اوجلان .. ماذا بعد حكم الاعدام؟؟

 

العودة إلى صفحة الرسالة

الرسالة / جواد ابو شمالة

كما كان متوقعا فقد كسر القاضي التركي قلم الرصاص -كما تقضي التقاليد التركية- بعد ان اصدر حكمه بالاعدام على الثائر الكردي عبد الله اوجلان اول من امس في اجواء عارمة من الفرح عمت الاتراك عموما واليمين القومي على وجه الخصوص ، فيما ساد جو من التوتر شرق تركيا ذا الاغلبية الكردية ومشاعر الغضب التي اجتاحت الجاليات الكردية في اوروبا في مشاهد قد تساعدنا على فهم طبيعة مستقبل القضية الكردية بالغ الغموض والتعقيد.

وعلى الرغم من اصدار الحكم بالاعدام بحق اوجلان الا انه من المرجح عدم تنفيذ هذا الحكم ليس فقط لكون تركيا لم تنفذ مثل هذا الحكم منذ العام 1984 ، ولكنها تخشى من العديد من العواقب التي قد تنجم عن التنفيذ واهم هذه العواقب الحملات الانتقامية التي قد يقوم بها الاكراد في جميع انحاء العالم واوروبا على وجه الخصوص ضد المصالح التركية ، اضافة الى التصعيد العسكري الذي قد يشنه حزب العمال الكردستاني ضد الجيش التركي.

كما ان تنفيذ الحكم سيقلل الى حد كبير فرص دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي الذي تنتظره منذ اكثر من ثلاثين عاما وفور الاعلان عن الحكم ناشدت الدول الاوروبية تركيا عدم تنفيد الاعدام وهددتها في حال فعل ذلك بتعليق الجهود لضمها الى مجلس الاتحاد الاوروبي ، كما ان من المتوقع ان ترفض المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان هذا الحكم وتطلب من تركيا عدم تنفيذه عندما يعرض المحامون القضية عليها كما هو منتظر ، ويأتي هذا الموقف الاوروبي بعد الصورة السيئة التي لحقت بها عقب اختطاف اوجلان ، حيث ساهمت بشكل غير مباشر في المصير الذي حل به وذلك عندما اكرهته على الخروج من اوروبا وهو اسلوب عادة ما تستخدمه الديمقراطيات الغربية لاخفاء نواياها التآمرية على الشعوب الضعيفة ، كما ان اعدام اوجلان سيغلق الباب امام الولايات المتحدة الامريكية في تنفيذ مخططاتها في العراق والورقة الكردية تعتبر من اهم الاوراق التي يمكن للولايات المتحدة استخدامها في تحقيق هذه المخططات وبالتعاون مع تركيا نفسها.

يبقى التساؤل الابرز في هذه المسألة ، كيف ستتأثر القضية التركية بعد هذا القرار الاخير؟ وهل يمكن بدء حوار بين تركيا وحزب العمال الكردستاني كما طرح اوجلان في المحكمة؟

ان المراقب للوضع الشعبي داخل تركيا اثناء محاكمات اوجلان والفرح الشديد الذي ساد البلاد بعد صدور الحكم بالاعدام اضافة الى التركيبة القومية للحكومة والبرلمان التركي ، كل هذه المعطيات تدل على عدم امكانية تليين الموقف تجاه الاكراد وزعيمهم وان عدم اقدام تركيا على  تنفيذ الاعدام حسب تحليلنا يرجع الى حسابات سياسية  مرتبطة باوروبا والامن التركي وليس بمستقبل الاكراد في تركيا.

واذا اردنا الحديث عن مستقبل القضية التركية عموما فإن هذا الامر غير مرتبط بتركيا ومصالحها  فقط لان الاكراد يعيشون على اراضي اربع دول لكل منها ظروفها الخاصة بها وهنا تبرز اهمية الموقف الامريكي وسياساته في هذه المنطقة الحساسة.

فالولايات المتحدة تتعامل مع القضية التركية بواقعية شديدة ، بمعنى استخدام الورقة التركية في كل بلد بشكل وظيفي لضمان تحقيق المصالح الامريكية على قاعدة "فرق تسد" التي بدأت تطبقها اوروبا تجاه الاكراد انسجاما مع الفكر الامريكي وربما يكون تطبيق استراتيجيته القادمة للولايات المتحدة في المنطقة على ارض العراق كونه البلد الاكثر تهيؤا للان لتنفيذ هذه الاستراتيجيات والاكراد يعيشون على مساحة واسعة في جنوب العراق ويمكنهم الحصول -بمساعدة امريكا- على حكم ذاتي او دولة على حساب العراق ووحدة اراضيه ، وهو الامر الذي لا يمكن فعله في تركيا بل يمكن حل المشكلة الكردية في تركيا عن طريق ترحيل هؤلاء الاكراد الى الدولة الكردية المقامة على ارض العراق "المقسم" ، اما الاكراد في ايران وسوريا فسوف تستخدمهم امريكا في الوقت المناسب لمواجهة التصلب الايراني واضعاف الموقف التفاوضي السوري كما حدث في اعقاب التوتر بين سوريا وتركيا على خلفية دعم سوريا للاكراد.

وفي النهاية يمكننا القول ان مصير القضية الكردية يظل مرتبطا بالتوازنات الدولية والاقليمية والمصالح الامريكية والاوروبية في المنطقة ، اكثر من ارتباطها بالامال والطموحات الكردية.

 

آخر تعديل بتاريخ 28/03/00

العودة إلى صفحة الرسالة

 

 

 

تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل