مقتل النقيب جودة واثنين آخرين

الروايات المتناقضة ومحاولة لتحويلها إلى قضية سياسية

 

العودة إلى صفحة الرسالة

خاص بالرسالة /

لازالت روايات عديدة - مختلفة احياناً ومتناقضة احياناً اخرى تسود قطاع غزة اثر الحادث الذي اودى بحياة النقيب رفعت جودة في مدينة رفح . وحاولت وسائل الاعلام واطراف اخرى تضخيم الحادث واعطائه دلالات سياسية وابراز الامر وكأنه اشتباك بين مسلحين من حركة حماس وقوات من الامن الوقائي ، وهو الامر الذي كذبته حماس من خلال بياناتها وتصريحاتها ، كما ان احداً من مسؤولي الامن الوقائي لم يصرح بأن الحادث كان على خلفية بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية ، وان الحادث كان محصوراً في "مشكلة معينة ومحدودة" .

** روايات مختلفة

اثر انتشار الخبر بمقتل النقيب رفعت جودة انتشرت شائعات كثيرة حول مقتله ، فاحدى الروايات تقول بأن سيارة تابعة لجهاز الامن الوقائي كانت ترصد يوم الاحد الماضي (الساعة 11 صباحاً) سيارة سوبارو بيضاء تقل ثلاثة اشخاص ، وظلت تتبعهم حتى وصلوا الى المقبرة الشرقية حيث حدث تبادل لاطلاق النار بين الطرفين ، ولم يعرف كيف بدأ الاشتباك ، الا ان العديد من الاهالي في المنطقة الشرقية (رفح) قالوا ان قوات الامن بدأت بإطلاق النار على سيارة السوبارو وان الافراد المحاصرين فيها حاولوا الفرار .

ورواية اخرى تقول بأن قوات الامن كانت ترصد المجموعة (رائد العطار ، محمد ابو شمالة ، اسامة ابو طه ، محمد عبد العال) وانها كانت تشك بأنهم يريدون تنفيذ صفقة سلاح ، غير انه لم يؤكد مصدر امني العثور على اي كمية من السلاح . وذكرت رواية ثالثة بأن قوات الامن كانت تطارد محمد عبد العال (الجهاد الاسلامي) للقبض عليه وانه تصادف وجود الافراد الآخرين معه بحكم صحبتهم .

المصادر الفلسطينية الرسمية لم تعط اي تفاصيل واضحة حول الحادث ، بل سارعت الى اصدار بيان وجهت فيه الاتهام الى "ثلاثة مسلحين من حماس / كتائب عز الدين القسام قاموا باطلاق النار باتجاه قوة من الامن الوقائي ... وتم متابعة المجرمين الثلاثة" .

اما اهل الشهيد جودة فلم يوجهوا الاتهام الى اي طرف وقالوا في بيان صدر عنهم "بعد ان ولى الاحتلال عن ديارنا المقدسة الى غير رجعة تأتي علينا فئة ضالة تمسك بالقانون في ايديها وتعبث بمقدرات شعبنا ، هذه المجموعة المارقة الجبانة قامت باطلاق النار على ابننا رفعت جودة" ، وطالب بيان آل جودة السلطة الفلسطينية بأخذ دورها والقبض على الفاعلين .

اما حركة فتح فإنها ذكرت في بيانها الذي اصدرته عقب الحادث "ان مجموعة مسلحة قامت باطلاق النار دون مبرر باتجاه احد مناضلينا ابن فتح" ولم يشر بيان الى جهة محددة تقف وراء الحادث .

يذكر ان صحيفة "القدس "على سبيل المثال نشرت يوم الثلاثاء الماضي على صفحتها الاولى بأن "رائد العطار و اسامة ابو طه كانا قد فرا من سجن فلسطيني قبل شهرين" وهو كلام عار عن الصحة تماماً اذ ان الاثنين لم يكونا مطلوبين للسلطة ولم يفرا من سجن بل كانا يعيشان حياة طبيعية ويتحركان بصورة طبيعية حرة ، كما لم تكن لهما اي مشكلة مع اي جهاز امني ، ونفس الامر ينطبق على محمد ابو شمالة . يذكر ان هؤلاء الثلاثة كانوا يعملون في المكتب الخاص الذي يرأسه العقيد سامي ابو سمهدانة .

** الطيب : الكتائب وراء الحادث!!

اما امين عام الرئاسة فقد اتهم حماس "بالعمل على اجهاض المشروع الوطني بنقل الصراع الى الساحة الفلسطينية" وذكر ان "كتائب القسام متورطة في مقتل ضابط الامن وان اوامر صدرت لكتائب القسام باطلاق النار على رجال الامن في حال تنفيذ القانون ، واكد عبد الرحيم "ان ماحدث ليس خطأً فردياً وانما على قرار سياسي وسابقة خطيرة" .

وعقبت مصادر في حركة حماس على اقوال الطيب عبد الرحيم بقولها ان عبد الرحيم حاول دوماً استغلال بعض الظروف لبث اخبار غير دقيقة تهدف الى اثارة الفتنة وتأجيج الصراع وليس العمل على حل المشكلة بطرق عقلانية هادئة ، واضافت هذه المصادر بأن الطيب يعرف جيداً بأن حركة حماس لم تؤمن قط بمنهج العنف ضد السلطة ولم تطلق النار ولم تعط اوامر بذلك .، ومن ثم فإن اقاويل الطيب كلها تصب في خانة التحريض وتأجيج الصدور ولي عنق الحقائق" واشارت هذه المصادر الى ان الطيب استخدم ذات الاسلوب لدى مقتل محيي الدين الشريف وانه لم ينجح في اثبات مصداقية كلامه للان ، لان الشواهد والادلة التي سيقت بعد ذلك تنقض كلام الطيب من اساسه .**حماس : ندين اسلوب المطاردات
تؤكد الحركة على سياستها الثابتة بتحريم الاقتتال الداخلي .. ان الاخوة الذين ذكرت اسماؤهم في الحادث لم يكونوا مطلوبين او مطاردين لاجهزة السلطة منذ ان تم تفريغهم على احد اجهزة الامن والذي يرأسه العقيد سامي ابو سمهدانة .. لذلك فإننا نتساءل لماذا تتم مطاردتهم وملاحقتهم ، ولماذا لم تحل مشكلتهم ان كان مشكلة من خلال جهازهم المسئول عنهم ؟ لذلك فإننا ندين اسلوب المطاردات الذي تمارسه اجهزة السلطة الامنية بهذا الشكل واطلاق النار في الشوارع ومداهمة البيوت بالمدججين بالسلاح والعبث بمحتوياتها وترويع المجتمع مما يفتح الباب واسعا امام عملاء اسرائيل من المستعربين والقوات الخاصة لتنفيذ مخططاتها ضد ابناء شعبنا .. ان دماء ابناء شعبنا امانة في عنق الاجهزة الامنية يجب عليها ان تحميها وتحرسها ، ان دماء النقيب رفعت جودة ودماء الطفلة فدوى جروانة والطفل محمد اليازجي هي مسؤولية السلطة التي يناط بها حماية المواطنين .. ان المحاولات المتسرعة التي عمدت الى ربط هذا الحادث بحركة حماس هي ممارسات مرفوضة بل وعارية عن الصحة .. لذلك فإن حماس تؤكد رفضها لهذا النهج المتكرر في محاولة لتشويه صورتها الناصعة.

الخلاص: لا تحولوها الى قضية سياسية

نؤكد على ادانتنا لكل انواع القتل ونؤكد على حرمة الدم الفلسطيني في كل الظروف ، نؤكد على ضرورة حل الاشكالات بالطرق القانونية وعدم اللجوء لاساليب المطاردات والحلول الامنية التي لا تجدي نفعا بل تفاقم الازمات .. نطالب جهاز الشرطة التروي في اصدار البيانات قبل التأكد من نتائج التحقيق.. كما نطالب بعدم تحويل القضية الى قضية سياسية.

المركز الفلسطيني : تجاوز المحرمات

المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يتابع بقلق هذه الاحداث المؤسفة ويستنكر بشدة اللجوء الى استخدام السلاح ويرى فيه تدهورا خطيرا داخل البيت الفلسطيني ويدعو جميع الاطراف الى الوقوف بحزم لشجب هذا السلوك الذي يتجاوز المحرمات الفلسطينية.

الهيئة المستقلة: ضرورة فتح تحقيق

وتطالب الهيئة المستقلة لحقوق المواطن بضرورة فتح تحقيق رسمي في الحادثة في رفح وكافة الحوادث المتفرعة عنها والاستماع الى جميع الاطراف والتعامل مع هذه القضايا بشفافية عالية واطلاع الجمهور على نتائج التحقيق درءاً لأي شبهات.

**اعتقالات ومداهمات

وقد قامت قوات الامن الفلسطيني بعد الحادث بمداهمة بعض البيوت لاعتقال مواطنين واستخدمت في ذلك القوة والعنف مما ادى الى تذمر الاهالي واستنكارهم . قال شهود عيان ان قوات كبيرة من الامن داهمت منزل رائد العطار ليلة الاثنين الماضي، وافادت عائلة العطار ان قوات الامن استفزت افراد العائلة ووجهت لهم شتائم وعبثت بمحتويات البيت واشاعت الفوضى والاضطراب ، ثم قامت باعتقال ناصر وعبد العزيز العطار ، كما قامت قوات الامن كذلك بمداهمة منزل محمد ابو شمالة في مدينة رفح.

وفي مخيم الشاطيء ذكر الاهالي بأن قوات كبيرة من الامن الفلسطيني من بينهم ملثمون وشرطة نسائية قامت بمداهمة منزل رجب القوقا ، فيما قامت قوات اخرى بمحاصرة الشوارع المحيطة واعتلاء اسطح المنازل ،ونقل عن عائلة القوقا قولها ان قوات الامن هجمت على المنزل بقوة وعنف وضربوا امرأة عجوزا واخرى حاملا، كما عبثوا بمحتويات البيت ، وقال شهود عيان من نفس الحي ان قوات الامن اطلقت النار بكثافة وان حصار المنزل استمر ساعتين ، يذكر ان رجب القوقا -23 عاما- متزوج ويدرس في كلية الحقوق - جامعة الازهر .

وقال المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ان قوات الامن اطلقت النار في الهواء بكثافة لتفريق المواطنين الذين تجمهروا في المكان ، ثم قام المواطنون بملاحقة قوات الامن وقذفوها بالحجارة وردت تلك القوات باطلاق النيران واستمرت حالة التوتر حتى السابعة مساء.

وفي حي الصبرة قامت قوات كبيرة من الامن بتحركات واسعة في شوارع الحي، وقد قامت اثناء ذلك باطلاق النار مما ادى الى اصابة شرطي فلسطيني يدعى بهاء النمس يقال ان اصابته خطيرة.

وقال شهود عيان في الحي ان قوات الامن -بعضها كان ملثما- كانت تجوب الشوارع بسيارات عديدة فيما شهر افراد الامن اسلحتهم واطلقوا النار في الفضاء.

**لا تشريح .. ولا تقرير طبي

يقول شهود عيان ان قوات الامن الفلسطينية قامت بدفن الشهيد جودة دون القيام بعملية تشريح لاثبات كيفية حدوث القتل ، ذلك لان الاقاويل تضاربت حول كيفية مقتله ، فقد ذكر العديد من الاهالي ان الرصاصة دخلت من الخلف اي من الظهر اي انه ربما لا تكون الرصاصات قد اطلقت من قبل المطاردين انفسهم ، وذكر اهالي الثلاثة الذين اعتقلوا انه من الواجب على السلطة عمل تشريح طبي لمعرفة نوع الرصاصة ومدخلها ومخرجها ، وان ذلك سيساعد في الكشف عن الحقائق الواضحة ولا يترك المجال لتأويلات متناقضة وغير سليمة.

**قتلى ثلاثة .. وحصان

خلال الحادث قتلت الطفلة دعاء محمد جروانة (7 سنوات) كما قتل الفتى ممدوح اليازجي (11 عاما)، بالنسبة للطفلة فقد افاد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان بالتالي "بدأت الاحداث في مدينة رفح حوالي الساعة 11 صباحا عندما لوحظت سيارة تابعة لاجهزة الامن تطارد سيارة سوبارو بيضاء اللون وافاد شاهد عيان ان سيارة مسرعة مرت من امامه وشاهد بعدها طفلة ملقاة على الارض " وقد توفيت الطفلة فيما بعد متأثرة باصابتها ، وكانت متوجهة الى المدرسة عند وقوع الحادث، وقد تضاربت الانباء حول السيارة التي دهست الطفلة ، الا ان بيان الشرطة الذي صدر بخصوص الحادث قال ان سيارة السوبارو التي كانت مطاردة من قبل قوات الامن هي التي صدمتها ودهست الطفلة" غير ان بعض شهادات الاهالي في المنطقة الشرقية في رفح تقول ان سيارة الامن هي التي دهست الطفلة لانها كانت تسير بسرعة قوية.
اما بخصوص الطفل ممدوح اليازجي فقد قتل نتيجة دهسه من قبل اجهزة الامن كما يقول بيان المركز الفلسطيني ، واضاف البيان ان الطفل توفي متأثراً بجراحه في حوالي الساعة الثالثة فجر يوم الثلاثاء ، كما وصل المواطن جهاد بكر الى مستشفى الشفاء بغزة بعد اصابته بعيار ناري في ساعده الايمن كما اصيب المواطن توفيق بكر بعيار ناري في كتفه عندما كان يراقب الاحداث .

ويقول اهالي مخيم الشاطئ انه لم يحدث اي اشتباك او تبادل لاطلاق النار خلال محاصرة قوات الامن للافراد الثلاثة ، وان قوات الامن هي التي باشرت باطلاق النار بشكل كثيف وفي نواح مختلفة مما ادى الى اصابة العديد من المواطنين .

اما الحصان فقد قتل في مدينة رفح اثناء هجوم قوات الامن لالقاء القبض على الثلاثة ، كما ذكر لاحقاً ان حصاناً آخر قتل في حي الصبرة لدى قيام قوات الامن باطلاق النار دون ان يكون هناك اشتباك او مطلوبين .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل