لافتــــــــــــــات

محسن الافرنجي

العودة إلى صفحة الرسالة

دبي تتلألأ ... وكوسوفو تحترق!!

لامست صرخات اطفال ونساء وشيوخ كوسوفو المسلمة آذان الغرب فهب مسرعا لاستغلالها والنفاذ من خلالها الى تحقيق اهدافه السياسية بينما فشلت هذه الصرخات الدامية في اثارة عالمنا العربي والاسلامي على صعيديه الرسمي والشعبي الذي انشغل افراده ومواطنوه بالهم اليومي المتواصل.

صورتان تعبران عن حجم المأساة التي يعيشها المسلمون في عصرنا الحاضر ، فهناك في كوسوفو يذبح المسلمون ويحرقون ويهجرون وتدمر بيوتهم وتسلب اموالهم اما الصورة الاخرى فتحتضنها احدى اهم عواصم العرب حاليا "دبي" بأضوائها الساطعة ومناظرها الخلابة واغراءاتها الممتدة ولياليها الحمراء فتبدو مغايرة تماما للاولى وكأنه لا تربطنا بهؤلاء المنكوبين والمهاجرين الجدد اية علاقة او صلة.

ففي زحمة القصف الصربي الوحشي والمجازر البشعة ضد المسلمين الالبان التي ادت الى تشريد اكثر من ستمائة الف مسلم لم تتوقف ليالي الطرب والمجون في "دبي" التي يرتادها العرب ويحجون اليها من كل حدب وصوب، ولم يجتريء اي زعيم عربي على دعوة "المحتفلين" الى التوقف عن مجونهم وسياحتهم او على الاقل تجميده تضامنا مع اخواننا المنكوبين ، ولم نر مسيرة تجوب شوارع العرب ضد القصف والجرائم الصربية ، وضد السياسة الامريكية التي زادت من مصيبة المسلمين في كوسوفو ووفرت للصرب غطاء اكبر للتشريد والتهجير.

اي موقف لزعيم وحاكم عربي ومسلم يمكن ان يزهو به الانسان في جريمة نهاية القرن العشرين ، حتى ردودهم على الاحداث المؤلمة جاءت على استحياء "وليست للنشر" لئلا تسيء الى العلاقات مع روسيا حليفة يوغوسلافيا القوية.. هل اقدم نظام عربي على اتخاذ موقف سياسي حازم تجاه مأساة المسلمين في كوسوفو اقلها اغلاق سفارات يوغوسلافيا ومسانديها وعملائها في وطننا ومقاطعتها اقتصاديا وماذا قدمت حتى الآن الانظمة المهترئة من اشكال المساعدات المادية والنفسية للمهاجرين والمشردين الذين يفترشون الصحراء بقساوتها ويلتحفون السماء بمطرها ويواجهون موتاً كل لحظة بعدما فقدوا كل اسباب الحياة الكريمة .

امراء النفط يطعمون الجنود الامريكان ومجنداتهم ويوفرون كل سبل الراحة لهم لاعانتهم على ضرب اشقاء لنا في العراق ، ولجاننا العربية والاسلامية وانظمتنا لازالت تعد اجتماعات لتدارس الموقف فيما يتعلق بمساعدة مسلمي كوسوفو .. هم يتضورون جوعاً ويحترقون بنار الحقد الصربي ونحن نحتفل ونجاهر بمعاصينا ... اليست هذه جريمة تستدعي معاقبة القائمين عليها ؟! ولماذا هذا التخاذل والاذعان ؟!
انها حرب حقيقية تدور رحاها بين اقطاب عالمية عبر جثث المسلمين واجسادهم الطاهرة في كوسوفو لعبور امريكا الى القارة الاوروبية من اجل التغلغل فيها والبحث عن موطئ قدم يضفي شرعية على تدخلها العسكري هناك ... انها ليست حرباً بريئة ولا تسعى الى اعادة الحقوق لاصحابها بدليل ان الصرب وفي غمرة الهجمات الاطلسية عليه حقق ما عجز عن تحقيقه قبلها من اجل الحفاظ على معادلة التوازنات الاستراتيجية في العالم وامتداداً لحروب سابقة وصراعات باردة وساخنة بين امريكا وروسيا والا فلماذا انفجر البركان الاطلسي الامريكي ضد صربيا وسكت عن جرائم اسرائيل المحتلة ..
ان اكثر ما يؤلمنا في هذه الحرب المجرمة ان هؤلاء المسلمين يدفعون ضريبة التدخل الامريكي والارهاب الصربي والانتهاز الروسي والصمت العربي والاسلامي المخجل .

افيقوا ايها العرب والمسلمون من غيكم وصراعاتكم وانزعوا من صدوركم الوهن ولا تكونوا "كغثاء السيل" والا فإن الدور قادم عليكم جميعاً طالما هنتم على انفسكم وتخليتم عن عقيدتكم وتمسكتم بشرعية زائفة اضاعت دياركم وفرقت بين دولكم وجعلتكم امماً واحزاباً وشيعاً وتركتكم تواجهون مصيركم الذي تسببت فيه ثم جاء دورها لتضفي على ما تم انجازه واحتلاله واغتصابه "شرعية" تحترمونها ..

ويبقى السؤال حائراً : متى وكيف يمكن ان تعاد للمسلمين هيبتهم في العالم ؟

امريكا تطلق الكلب علينا

وبها من كلبها نستنجد!

امريكا تطلق النار لتنجينا من الكلب

فينجو كلبها ... لكننا نستشهدا

امريكا تبعد الكلب ... ولكن بدلاً منه علينا تقعد!

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة