بالمختصر المفيد

 

العودة إلى صفحة الرسالة

 

... والا كيف سننتصر على "اسرائيل "!!

الا يحق لنا ان  نعجب !! ونحن نرى براك ينجح في لمّ شتات احزاب مجتمعه في حكومة واحدة ، بكل اطيافها السياسية والاجتماعية والقومية :يمينيين ويساريين ؛ علمانيين ومتدينين ، وصهيونيين وحرديم ، مهاجرين وغير مهاجرين ، جنرالات جيش وقادة اجهزة امنية (سابقين) ، ترجمة للشعار الذي رفعه براك بأنه يريد ان يكون "رئيس وزراء لكل الشعب" . ليس هنا فحسب بل على مستوى امتداد اليهود في دول العالم ، فالمتدين في (مئة شعاريم) في القدس وحي بروكلين في نيويورك .. المهاجر في تل ابيب واليهود في اوكرانيا وغدانسك وموسكو .. المستوطن في (بيت ايل) وممولي الاستيطان في واشنطن الاصلاحيون هنا والاصلاحيون (اليهود) في الكونغرس .. كل هؤلاء سيشكلون رديفا للكيان الصهيوني ، هذا يعني ببساطة شديدة اننا امام مرحلة صراع جديدة من نوع مختلف وعلى وتيرة اشد..

العجب هنا انك حينما تقارن حكومة براك بأي حكومة عربية ستجد الفارق الضخم ، فكل الحكومات العربية ترعرت على عقلية ونمط (الحزب الواحد) الذي لا يحب ان ينافسه اي حزب آخر ، لذلك تجد ان بعض الحكومات ترفض الا ان يكون النظام ملكيا يتم توارثه  ابا عن جد .. وبعضها يحرم وجود المعارضة من اصلها ، وبعضها لا يتعامل معها الا بلغة الملاحقة والاعتقال والتصفية .. وبعضها يتهمها بالعمالة والانحياز الى  دول اجنبية !! هكذا الحكومات العربية تنظر الى احزاب المعارضة على انها "منافس لدود" في الوقت الذي ينظر اليها براك على انها "شريكة مصير" . ان  احد اهم اسباب فشل الانظمة العربية على مستوى  شعوبها وعلى مستوى مواجهتها لاسرائيل هو انها تريد ان (تحكم الشعب) ولا تريد للشعب ان يحكم ، ولهذا المعادلة محسومة : الحكومة في واد والشعب في واد آخر ، لا انسجام ولا ثقة ، فكيف يمكن ان نواجه حكومة براك (الموحدة الشاملة) بحكومة منعزلة محدودة ذات لون واحد . اليهود المتدينون يجدون لهم مكانا رحبا في الوزارات والمؤسسات ، عندنا ممنوع ان تعفي لحيتك ، وفي بعض البلاد خرجوا علينا بقوانين تمنع انشاء احزاب دينية وتفرض قيودا مشددة على المتدينين ، اذن كيف سننصر على "اسرائيل" ونحن نتعامل بهذه العقلية المتخلفة التي عفا عليها الزمن والتي لم يعد لها مكان في بوابة القرن الجديد.

هنا تكمن ازمة عميقة ، ثقيلة ، بعيدة المدى ، تحدث عنها كثيرون من الرواد والمفكرين والذين اجابونا بخلاصة شديدة على سر تخلفنا وانحطاطنا : هي اننا نفتقد الحرية والعدالة ، اللتين تكفلان للشعوب ان تحيا بكرامة وان تختار زعماءها وممثليها دون ضغط او اكراه .

اليوم امامنا ليست حكومة واحدة وانما سبع حكومات متلاحمة (من المفدال حتى ميرتس) كلها تصارعنا على حقوقنا وحياتنا ومصيرنا ، فهل ستنجح السلطة في ان تقنع الفصائل الفلسطينية بأنه بالامكان تشكيل حكومة وطنية عميقة الجذور واسعة الاستيعاب  ، تقوم على الثوابت الوطنية والحقوق الشرعية ، سؤال يحتاج الى اجابة ،  وان كان هاجس عقلية التسلط والابوة والشمولية ... الخ من الفاظ الفلاسفة تمر امام عيني حينما احاول  ان اتخيل ان هناك اجابة .. لعل وعسى ان تحدث معجزة في هذا  الزمن الغريب .

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة