سحقاً للشيخ مرحباً بالحاخام

 

العودة إلى صفحة الرسالة

بدأت الدعوات تنهال على مكتب الحاخام عوفاديا يوسيف الزعيم الروحي لحركة "شاس" اليهودية المتدينة ليزور عدداً من الدول العربية وخصوصاً دول "الجوار" ، وكما اتضح فإن الحكومات العربية صاحبة الدعوة قد اعدت للحاخام برنامج زيارة حافلاً يشمل لقاءات مع رؤساء هذه الدول . سفراء هذه الدول او مبعوثو حكوماتها الذين "حجوا" الى مكتب الحاخام في القدس لكي يقدموا الدعوات ارغموا على اعتمار القبعات الدينية التي تميز اليهود المتدينين وذلك لانه لا سبيل "للفوز" بلحظات من وقت الحاخام دون ذلك . توقيت هذه الدعوات يوضح الاسباب الكامنة وراء ذلك ، فاسرائيل على ابواب الانتخابات ، وعوفاديا يوسيف يتزعم حركة ذات تأثير كبير في الحلبة السياسية الاسرائيلية ، وهناك الآلاف من اليهود من يلتزم بتعليمات هذا الحاخام، واذا ما اعلن هذا الحاخام تأييده لاحد المرشحين لرئاسة الوزراء فإن فرص نجاحه تبدو كبيرة وواعدة . سفير احد الدول العربية في اسرائيل اوضح بصراحة ان الحكومات العربية معنية بوقوف الحاخام الى جانب "معسكر السلام" الاسرائيلي !!

الحاخام قبل الدعوات لكن مساعديه اوضحوا ان جمهور "شاس" الانتخابي هم انصار لبنيامين نتنياهو ويؤيدونه بشكل مطلق وتام ، ولذا فإن الحاخام لا يمكن ان يتجاهل رغبة اتباعه وميولهم كما يقول احد نواب شاس في الكنيست، لكن مكتب الحاخام اوضح انه سيطالب رؤوس الانظمة العربية الذين سيلتقي بهم بـ"تشديد الخناق" على قوى التطرف الاصولية ، كما صرح عفوديا يوسيف نفسه انه سيشدد على الزعماء العرب ان يوقفوا "التحريض" على اسرائيل واليهود في وسائل الاعلام العربية ، لكن من هو عفوديا يوسيف هذا الذي يحمل هذه المطالب؟! وعن اي تحريض يتحدث ؟! ، وهو الذي يصف العرب بأنهم "مجموعة من الرعاع دون مستوى البشر" ، وعن المسجد الاقصى يقول لانصاره "لا تقلقوا سيأتي اليوم الذي نطهر هذا المكان من رجس المسلمين"، وعفوديا يوسيف مشهور على نطاق واسع بحبك وصياغة النكات التي يسخر فيها من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مجال لذكرها تنزيهاً لرسولنا الاعظم .

سبحان الله ... في هذا الوقت الذي تفتح فيه ابواب العواصم العربية على مصراعيها اجلالاً لهذا النتن ، فإن مزيداً من الدول العربية ترفض السماح للشيخ العلامة العظيم الدكتور يوسف القرضاوي بزيارتها وذلك في اعقاب سلسلة اللقاءات التي تجريها معه الفضائيات العربية والتي بين فيها موقف الشرع من تنسيق الانظمة العربية مع الولايات المتحدة بشأن العراق . عدد من وسائل الاعلام العربية اكدت ان وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت نفسها قد طالت الحكومات الخليجية التي تجري فضائياتها لقاءات مع الشيخ ان تحظر ذلك فوراً ، بعد ان كرر فضيلته الدعوة لمقاطعة الولايات المتحدة ولإفتائه بجواز تنفيذ عمليات استشهادية ضد الاهداف الاسرائيلية . هكذا يبدو المشهد العربي بكل كآبة .

حتى السلاطين الذين حكموا اواخر العهد الفاطمي والذين اشتهروا بعمالتهم للصليبيين وتواطؤهم مع اعداء العروبة لم يجرؤوا على استفزاز الامة بمواجهة العاملين من علمائها فكانت ظاهرة العز بن عبد السلام . ان رجلاً مثل القرضاوي الذي كابد اذى الظالمين وهو فتى يافعاً فلم تلن له قناة ولم تستكن له ارادة ، لن يسمع الطغاة منه كلمة واحدة يقربها باطلهم وهو في اواخر العمر . لقد هالهم الموقف وكبر عليهم الخطب عندما وجدوا الآذان تصغي الى هذا الصوت الصادق القوي الامين ، وتميزوا غيظاً وهم يلاحظون ملايين الافئدة تهوى الى هذا العالم الجليل ، فيتجمع المسلمون في مشارق الارض ومغاربها فرادى وجماعات امام شاشات التلفزيون ليطيبوا مسامعهم بعظات الشيخ الذي يتقرب الى الله مجمل مقاله . ان الاجراءات ضد القرضاوي لن تزيده الا قرباً من الشعوب المتعطشة للكلمة الصادقة .

اما الاذناب الذين اختاروا الدوران في فلك عبد مونيكا فهنيئاً لهم حاخامهم عوفاديا بن يوسيف .

اثار الفيلم الوثائقي الذي بثته شبكة التلفزة البريطانية الـ بي بي سي عن الفساد وانتهاك حقوق الانسان في مناطق السلطة الفلسطينية غضب الكثيرين من الوزراء وخصوصا اولئك الذين ذكرت اسماؤهم في هذا البرنامج. هؤلاء المسئولون اتهموا الشبكة البريطانية بـ "تجاوز الموضوعية ، والتحيز" حسب ما ورد في هذا التقرير فإن الشبكة التفلزيونية لم تأت بشيء يجهله الناس هنا، ليس من السهل الطعن في نزاهة التقرير لانه استند الى شهادات حية لوزراء سابقين في السلطة ونواب تشريعي ومسؤولي منظمات حقوقية واكاديميين ، وكما زار الذين قاموا باعداد البرنامج العائلات الفلسطينية التي قضى ابناؤها نحبهم تحت التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية ، من هنا فإن نسف ما جاء في التقرير لا يتسنى الا من خلال التدليل بالحقائق على عدم حدوث ما جاء فيه من وقائع.

شبكة الـ بي بي سي ستقوم بتوزيع هذا الفيلم على الكثير من دول العالم ليتم عرضه ، وقد قامت القناة الاولى في التلفزة الاسرائيلية بعرضه كاملا، ومن المتوقع ان تقوم شبكات تلفزة اخرى بعرضه. اصوات كثيرة تعالت داخل اروقة السلطة مطالبة بضرورة وضع استراتيجية اعلامية للسلطة الفلسطينية لدحض ما اسمته بـ "الحملات المغرضة التي تستهدف سمعة السلطة" ، ولعل تلفزيون فلسطين قد عرض برنامجا كاملا حول هذه المسألة ، والسؤال المطروح : هل ما نحتاجه كفلسطينيين هو خطة اعلامية للرد على حملات الاخرين ام برامج اصلاح حقيقية وتطبيقها ، وذلك لجعل من يريد السوء بالسلطة لا يجد ما يرميها به ، لقد فتحت هيئة الرقابة التابعة للسلطة ملف الفساد واستكمل معالجته المجلس التشريعي ، وبعد ان علم القاصي والداني بهوية الفاسدين والمفسدين وحجم الجرائم التي ارتكبوها بحق ابناء شعبهم وبعدما حدا الجماهير الامل ان تتم معاقبة هؤلاء او على الاقل التخلص منهم فإذا بالتشكيلة الوزارية الجديدة تبقي عليهم ليواصلوا ما كانوا عليه ، كما ان تدهور سجل حقوق الانسان الفلسطيني لا يستدل عليه من خلال هذا البرنامج الوثائقي او ذاك ، بل ان الاعتقال السياسي والتعذيب وتجاوز القانون وعدم احترام قرارات محكمة العدل العليا وغياب تعددية سياسية حقيقية واقع يعيشه الفلسطيني، وهذا ما يلمسه كل انسان يعيش في الضفة الغربية وقطاع غزة، انه لا يمكن التقليل من حجم ظاهرة الفساد لمجرد ان دول الجوار العربية تعاني من هذه الظاهرة، فهل هذا مبرر، ومن ناحية ثانية فإن الاوضاع في الاراضي الفلسطينية اكثر خطورة لان تسلط الفساد وعدم احترام حقوق الانسان الفلسطيني يتزامن مع اوضاع كارثية يحياها هذا الشعب الذي عليه ان يواجه في نفس الوقت تبعات عشرات السنين من الاحتلال المتواصل، بالرغم من كل ما تقدم فانه بالامكان الاستدراك وذلك عبر معالجة اسباب الداء للتخلص من اعراضه للابد، فيجب ان يتم تطهير المؤسسات الفلسطينية من الفاسدين ويجب التوقف عن انتهاك حقوق الانسان بالتراجع عن كل الممارسات التي تعكس ذلك، وهذا سيكون كفيلا بتغيير الانطباع العام والسائد عن الاوضاع الفلسطينية، ففي الاتحاد الاوروبي شرعوا في مساءلة السلطة عن الاوجه التي يتم فيها صرف اموال الدول المانحة ويتحدثون بشيء من الشك وانعدام الثقة في موضوعية الطريقة التي يتم فيها انفاق هذه الاموال.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة