لافتــــــــــــــات

محسن الافرنجي

العودة إلى صفحة الرسالة

الفساد الفلسطيني

تنظيم رسمي ام غير رسمي ؟!

الفساد في كل  بقاع العالم  ينشأ  كحالة  شاذة  يؤدي  في كثير  من الاحيان  الى الاطاحة  بحكومات  وانظمة  والى  تغيير  وزارات  ووزراء  وهو  تغيير  بمثابة  تنظيم  غير رسمي  يتكون  من خلال التنظيم   الرسمي  طمعا  في تحقيق  المزيد من  الارباح  غير  المشروعة  والانجازات  الوهمية  والسرقات  ...

اما في  حالتنا الفلسطينية  فتبدو  الحالة  مغايرة  ومثيرة  للدهشة  حيث  يراد للفساد  ان يتحول  الى ظاهرة  صحية  واصل  ، وما عداه  شواذ  حتى استقر  به المقام   فاصبح  حقيقة  نواجهها  في كل  شؤوننا  وتنظيما  رسميا  له هيكليته  وادواته  واوعيته  وبنوكه   وطرقه  الالتفافية  ويديره  نخبة من   المحترفين  الضالعين  في خدمة  اوطانهم   من مختلف  الفئات  والجنسيات  والميول  وليس  من اصحاب  البلاط  فقط .

 والهجوم  البارد  المتبادل  الذي لازالت  تدور  رحاه  بين السلطة  الفلسطينية   والمؤسسات  الاهلية  غير الحكومية   كشف  عن جانب  هام  من " تنظيم  الفساد الفلسطيني "  حتى غدت  المقارنة  معه  صعبة  للمواطن  الذي  يقف  مشدوها  حائرا  لا يسمع  سوى  لغة   الملايين  ولا يشعر  الا  بمزيد من  الجوع   والحاجة  مما دعاه  للتساؤل  وسط   هذا الزحام  :  من افسد من  ؟!  ففي  الوقت الذي  لا ينكر  فيه  احد على  السلطة  ومؤسساتها  حقها  في المراقبة   والمحاسبة   لغيرها   فان   من حقنا  جميعا  على  السلطة  ان تقدم  لنا اجابات  شافية  وعملية  حول عمليات  الفساد  التي وقعت  على  العديد  من الجبهات  وتورط فيها  مسؤولون  على اعلى  المستويات  وتم  اغلاق  هذه الملفات  دون محاسبة  ، ومن حقنا   ان نطالب  السلطة  بالعمل بموجب  القانون  الذي تضعه  والا تسجل  الاختراقات  تلو الاختراقات  وان تلغي  " المزاجية  "  من قاموسها  و " المطاطية "  من بنودها   والانحيازية  في ممارساتها  ، فالسلطة  عنوان  الشعب .

لست  مدافعا  عن  المؤسسات  غير الحكومية  ولا  منتفعا  منها  ولا انكر  وجود  الفساد  في بعضها  ولكن التعميم  فيه  ظلم  فادح  وتعطيل  السلطة  للقانون  هو حجة  ضدها  لا عليها  ، وهذه  الحرب  الباردة  الدائرة  ليس  من شأنها  الا مزيدا  من  التخريب  والتدمير  واذا  كانت  السلطة  معنية  بالاصلاح  والتقويم  فلتباشر  بشن هجوم  قانوني  منظم  ومخطط  ضد  الفساد  بكافة  اشكاله   ومواقعه  ولتبدأ  من ذاتها   لتكون  قدوة  لغيرها  ولتصبح  اكثر  قدرة  على اقناع  المواطنين  وحثهم  على ضرورة  الالتزام  بالقانون  لان  مساويء  القانون  واضراره  اخف  الاف  المرات  عند تطبيقه  من ظلم   البشر ...

ان  السلطة اليوم  مطالبة  اكثر من  اي وقت مضى  بمحاربة  الفساد  في ذاتها  وفي المؤسسات  الاهلية  وفي الاحزاب  " والدكاكين"  ومحلات  بيع الشعارات  وفي " المؤسسات التطبيعية "  ذات ا لخطر الاكبر  على  شبابنا  المدعومة  من بعض  الرموز  السياسية  وفي المؤسسات  الاهلية  التي  يشرف عليها   مسؤولون  في السلطة  ويجيرونها  لحساباتهم  ولا يذكرها  احد   بخير  او بسوء  وفي حياتنا   كلها  .. فالفساد   موجود   سواء  في التنظيم  الرسمي  او غير الرسمي  او  ما بينهما   من تنظيمات  شعبية  ومواطنين  ولكن  بصورة   نسبية  والسبيل  الى محاربته  لا يتأتي  بحشد  المزيد  من الاتهامات  وفتح  الملفات  صوريا  واصدار  البيانات  والتصريحات  وانما  في الاحتكام  للقانون  دون  تمييز  او مواربة  او محاكاة . 

وليست  المؤسسات  الاهلية  معفاة من المسؤولية   حتى  يجري  تطبيق  القانون  فهي  مطالبة  بالمبادرة  باجراء  حسابات  داخلية  واعادة  تقييم  مسيرتها  والاعلان  بكل  شجاعة  وجرأة  عن المؤسسات  والاشخاص  الذين  سلبوا  شعبنا  حقوقه  خاصة  وانها  ابدت  استعدادها  لذلك  مرارا  .

فهل  ستفرج  السلطة قريبا  عن قانون  الجمعيات الاهلية  الذي  لازالت   تحتجزه  من اجل  اجراء  مزيد  من التعديلات  عليه  حتى بعد  اقراره  بالقراءة  الثالثة  من المجلس  التشريعي  ....  نتمنى  ان يعود  القانون  سريعا  ليأخذ مجراه  .

وطني  ثوب  مرقّع 

كل  جزء  فيه  مصنوع  بمصنع

وعلى الثوب  نقوش  دموية

فرقت  اشكالها  الاهواء 

لكن ..  وحّدت  ما بينها  نفس  الهوية  :

عفة  واسعة  تشقى 

و(فساد)  يتمتع  !

 

 

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة