بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

السلام... مشروع اقتصادي للرابحين فحسب!!

خلال عملنا في الصحافة وتنقلنا خلال التحقيقات والتقارير هنا وهناك ما بين مؤسسة ووزارة وشركات وهيئات ، نفاجأ بهذا الكم الهائل من التسيب والفوضى وعدم الانضباط الذي يعشش في اكنافها وليت الامر يقف عند هذا الحد بل انه يتجاوز هذا كله ليصل مرحلة الظلم متمثلة في الاحتكار وتبديد الاموال او بمعنى اخر "السلبطة عينك عينك" ، هذا الاحتكار وتبديد الاموال يعني اضاعة مئات الملايين من الدولارات شهريا على حساب الشعب وخدمة لفئة محدودة وجدت انه من "الاوجب وطنيا" ان تظل حالة الفوضى والتسيب ومراكز القوى والشللية قائمة لان ذلك سيسهل احتكار التبغ والبترول والاسمنت وحتى استيراد البقر والاغنام ، ولهذا يصدق القول بأن "اوسلو" كانت مشروعا اقتصاديا بحتا حوّل فيه الوطن الى "شركة خاصة" باستطاعة الكثير ممن يملكون الجرأة (وبالطبع غياب الضمير والحياء) ان يتجاوزوا وظائفهم الرسمية كي يشاركوا في صفقة هنا او شركة هناك وحتى اصبح هو الشغل الشاغل ، ويعرف كثيرون ان الاتحاد السوفييتي لم يسقط الا بعد تحويل كثير من موظفيه ممن يعملون في السياسة والامن الى العمل بالتجارة والصفقات غير القانونية والاندماج في السوق السوداء ، بعدها عم الحديث وطم عن الرشوة والمحسوبية والاحتكار واكل اموال الناس بالباطل حينها -كما يقول ابن خلدون - تبدأ الدولة تشيخ وتهرم حتى تهوي خاوية على عروشها. واذا كان البعض يتذرع بأن "السلطة ناشئة" واننا " في بداية الطريق" فهذا ليس مبررا على الاطلاق للفوضى والاحتكار اذ انه بالامكان محاربة ذلك واسقاطه بسهولة ، لكن المؤلم حقا ان هناك من يعززون هذا الاتجاه السالب والقاتل ويزيدونه يوما بعد يوم ، حتى انهم تربعوا على العروش وامسكوا بزمام الامر، وغدا الشرفاء وذوو النخوة الوطنية لا يملكون سوى التذمر والشكوى ، حتى ان مسؤولا كبيرا قال لي بالحرف الواحد " انا اعرف جيدا ان البلد فيها مافيا كبيرة تنهب الوطن وتسلبه خياراته لكن للاسف لا استطيع ان افعل شيئا ، رغم مكانتي الكبيرة التي تراها!! .. هكذا يبقى الوطن اسيرا محكوما "بالتراجع المؤبد"فالمسار السياسي بلا حراك مجمد محنط ينتظر معجزة تنفخ فيه الروح، والوضع الاقتصادي ينمو في جيوب البعض ويسلب من جيوب الاخرين.. وقس على ذلك الوضع الامني والاجتماعي ، ومن ثم تخرج بصورة قاتمة مؤلمة ومبكية في آن واحد.

اسفي الشديد ، ليس فقط ممن يسرقون الوطن ويكثرون جراحاته ، بل من الصمت المطبق على الشرفاء والعجز الذي غدا "مطلوبا" في هذه المرحلة ، ورحم الله سيدنا عمر الفاروق حينما قال "اللهم اني اعوذ بك من عجز التقي وجَلَد الفاجر" وسألوه في مناسبة اخرى "يا امير المؤمنين اتهلك القرى وهي عامرة (اي عامرة بالبنيان والفيلات والسيارات...) قال نعم ، اذا علا فجارها ابرارها"!! هل من المنطق ان نستسلم ونسلم زمام امرنا لمن يقودوننا الى الضياع والهاوية والزلزلة ، وهل من المنطق ان نصمت؟ .. اعتقد بالجزم : لا ، لان الاطهار بقوة الحق التي يمتلكونها وصوابية الرؤية وشرف المسؤولية بامكانهم تغيير ذلك "فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض " واقول لهؤلاء : يكفيكم ان الله معكم ، ويكفيكم ان تعلموا ان الجماهير عامة تحب الحق والعدل وتكره الظلم والتعدي، اذن هي مسألة الصبر وطول النفس وادارة "المعركة" مع معذبي هذا الوطن بالحكمة وسعة الافق و... "رحم الله امرء اراهم اليوم من نفسه قوة" قوة الحق ، وقوة الثبات وقوة الاصرار على نسف الباطل وارهاق روحه.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل