسرائيل فيما يتعلق بمسألة مفاوضات الحل الدائم اذ اقترح ان يتم تأجيل البت في مسألة اعلان الدولة ، وبدلا من ذلك تتم مناقشة مفاوضات الحل الدائم خلال هذه الفترة ، مع العلم ان هذا الاقتراح كان نتنياهو قد عرضه فور تسلمه مهام رئاسة الوزراء في اسرائيل ورفضه كل من الجانب الفلسطيني ولم تظهر الادارة الامريكية اي حماس للدفاع عنه ، وقد وصفته المعارضة الاسرائيلية بأنه يهدف الى ذر الرماد في العيون ويخدم هدف نتنياهو الرامي الى اطالة فترة المفاوضات الى ما لا نهاية .

واثناء مفاوضات "واي بلانتيشن" كرر نتنياهو عرضه هذا الا ان الجانب الفلسطيني رفضه ، ولم يتحمس له الامريكيون ايضا، وقد حرص الرئيس كلنتون على خلو رسالته من اي اشارة الى قرار مجلس الامن 181 الذي يستند اليه الشعب الفلسطيني في المطالبة بحقه في اقامة دولة فلسطينية ، كما لم تشر الرسالة الى قرار 941 الذي نص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لموطنهم ، وقد اشارت مصادر في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي الى ان كلنتون تعمد الاشارة فقط الى قراري 242 ، و 338 ، وذلك لقطع الطريق على اي رهان فلسطيني على دعم امريكي مرتقب لفكرة اعلان الدولة الفلسطينية ، اضافة الى ذلك فقد اشار المراقبون الى ان رسالة كلنتون هدفت الى وضع آلية لتغييب كل سقف زمني لانهاء المفاوضات ، مع ان الناطق بلسان البيت الابيض قد صرح علنا ان رسالة الرئيس كلنتون لعرفات لا تتضمن اي اشارة الى وقت محدد لانهاء المفاوضات بخصوص الحل الدائم. والعناصر التي احتوتها الرسالة وتكفل مد المفاوضات الى ما لا نهاية هي:ـ

1ـ ربطت رسالة كلنتون بين مستقبل المفاوضات بين السلطة الفلسطينية ونتيجة الانتخابات الاسرائيلية ، بل وحددت اجتماع قمة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي المقبل ورئيس السلطة الفلسطينية والرئيس الامريكي نفسه دون التطرق الى هوية رئيس الوزراء الاسرائيلي المقبل، مع ان هناك احتمالا كبيرا ان يختار الاسرائيليون مرة اخرى نتنياهو ، فكيف سيتم التعامل مع مسألة الحل الدائم على الرغم من ان مواقف الليكود في هذه المسألة لا يمكن تقبلها من اي كيان فلسطيني مهما كان.

الى ذلك فإنه ومن خلال التجربة لا يمكن الاعتماد على قدرة الادارة الامريكية على الضغط على نتنياهو ، بل ان مواقف نتنياهو تصبح نفس مواقف الولايات المتحدة.

2ـ الاعتماد على الرسالة الامريكية يعني التسليم لحكومة نتنياهو بتجميد العمل باتفاقيات "واي" ، وتجاوز التزامات اسرائيل في المرحلة الانتقالية ، فلن تتم عملية اعادة الانتشار ، ولن يفتح الممر الآمن والميناء والمنطقة الصناعية ، وسيتم تجاوز قضية الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية وغيرها من الالتزامات ، في نفس الوقت الذي تشهد فيه الادارة الامريكية ممثلة في رئيسها ووزير خارجيتها ومدير مخابراتها المركزية ان السلطة الفلسطينية تقوم بتنفيذ كل التزاماتها .

3ـ اعتبرت الرسالة الامريكية الاعلان عن الدولة بمثابة خطوة احادية الجانب من قبل السلطة الفلسطينية ، وبالتالي فإنها تفترض في السلطة ان تمتنع عنها ، في حين ان الناطق بلسان البيت الابيض رفض ان يعتبر قيام حكومة نتنياهو خطوة احادية الجانب ، ولم يشجبها .

4ـ وحتى في حال سقوط نتنياهو ومجيء براك فإنه سينطلق من نفس الانجازات التي حققها نتنياهو على صعيد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ، هنا تكمن الخطورة في التعاطي بايجابية مع ما جاء في هذه الرسالة .

** السلطة ترحب

السلطةالفلسطينية وعلى لسان الناطق الاعلامي بلسان الرئيس السيد نبيل ابوردينة اعتبرت رسالة كلينتون بأنها "تاريخية وهامة" ، واذا كانت رسالة كلينتون تتضمن كل الابعاد السلبية كما ظهر سابقاً ، فإن هناك من المراقبين من يرى ان السلطة الفلسطينية لا تملك خيارات اخرى سوى الرهان على الموقف الامريكي ، وبالرغم من ان رئيس المجلس التشريعي احمد قريع قد اعلن ان الموقف الامريكي مخيب تماماً للجانب الفلسطيني ، فالسلطة الفلسطينية تدرك انها امام انتخابات اسرائيلية ومصيرية وانها يجب ان تكون حذرة ازاء هذه الانتخابات عندما يتعلق الامر باعلان الدولة ، فبالفعل يمكن ان يستغل نتنياهو مسألة اعلان الدولة ويقوم بضم المنطقة "ج" الى سيادة اسرائيل ، ويمكن ايضا ان يستغل هذه الازمة في تحقيق انتصار انتخابي والبقاء بالتالي في سدة الحكم حتى العام 1004 . في المقابل فإن المراقبين يحذرون من مغبة التعاطي الفلسطيني الرسمي مع المعايير المزدوجة للادارة الامريكية فيما يتعلق بـ"الخطوات احادية الجانب" ، فتسليم السلطة الفلسطينية بهذه المعايير يعني ان الحكومات الاسرائيلية بغض النظر عن انتماءاتها السياسية يمكنها مواصلة خرق الاتفاقيات الموقعة دون ان تكون للجانب الفلسطيني امكانية القيام بردة فعل ملائمة .

** اسرائيل : امريكا تبنت موقفنا !!

على الرغم من الانجازات التي احتوتها رسالة كلينتون للسلطة الفلسطينية وتأييدها لمواقف نتنياهو ، الا ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اختار ان يظهر عدم اكتراثه بالموقف الامريكي ، وعقب نتنياهو على ما جاء في هذه الرسالة قائلاً "على الرغم ان الولايات المتحدة هي اوثق حلفائها في العالم اجمع الا ان ذلك لا يعني اننا يجب ان نتفق معها في كل شيء"، وشدد نتنياهو على ان القرارات المتعلقة "بمستقبل اسرائيل سيتم اتخاذها فقط في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي وليس في البيت الابيض . من ناحية اكد دفيد بار ايلان مستشار نتنياهو الاعلان عن ان اسرائيل لا تنظر باهتمام كبير الى رسالة نتنياهو ، مع ان بار ايلان لم ينس ان يشير الى ان الولايات المتحدة قد قبلت موقف حكومة اسرائيل ، زلمان شوفان السفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة اكد ان الادارة الامريكية رفضت الموقف الفلسطيني ووضعت معايير مريحة لاسرائيل في التعامل على المسار التفاوضي الفلسطيني الاسرائيلي ، وقد انعكس الاحساس بالانجاز ايضا على تعليقات المعلقين والمحللين وكتاب الاعمدة في الصحف الاسرائيلية ، فقد قال ايهود يعاري المعلق في القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي ان السلطة قد حصلت على ثمن زهيد جدا مقابل استعدادها لتأجيل الاعلان عن الدولة ، وشدد يعاري على ان مسؤولي الادارة الامريكية لم يتركوا للسلطة الفلسطينية مجالا للرهان حيث ان رسالة كلنتون لا تحتوي على اي عنصر يمكن ان يستشهد به الفلسطينيون للادعاء ان امريكا تؤيد حقهم في الاعلان عن الدولة . حاييم سيزوفيتش المعلق في راديو اسرائىل اشار الى ان نتنياهو نجح في الزام امريكا بتأييد موقفه وان الفلسطينيين لم يحصلوا على اي شيء ذي مغزى مقابل التأجيل .

الشيء الملفت للنظر ان مباحثات المجلس المركزي بعد تأجيل اعلان الدولة تأتي ضمن تهديدات صريحة من قبل اركان الحكومة الاسرائيلية بان اقدام السلطة الفلسطينية على الاعلان عن الدولة سيؤدي الى قيام اسرائيل باتخاذ خطوات مثل الضم وغيرها ، وهذا ما جعل هنري سيفمان وهو زميل بحث متقدم في مجلس العلاقات الخارجية ، وهو من اكبر دور البحث في الولايات المتحدة يرى ان كلنتون رفض الاستجابة لطلب عرفات ان تعترف الولايات المتحدة بشكل صريح بحق الفلسطينيين في الاستقلال الوطني (الحياة اللندنية 22/4/1999) ، واضاف سيفمان :" تأجيل الاعلان يعني قبول الفلسطينيين بادعاء نتنياهو انه لا يحق لهم قيام الدولة ، وسيظهرهم بمظهر المذعن لقرارات حكومة اسرائيل " . ولم يفت سيفمان ان يشير الى ان عدم اعتراف كلنتون بحق الفلسطينيين بالاستقلال يلحق اذى شديدا بالقضية الفلسطينية وبمصداقية السلطة الفلسطينية امام جمهورها .

واستخف سيفمان بما اسماه " تطمينات كلنتون الجوفاء للسلطة الفلسطينية ، فيما يتعلق بمستقبل المفاوضات على المسار الاسرائيلي /الفلسطيني ، واضاف :" غياب الدعم الامريكي لحق الفلسطينيين في تقرير المصير سيجعل تطمينات كلنتون للسلطة الفلسطينية فارغة ، فالقول ان الولايات المتحدة تعارض ان تكون المفاوضات من دون نهاية لا يعني شيئا اذا كانت الولايات المتحدة ترفض وضع زمن محدد لانهائها .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل