عندما ينام الفلسطيني ويصحو على صوت رصاص الإحتلال

 

العودة إلى صفحة الرسالة

بلدة عورتا صورة للمعاناة الفلسطينية اليومية جراء استمرار الاحتلال

نابلس - نواف العامر

جلس الكهل محمد الجمل 70 عاماً من بلدة عورتا جنوب نابلس 8 كم تحت شجرة زيتون رومية عتيقة راسخاً رسوخ وتجذر جذور الزيتونة وقد التقت معاني الشبه بينهما فتجاعيد وجهه تشبه ثنايا عقد الزيتون ولحاءها المائل للسواد وتنحدر حبات العرق من جبينه الشامخ الذي حمل بين طياته الام ومآسي في سنواته العجاف يستعيد ذكرياته الخوالي الا ان دمعتين ساخنتين تنسابان منه بخجل وتواضع عند مرور دورية عسكرية اسرائيلية تتجه نحو معسكر حوارة الخاضع لسيطرة الاحتلال .

ويحيط ببلدة عورتا معسكرين للجيش الاسرائيلي اقيما على اراضيها بعد احتلال عام 67 للضفة الغربية الاول في الجهة الشرقية والثاني في جهتها الشمالية الغربية على المدخل الرئيسي لها ويشكلان خطراً حقيقياً على سكان البلدة الوادعة .

ويعقد الحاج الجمل بعد ان تنهد طويلاً مقارنة بين ايام زمان والايام الحالية حيث كان ينام الناس على اصوات الطيور ويصحون صباحاً على صوت البلبل والعصفور >البليدي< اما الآن فيغفو الناس مكرهين ويستيقظون ايضاً ويعيشون معظم ساعات النهار والليل على اصوات الرصاص وزخات البنادق الآلية التي يصدرها جنود الاحتلال ومستوطنوه الذين يقومون بالتدرب في المعسكرين غير آبهين بما يحدثه ذلك من رعب وهلع في نفوس الاطفال من جهة وتخريب للاراضي والمزروعات من جهة اخرى .

ويستشهد الحاج الجمل بقصة المزارع حسن احمد يوسف الذي قدر له ان تكون ارضه بجوار المعسكر الرئيسي ويعتاش منها حيث بدأ دخله يتناقص تدريجياً جراء المواد المنبعثة من قذائف التدريب والرصاص والغازات وتدهور انتاجها الى ما دون النصف مقابل السنوات الخوالي .

ولا يبدو ان الضباط الذين يشرفون على ادارة معسكرات التدريب يرغبون في السماح للمواطنين بالعبور نحو نابلس بسياراتهم او باتجاه اراضيهم فيقومون بتقديم وجبات شبه يومية من الاذلال في طوابير الصباح والمساء عبر الحواجز العسكرية التي يتم نصبها في المحيط ويطلقون عبارات وشتائم نابية بحق الاهالي .

ويؤكد مواطنون وشهود عيان ان الجنود يوجهون نيران اسلحتهم المختلفة لمجسمات تدل على ان اصحابها مطلوبون ويهاجمون بشكل هستيري بيوت وهمية خشبية كتب عليه >الله اكبر .. حماس< في خطوة لاقتحامها مطلقين عبارات تعبر عن الحقد على العرب والموت لهم ويصبون جام غضبهم على الموقع المستهدف ويصرخون بأصوات عالية تعبيراً عن الفرح بالنصر .

وينتمي معظم المرتادين لمعسكرات التدريب للقوات الخاصة وألوية جفعاتي وجولاني وقطعان المتطرفين من المستوطنين القادمين من مستوطنات شمال الضفة الغربية .

ولا تسلم اشجار الزيتون والمزروعات من اعتداءات المتدربين الذين يقومون بتكسير اغصان الزيتون لاستخدامها في التمويه اثناء التدريب ناهيك عن تجريف الاراضي المحيطة وحفر الخنادق الارضية كاستحكامات عسكرية حيث تبدو الاراضي كثكنة عسكرية او ساحة حرب حقيقية اثناء ساعات التدريب .

ولم يترك الاحتلال القرية واراضيها على هذا النمط القاسي بل تعداه لسرقة اراض شاسعة في خلة عبدالله وجبل الشيخ محمد لاقامة مستوطنة ايتمار في اواخر الثمانينات ومن ثم النواة الاستيطانية الجديدة للشرق منها قبل ثلاثة اعوام وهي جدعونيم .

ويقود المستوطن نسيم حوافة الذي يطلق عليه الاهالي اسم البغل لكونه يزن 041 كجم حملة منظمة من الاستفزازات والاعتداءات على المزارعين والرعاة والاهالي ويهددهم بالموت في حال عودتهم مجدداً الى اراضيهم .

كان الله في عون اهالي عورتا البلدة الوادعة التي تعتبر صورة مصغرة لواقع المعاناة التي يتجرعها جراء استمرار الاحتلال وابتلاع الاراضي لتسمين مستوطناته المزروعة في خاصرة الوطن .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة