رسالة

د. عطا الله أبو السبح

العودة إلى صفحة الرسالة

الرسالة 50

الى شعبي

لقد احزنتني الاحداث المؤسفة ، التي المّت بك في مدينة رفح ، وما تبعتها، والتي راح ضحيتها المأسوف عليه النقيب/ رفعت محمد جودة ، والطفلة / فدوى جروانة ، وما صاحبها من الام ، وقلق ، وتوتر.
لقد احزنتني هذه الاحداث المفجعة التي تمر بها يا شعبي البطل ، الذي طالما مرت بك ويلات ، ومؤامرات ، لشق صفك ، ولكنك كنت دائما واعيا لما يحاك لك ، وما يدبره لك اعداؤك ، فسرعان ما تتجاوز المحنة ، وتفوّت المؤامرة ، وقد تجلى ذلك بوحدتك الرائعة خلال سنوات الانتفاضة المجيدة المباركة ، بما يجعلني اؤكد على ما يلي:ـ

اولا: ان الدم الفلسطيني حرام ، يحتم على كل من يحمل السلاح ان يحافظ عليه وعلى قدسيته.

ثانيا: ان الرصاص الفلسطيني ما كان يوما ليتوجه لصدر شريف فلسطيني ، وما ينبغي ان يكون ، فأخوة الدم والسلاح كانت دائما عنوان وحدتك في كل مراحل نضالاتك المشرفة.

ثالثا: ان سيادة القانون ، واستقلالية القضاء هما صمام الامان لك انت، وانت الذي يتطلع الى مستقبل ينعم فيه ابناؤك بالامن، والاستقرار ، والوئام.

رابعا: ان الارتقاء الى مستوى من الوعي ، وضبط النفس مطلب اسلامي ووطني هام لتجاوز هذه الفاجعة التي اهتز لها وجدان كل شريف وغيور.

خامسا: ان تحقيق العدالة هدف سام ، ومشروع . لابد من الوصول اليه، مهما تطلب ذلك من جهد، وصبر ، واناة ، لما لذلك من اهمية في بناء دولة تسعى لتحقيق عزة الوطن والمواطن.

سادسا: ان ضرورة ازالة كل اسباب التوتر ، ومظاهر الاستنفار امران لابد من تحقيقهما لافساح المجال لكل مواطن شريف يسعى لاضافة لبنة في بناء مؤسساتك ، وتطويرها ، وافساح المجال امام العقلاء لاحتواء الفاجعة.

سابعا: لابد من فتح ابواب الحوار الهادف ، الصادق ، الجاد، البنّاء بين ابنائك وفق اسس واضحة ، ومباديء ثابتة ، وضرورة استثمار امكانية الجميع في بناء مجتمع يحتكم الى العقل، لا الى القوة، التي قد تصبح غشوما ، مدمرة، اذا لم يتم ترشيدها، وتقييدها بمواثيق ملزمة.

ثامنا: ليتوقف نزيف الكلام غير الواعي لما يقترفه يهود وعملاء يهود من تحريش ضدك ايها الشعب الصبور ، ان تكذيب امريكا (...) لدعاوى هؤلاء الخبثاء ، اللئام، الذين يطنّون صباح مساء باطلاق سراح قتلة امريكيين ، وما نبح به (الدبرمان) ديفيد بار ايلان يجعلني اهتف من قلبي : لعنة الله على كل خوان كفور، لعنة الله على كل من اشعل عود ثقاب ليوقد للفتنة نارا.

تاسعا: وجدت يا شعبي عندما قرأت : (.. واتهم العطار بالتورط في هجمات ضد اسرائيليين ) الايام 2/2/199 صفحة 12 ، وجدتني اهتف : انه واحد من ابطالك يا شعبي ، انه وسام على صدرك ، انه بطل ، لا يمكن ان يتورط في قتل شريف فلسطيني ، وعندما قرأت في بيان حماس (.. ورائد العطار لم يكونوا مطلوبين او مطاردين لاجهزة السلطة منذ ان تمّ تفريغهم على احد اجهزة السلطة الامنية ، والذي يرأسه العقيد / سامي ابو سمهدانة ) عندما قرأت ذلك هتفت : ما كان ينبغي ان يحدث ما حدث ، فلقد كان يكفي ان يستدعى رائد وزملاؤه حسب الاصول القانونية ، وما يجيزه العرف العسكري ، دون هرج او مرج ... ثم امتلأت حسرة والما!

عاشرا: ليفرج عن كل من اعتقل بغير جريرة فورا، ان اعتقال احد ابنائك يا شعبي، هب يوما للذود عن حقك وكرامتك ، وحق وطنك وكرامته، ينبغي ان يتوقف ، وان يتوقف الى الابد ، فالحرية هدف اسمى لنضالك ، والقيد يعرقل المسير ، ويوغر الصدور ، ويؤجج نار الفتنة والحقد، ويفصم عرى الانتماء والود ، انها ثمار فجة ، سامة، قاتلة، تنضجها ريح سموم اسمها : اعتقالات.

يا شعبي : ان اليهود لا يريدون لنا الحياة ، يودون ان يزجّ نصف بنصفنا ، نارا موقدة ، تطلع على افئدتنا ، يوصدون ابوابها باعمدة ممددة ملتهبة ، فلا تفتح ابدا ابدا ، والا فهي (ابواب دوارة) ، كما يودون ان نكفر بالاهل ، والعشيرة، والوطن ، تتورم قلوبهم قبل انوفهم اذا افرج قضاؤنا عن سجين منّا، ويملأون الدنيا صياحا ، ونباحا... كلهم يصرخ ، كلهم يولول ، كلهم يلطم خدوده ، ويشق جيوبه : كيف يخرج من هدد كلنتون بالقتل!! الله اكبر ، لقد شنقوه بثوب ازرق لغانية يهودية لعوب اسمها مونيكا ، وجرّسوه ومسحوا به الارض ثم ينصبون (الملاطم) احتجاجا على الافراج عمن تمنى موته، واراح الخلائق من فجوره، وشروره ، ومجازره التي ينفذها في اعناق بغداد ، وكوسوفو ، والبوسنة ، وبيروت ... وفي كل مكان!.

ان الكلمة يا شعبي امانة ، وكتابة التاريخ اعظم امانة ، والحفاظ على حياة الانسان اعظم من كل ذلك ، ولا اخالك الا حليما حكيما. ان كل قطرة دم تسيل على ارضك تبعث في قلب كل شريف الف قطرة حزن ، والم، ولوعة ، وندم ، فلتحذر يا شعبي ، فلتحذر ، ودمت وحماك الله.

يا شعبي البطل: كفانا ما ازهق اعداؤنا من ارواح ابنائنا الطاهرة ، وكفى امهاتنا واخواتنا وبناتنا احزانا ، وفواجع، وكفانا توجسا وقلقا ، ان من حق شعبنا كل شعبنا ان يعيش حياة كريمة ، هادئة وآمنة ، ان من حق الاجيال القادمة ان ترث منّا الالتفاف حول حقوقنا ، وتعزيز وحدتنا لا التشرذم ، والاقتتال، والتفرق.

والسلام عليك يا شعبي ورحمة الله وبركاته.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل