بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

اليورو: لماذا توحدوا .. ولماذا نختلف؟

ها هي اوروبا تقفز قفزتها الكبيرة لتغرق العالم بـ "اليورو" بعد ان اغرقته بحضارتها الغربية : فلسفة ومادة ، اوروبا ذات الاصول العرقية المختلفة واللغات المتباينة والطوائف الدينية المتحاربة تحقق اعقد عملية اقتصادية في التاريخ اذ ان قارة باكملها ستتوحد تحت عملية اقتصادية واحدة، في الطريق الى الوحدة السياسية التي تبدو شبه متكاملة : اذ ان الالماني بامكانه المرور الى فرنسا فقط باشهار جوازه. نصحو غدا لنجد ان اليورو قد دخل "جيوبنا" وبنوكنا ، بالطبع سيتوارى الدولار الامريكي امام اليورو الموحد من دول غنية باتت تجد ان من حقها ان تطرح عملتها في عالم يسيطر عليه اقتصاد السوق ، هذا شأنهم ، فما بالنا نحن؟ وما بالنا مع كل تقدم هناك في (الغرب) نطرح هذا السؤال -للمرة المليون- الذي طرحه شكيب ارسلان قبل خمسين عاما: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟ ونحن الذين لم نجد للان الجواب الشافي على جبال الاسئلة المتراكمة عبر قرون من الزمان ، رغم ان امة تجمعها اللغة والدين والتاريخ والتراث .. حتى فلسفة الهزيمة والانحطاط ، ورغم اننا نجد امامنا عدوا لدودا ينازعنا -ليل نهار - ثقافتنا وتراثنا بل ولقمة عيشنا .. ورغم الصوت المدوي الذي يلج في كل مسجد وعلى كل منبر ان هذه امة واحدة " .. ورغم كل الحروب البائرة والانتصارات الزائفة والدروس الموجعة التي غرست في لحومنا الف "خطاف" من الاسئلة .. لم نستطع للان ان نتوحد. ولا اريد ان اذهب بعيدا لكي اتخيل "امة عربية واحدة" او "خلافة اسلامية" .. كل امنيتي ان ارى وحدة حقيقية ولو على مستوى جماعة واحدة عندنا تتوحد في افكارها وتصوراتها واهدافها ، او على مستوى تجمع تبحث منذ سنوات على "المرحوم " المسمى الوحدة الوطنية ولم نجد له للان رسما ولا قبرا.

يا ترى هل اصبحت الفرقة والاختلاف والتمايز عن الاخرين جزءاً من ذاتنا وعقليتنا وتفكيرنا وسلوكنا ، وهل اصبحنا نقارع ونجادل لكي نختلف ونحارب لكي نختلف ونعارض لكي نختلف ، اليس قول ابن عباس (رضي الله عنهما) "الاختلاف كله شر" حقيقة؟ اي الاختلاف المفضي الى التنازع ، لا "اختلاف الرحمة" الذي يعني اتساع مساحة الرأي واحترامه وتقديره. اننا بحاجة ملحة الى ان نجيب على السؤال ، لماذا نختلف .. ولماذا لا نتقدم؟ هو ليس بالسؤال الهين لانه تراكمت عليه ارتال من الغش والتحريف والتشويه حتى ظن البعض ان مرحلة "الاحياء" ضرب من العبث ، لكن اعتقد انه ما من امة عثرت الا ونهضت ، وتلك سنة الله في خلقه ، والنهضة بحاجة اولا الى تشخيص لحالة الانحطاط ثم وضع الحلول على قواعد علمية سليمة.

اليورو الفلسطيني لابد ان يخرج الى النور ، سواء كان "يورو " سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا ، المهم ان نعرف ان التوحد هو اعظم واسمى عوامل تقدم الامم -مهما كان معتقدها- والامة ان تجتمع على الخطأ خير من ان تتفرق على الصواب ، لان اصلاح الخطأ محتمل جدا وميسور اما جمع المتفرق فمن العسير المتعذر.

"اليورو" صرعة جديدة من صرعات "الغرب" اتتنا في عقر دارنا ، وعقر جيوبنا ومصارفنا ومن الواجب ان نعي ان هذه "الصرعة" الجديدة مقدمة لصرعات اخرى قد تملأ عليناالديار خيلا ورجالا ، فهلا اخذنا ذلك بالحسبان قبل ان تدهمنا "روبلات" روسيا و"ينات" اليابان.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة