محكمة العدل العليا تصدر قراراتها ... والأجهزة الأمنية ترفض التنفيذ

 

العودة إلى صفحة الرسالة

*رئيس المحكمة : مهمتنا اصدار القرارات فقط

*عدم تنفيذ القرارات "جريمة" يعاقب عليها بحسب القانون

تقرير / وسام عفيفة

لا زالت التعديات على سيادة القانون وحقوق الانسان مستمرة من قبل بعض الاجهزة الامنية رغم بعض البوادر الايجابية (القليلة) المتمثلة في الاستجابة لبعض قرارات محكمة العدل العليا القاضية بالافراج عن المواطنين الذين تحتجزهم السلطة الفلسطينية بصورة غير قانونية.

وكان اخر القضايا التي حكمت فيها محكمة العدل العليا بالافراج عن المواطن وائل علي فرج بتاريخ 20/2/99 والافراج عن المواطن خالد عبد الكريم وهبة بتاريخ 23/3/99 الا انه لم يتم الاستجابة لقرارات المحكمة بهذا الشأن ، ومنظمات حقوق الانسان تتابع من جانبها هذا التعدي السافر على القانون لما يشكله من سابقة تعتبر الاهم في تاريخ القضاء الفلسطيني فيما يتعلق بالاعتقال السياسي واعتباره اعتقالا غير مشروع.

**تجاهل لقرارات العليا

وعدم الاستجابة لقرارات محكمة العدل العليا ليس حديثا وبحسب الهيئة المستقلة لحقوق المواطن فإن العديد من القضايا رفعت اليها للتظلم من تعسف السلطة التنفيذية وتعدياتها على الحقوق والحريات العامة والفردية للمواطنين وتجاوزها للقوانين ، وقد اصدرت هذه المحاكم احكاما تؤكد بصورة عامة قدرتها على توفير الحماية القضائية لتلك الحقوق ، ولكن العقبة الحقيقية التي ظلت تعطل وتنتقص من الحماية القضائية التي توفرها المحاكم العليا الفلسطينية هي مواصلة السلطة التنفيذية اتباع سياسة التنفيذ الانتقائي لقرارات المحاكم العليا ، خاصة المتعلقة بالاعتقال السياسي والتي لم تنفذ معظمها.

وقد عرض التقرير السنوي للهيئة المستقلة لبعض قرارات محكمة العدل العليا التي لم يتم تنفيذها وهي على النحو التالي :ـ

-اصدرت المحكمة العليا في غزة بصفتها محكمة عدل عليا قراراً بتاريخ 4/6/1998 يقضي بالافراج الفوري عن د. عبد العزيز الرنتيسي المحتجز من قبل الشرطة المدنية منذ 9/4/1998 واعتبرت المحكمة توقيفه غير مشروع وغير قائم على تهمة نص عليها القانون ، ولكن الشرطة لا تزال تحتجز المواطن الرنتيسي لغاية الان خلافا لقرار المحكمة المشار اليها.

وكان مدير الشرطة الفلسطينية اللواء غازي الجبالي قد صرح ان اعتقال د. الرنتيسي جاء بموجب اجراءات ادارية وليست قضائية وانه بالتالي لم يطلق سراحه بناء على قرار المحكمة العليا بالافراج عنه.

- اصدرت المحكمة العليا في غزة بتاريخ 20/8/1998 قرارا برفض طلب المواطن الموقوف د. ابراهيم المقادمة بإلزام الشرطة المدنية بيان اسباب احتجازه وإلزامها بالافراج عنه، وقررت عدم اختصاصها في الاستدعاء معتبرة ان محكمة امن الدولة الجزئية هي صاحبة الاختصاص وبقي د. المقادمة محتجزا حتى الان.

- اصدرت محكمة الاستئناف في رام الله بصفتها محكمة عدل عليا قرار بتاريخ 19/9/1998 يقضي بالافراج عن المواطن مروان جمعة الموقوف من قبل جهاز الامن الوقائي بتاريخ 2/4/1998 ، معتبرة ان توقيفه غير مشروع ، الا ان جهاز الامن الوقائي لا يزال يحتجز المواطن جمعة.

- اصدرت محكمة الاستئناف برام الله قرارا بتاريخ 6/10/1998 يقضي بالافراج عن المواطن غسان عبد السلام العداسي الموقوف لدى جهاز الامن الوقائي بتاريخ 1/4/1998 معتبرة ان توقيفه غير مشروع ولكنه بقي محتجزا حتى الان ويشار هنا الى ان عدم تنفيذ قرارات المحاكم الفلسطينية يعتبر جريمة تعاقب عليها قوانين العقوبات في الضفة الغربية وقطاع غزة ويشكل خطرا لمبدأ الفصل بين السلطات كما يدفع المواطنين للبحث عن جهات بديلة يلتمسون لديها العدالة مثل القضاء العشائري او اللجوء الى بعض المتنفذين في السلطة التنفيذية.

يذكر ان محكمة العدل العليا برام الله كانت اصدرت قرارا بالافراج الفوري عن المواطن محمود مصلح بتاريخ 30/11/97 ولكنه بقي محتجزا منذ جرى توقيفه في 14/9/97 وحتى الان.

**تنفيذ انتقائي لقرارات المحكمة

وفي اخر قضية تابعها المركز الفلسطيني لحقوق الانسان والتي اصدرت المحكمة العليا قرارها بالافراج عن المواطن وائل فرج المعتقل لدى السلطة منذ تاريخ 25/4/96 اشار المركز انه يتابع عن كثب عشرات الملفات لمواطنين تحتجزهم السلطة الوطنية بصورة غير قانونية بينهم المواطن وائل فرج انطلاقا من اهداف المركز الرامية لتكريس وتعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة واحترام حقوق الانسان. وقال محامي المركز ابراهيم الصوراني نحن نحاول تعزيز دور القضاء وسيادة القانون ولا نتخاذل في اي ناحية تساهم في ذلك ، واضاف انه تم ارسال شكاوى للنائب العام في حالات سابقة حين لم تنفذ قرارات المحكمة ، ولكننا لم نحصل على رد.

واشار انه تم الاستجابة لقرارات المحكمة بالنسبة للمواطن مروان عيسى والمواطن حربي الدف والتي تابعها المركز في حين لم يستجب لقرار المحكمة القاضي بالافراج عن د. الرنتيسي ، والمواطن وائل فرج.

**اعتقالات غير قانونية

من جهته اشار باسم عيد مدير المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الانسان انه تم تقديم التماس لمحكمة العدل العليا بشأن المواطن خالد عبد الكريم وهبة المعتقل لدى الاستخبارات العسكرية في غزة منذ اكثر من 3 سنوات ، وقد قررت العليا الافراج عنه، وقال عيد: ولكن يبدو ان هذا القرار كباقي القرارات ، واضاف: لقد تعرض المعتقل وهبة للتعذيب الوحشي لدى الاستخبارات وقد تابعنا قضيته منذ اللحظات الاولى ، وتم توجيه نداء من منظمة العفو الدولية "امنستي" للافراج عنه وأذكر انه في شهر يناير 96 حضر السكرتير العام لأمنستي ، والذي ذكر قضية خالد خلال لقائه مع الرئيس عرفات الذي وعد بتقديم المساعدة لأهل المعتقل حيث كان قد مر على اعتقاله 7 شهور دون ان يسمح لوالدته بزيارته.

واشار عيد انه يعلم بالضبط خلفية اعتقال وهبة وانه عندما تم ارسال استيضاح للاستخبارات ردت بكتاب من العميد موسى عرفات قال فيه ان وهبة معتقل على خلفية امنية دون ان يوضح طبيعة هذه الخلفية وابدى عيد استهجانه من هذا التجاهل لقرارات المحكمة مشيرا انه يبدو ان اغلاق باب المحاكم افضل.

واوضح عيد ان المجموعة الفلسطينية كانت قد تابعت قضيته 3 مواطنين من نابلس اعتقلوا لدى السلطة ينتمون للجبهة الديمقراطية وقد تم اطلاق سراحهم استجابة لقرار المحكمة في حين انه لم يستجب لقرار الافراج عن وهبة ومواطن اخر يدعي شفيق عبد الوهاب اختفت اثاره بعد ان اعتقل على يد الاستخبارات في 21/6/97 واستغرقت جلسات المحاكم عاما كاملا وتم اصدار قرار محكمة انه لا علاقة للسلطة باختفائه رغم وجود شهود عيان من بينهم زوجة المختفي اكدت ان شخصية من الجهاز اصطحبت زوجها الى مقاطعة رام الله وكانت هي برفقته وحتى الان اثاره مختفية.

اما عن موقف المحكمة العليا والتي لا يستجاب لقراراتها فقد اشار المستشار رضوان الاغا رئيس محكمة العدل العليا ان تنفيذ قرارات المحكمة مهمة السلطة التنفيذية وان عدم الاستجابة لقرارات العليا هو موضوع يهم الدولة والجهات التنفيذية لاسباب قد تكون سياسية ، واضاف : يجب ان نسأل في هذا الشأن هيئة الرقابة في المجلس التشريعي ، ومجلس الوزراء ، والجهات التنفيذية مشيرا الى ان المحكمة تؤدي عملها القضائي والقانوني على اكمل وجه ولا تواجه ضغوطا في هذا الشأن.

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة