حصاد الإقتصاد الفلسطيني عام 98

 

العودة إلى صفحة الرسالة

صدمات اقتصادية .. ارتفاع الاسعار والبطالة والفقر ... تضخم الجهاز الوظيفي

تقرير / وسام عفيفة

برغم التفاؤل الذي حمله المواطن الفلسطيني بتحسن الاوضاع والظروف الاقتصادية خلال عام 98 الا ان التراجع الاقتصادي لازال مستمرا بل ربما تعرض المواطن لهزات اقتصادية خلال عام 98 كان ابرزها الانخفاض الحاد لقيمة الشيكل الذي اثر سلبيا على المواطن الفلسطيني في مختلف المجالات الاقتصادية ولم يقف الامر عند هذا الحد فسرطان البطالة يتفشى بسرعة في المجتمع وغول الفقر يطارد المواطنين وجنون الاسعار متواصل.

والسلطة الفلسطينية تعد وتبشر المواطن بتحسن مستوى المعيشة خصوصا بعد توقيع اتفاقية واي حيث بدأت احلام اليقظة تظهر من خلال امكانية فتح الممر الامن وتشغيل المطار والشروع بالميناء .. الا ان نهاية عام 98 حملت عكس ذلك وبدا واضحا ان السلطة افاقت من احلامها على سقوط الواي ويمكن القول ان الحسنة الوحيدة تلك التي شعر بها الموظفون في السلطة بعد الشروع في التنفيذ التدريجي لقانون الخدمة المدنية بعد الضغوط الكبيرة التي مارستها شرائح مختلفة من الموظفين للاسراع في تنفيذه ولولا ذلك لكان الوضع اسوأ مما هو عليه وفي هذا التقرير نستعرض الملامح الاقتصادية للعام 98 ويمكن القول انها لا تبشر بالخير حتى الان.

**صدمات مالية واقتصادية

السلطة الفلسطينية عاشت تحت رحمة مجموعة من الصدمات المالية والاقتصادية والتي تسببت في العجز في ميزانية السلطة ، الصدمات الاولى هي كون الاقتصاد الفلسطيني مرتبطا الى حد كبير بالاقتصاد الاسرائيلي وكون ان الاقتصاد الفلسطيني الى حد ما على علاقة مباشرة بالاقتصاد الاردني وبالتالي مجموع الازمات التي تـؤثر في الاقتصاد الاردني وبالتالي مجموع الازمات التي تؤثر في الاقتصادين الاردني والاسرائيلي تعكس نفسها مباشرة على الاقتصاد الفلسطيني فمثلا ان اي تخفيض في سعر الشيكل مقابل العملات الدولية نتيجة تباطؤ وازمة يعيشها الاقتصاد الاسرائيلي يعكس نفسه بشكل مباشر على موازنة السلطة وعلى موازنة المواطن ودخله وقدرته الشرائية.

وحول موازنة السلطة الفلسطينية للعام 1998 ذكر وزير المالية محمد زهدي النشاشيبي في تصريح له اثناء احالة الموازنة الى المجلس التشريعي لمناقشتها واقرارها ان حجم الايرادات المحلية المتوقعة من جباية الضرائب والرسوم المختلفة للعام المنصرم يبلغ 877 مليون دولار يضاف اليها ما تعهدت بتقديمه الدول المانحة والذي يبلغ 900 مليون دولار ، وبذلك يصبح حجم الايرادات 1777 مليون دولار بزيادة قدرها 8.4% عن العام 1997 في حين يبلغ حجم النفقات 17.1814 مليون دولار تقريبا ما يعني عجزا بواقع 37 مليون دولار تقريبا يتم توفيره من مصادر محلية ودولية مختلفة.

**النفقات والتضخم الوظيفي

واشار النشاشيبي الى سياسة التعيينات الخاطئة التي تتم في الوزارات المختلفة موضحا ان حجم الرواتب سيصل الى 465 مليون دولار اي بزيادة قدرها 3.4 % عن العام 97 وقال ان معظم التعيينات تتم بشكل مخالف للقانون ودون اعتماد مالي.

يذكر ان الجهاز الوظيفي الحكومي في الاراضي الفلسطينية ما يعادل 14% من اجمالي حجم قوة العمل ولاتختلف تلك النسبة عن بعض بلدان الشرق الاوسط التي تصل فيها النسبة الى 10% الا ان المشكلة تبرز لدى تقييم مستويات الاجور والمعاشات بالقياس الى اجمالي النفقات الجارية والناتج المحلي الاجمالي والمعاشات في فلسطين حتى نهاية العام 98 ما قيمته 45% من اجمالي الناتج المحلي علما بان تلك النسبة في مصر على سبيل المثال 28.6% من النفقات الجارية و 6.1 % من اجمالي الناتج القومي لها.

وقد بلغت الزيادة في حجم الجهاز الحكومي في فلسطين 12 الف في العام 97 وزادت عن 6000 خلال النصف الاول من العام 98 ، الامر الذي يهدد في المستقبل القريب ، وعلى صعيد اخر ارتفعت واردات خزينة السلطة الفلسطينية من عائدات الجمارك والضرائب المفروضة على المستوردات المباشرة الى حوالي 320 مليون دولار للعام 1997 ووصلت الى 400 مليون دولار في العام 98 المنصرم.

* انخفاض الشيكل صدمة اقتصادية

كان لانخفاض سعر الشيكل مقابل الدولار اثره وانعكاساته السلبية التي القت بظلالها السيئة على مختلف القطاعات الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية وبخاصة الفئات ذات الدخل المحدود المرتبطة اجورها بالشيكل كما طالت هذه الانعكاسات القطاعات التجارية والصناعية والانتاجية مما ادى بدوره الى ارتفاع في اسعار السلع تراوح بين 10-25% في الوقت الذي شهدت فيه القدرة الشرائية للمواطن انخفاضا ملحوظا نتيجة لعدم ربط الرواتب بجدول غلاء المعيشة ومن الفئات التي تضررت جراء ذلك .

ـ اصحاب الدخول المرتبطة بالشيكل ويتمثل الضرر في انخفاض حقيقي في عائداتهم بنفس نسبة انخفاض الشيكل .

ـ المدينون والمقترضون بالعملات الاجنبية ويعتبر التجار والمستوردون في طليعة هذه الفئة .

ـ اصحاب الودائع بالشيكل حيث يتأثرون سلبا بتخفيض قيمة الشيكل وهذه الودائع تشكل مبالغ ضخمة .

ـ الصرافون واصحاب مكاتب الصرافة حيث يحتفظون بالسيولة بحكم عملهم وخاصة الشيكل وقد اعطى انخفاض الشيقل غطاء شرعيا لاستثمار العملات الاجنبية خارج فلسطين وحرمان السوق الفلسطيني من مدخراته .

** ارتفاع غلاء المعيشة والفقر

الارتفاع الحاد والجنوني في الاسعار كان سمة العام 98 وخصوصا في السلع الاستهلاكية مما اثقل كاهل المواطن الفلسطيني وفي هذا الاطار ذكرت دائرة الاحصاء المركزية ان الاراضي الفلسطينية شهدت ارتفاعا في اسعار المستهلك بنسبة 85.2 % خلال شهر ، وشهدت اعلى معدلات ارتفاع في الاسعار خلال شهر تشرين الاول 98 مقارنة بالاشهر السابقة وشهدت اسعار المواد الغذائية قفزة في الاسعار لم يسبق لها مثيل خلال العام المنصرم وسجلت ارتفاعا قدره 91.4 % خلال الشهر نتجت بصورة رئىسية عن ارتفاع اسعار معظم المواد المكونة لهذه المجموعة فسجلت اسعار اللحوم والدواجن والاسماك ارتفاعا قدره 44.7 % والفواكه والخضروات بنسبة 1.5 % والحبوب ومنتجاتها بنسبة 39.2 % ومنتجات الالبان والبيض بنسبة 11.3 % والزيوت والدهون بنسبة 82.1 % والسكر والمنتجات السكرية بنسبة 94.2 % كما سجلت اسعار المشروبات والتبغ ارتفاعا قدره 27.1 % واسعار الاقمشة والملابس والاحذية بنسبة 38.0% .

هذا وتحدث اخر الدراسات التي اجرتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي عن ان 24% من المجتمع الفلسطيني يعيش تحت خطة الفقر وذلك ناتج عن تكرس التبعية الاقتصادية الفلسطينية وربط سوق العمل بالاقتصاد الإسرائيلي مما يعزز بطالة كبيرة .

** البطالة والعمالة

والعام 98 عام بطالة وارتفاع مؤشرها مستمر وتظهر انعكاسات ذلك واضحة على الاقتصاد الفلسطيني ، وقد بلغت نسبة البطالة خلال النصف الاول من العام 98 5.14 % بواقع 8.11 % في الضفة مقابل 4.20 % في غزة حسب تقرير اصدرته دائرة الاحصاء واشارت نتائج التقرير الى ان نسبة القوى العاملة المشاركة بلغت 2.40 % من مجموع الافراد فوق سعر 15 بواقع 43% في الضفة وحوالي 3.35 % في غزة .

واشارت النتائج الى ان معدل الاجر اليومي بلغ في الضفة 9.55 شيقلا مقابل 3.46 % شيقلا في غزة مقابل 6.96 شيقلا معدل ما يتقاضاه العاملون في اسرائيل والمستعمرات .

وتشير نتائج مسح اولي لدائرة الاحصاء ان نسبة البطالة تنتشر في صفوف الشباب ضمن الفئة العمرية من 15-19 سنة حيث بلغت نسبة البطالة حوالي 3.25 % كما افادت نتائج المسح ان 8.13 % من العاطلين عن العمل انهوا 13 سنة دراسية فأكثر حيث تتوزع هذه النسبة بواقع 3.11 % للذكور مقابل 8.20 % للاناث .

وعلى ضوء ما سبق فان التوقعات ان يكون قد وصل حجم البطالة في العام 98 الى (130000 ) عاطل منها (73000) في الضفة و (57000) في غزة .

وعلى جانب اخر ونتيجة لازمة البطالة اضطرت السلطة للقيام بتوظيفات كبيرة هي في بعض الاحيان ليست بحاجة لها وهذا اصبح يعني ان حوالي 64 الى 66% من الموازنة الفلسطينية تدفع مرتبات ، يشار انه استنفدت اموال الدول المانحة المخصصة لبرنامج البطالة خلال العام 98 .

** 98"الواي" والمنطقة الصناعية والمطار

وخلال العام 98 تم توقيع اتفاقية واي بلانتيشن في 24/10 والتي اشتملت على جوانب اقتصادية عديدة حيث نظر لها المسؤولون في السلطة الوطنية واعتبروها فاتحة عهد جديد من الانتعاش الاقتصادي حيث تم الاتفاق على زيادة التنمية الاقتصادية وافتتاح المنطقة الصناعية وتشغيل المطار والممر الآمن وميناء غزة . هذا ويلاحظ ان البنود الاقتصادية للاتفاق عائمة .

هذا وقد تم افتتاح المنطقة الصناعية في 14/12/98 والتي اشار المسؤولون في وزارة الصناعة وانها ستوفر 10 آلاف فرصة عمل مباشرة خلال السنوات الاربع الاولى ، وهناك 22 مصنعاً جاهزة للعمل بعد افتتاحه ويبلغ عدد المصانع المخططة في جميع مراحلها 100 مصنع ، اضافة الى عدد من قطع الارض الخلاء .

كما تم افتتاح مطار غزة خلال زيارة كلينتون لاراضي السلطة الفلسطينية ويشير الاقتصاديون ان المطار يشكل انجازا اقتصاديا حيث سيسهل الحركة لرجال الاعمال والمواطنين ويشجع الاستثمار ويساعد في تصدير المزروعات .

ويشار هنا ان تعطيل تنفيذ اتفاق "واي ريفر" يفند الكثير من الوعود الاقتصادية ويوقظ المسؤولين في السلطة من احلامهم على الواقع المرير في ظل التراجع المستمر للاقتصاد الفلسطيني .

** اموال الدول المانحة في 98

وكان قد وعد مؤتمر الدول المانحة في 30/11/98 تقديم ثلاثة مليارات و 800 مليون دولار للسلطة الفلسطينية خلال السنوات الخمس المقبلة وقد تصل الى ما يقرب من 4 مليارات دولار في مؤتمر يعقد في المانيا مطلع شباط 98 .

وفي خطاب الرئيس عرفات امام المؤتمر ، اشار الى ان خطط التنمية اشتملت على استراتيجيات تعطي القطاع الخاص الدور القيادي في العملية .

ويبدو ان سياسة السلطة الفلسطينية تتجه نحو القطاع الخاص بوتيرة سريعة ، فقد اكد خالد سلام المستشار الاقتصادي للرئيس عرفات خلال ندوة نظمها مركز البحوث الفلسطينية بنابلس ، ان القطاع الخاص يدير اكثر من 96% من الاقتصاد الفلسطيني .

واشار سلام الى ان السلطة الفلسطينية تعهدت امام الدول المانحة في العام 96 بانهاء اي مظهر من مظاهر تدخل الدولة في الاقتصاد مع نهاية 98 .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة