|
رسالة الرسالة (67) الى الجامعة الاسلامية مرة
اخرى عزيزتي
.. السلام عليك ورحمة الله وبركاته، عزيزتي
هأنا اكمل رسالتي اليك، واسمحي لي ان اسأل ،
هل هناك من بيت خلا من خلاف حتى وان كان لاسرة (نووية)
فضلا عن (ممتدة) ، يذكر كاتبنا بفترة هي -بلا شك
- من اشنع الفترات التي مرت بشعبنا في العقدين
المنصرمين ، اذ تألم كثيرا، وحزن كثيرا ،
واختلف ابناؤه كثيرا، فتعاركوا عراكا سالت به
الدماء ، واوشكت ان تزهق ارواح (لا روح) ، ولكن
العقلاء من شعبنا -وهم والحمد لله كثر- كان
يسارعون لوأد الفتنة قبيل ان تبلغ سن الحبو،
ولجم السنة السوء التي دأبت منذ فجر التاريخ
ان تؤجج نيران (الثأر) كلما أطفأها المخلصون،
لم يخل تاريخ امة قط من صراع بين ابنائها حتى
في ازهى عصور المسلمين ، واكثرها اشراقا ،
وعفة ، وتقوى ، والرسول بين ظهراني المسلمين،
وكتب السيرة زاخرة بما فعل شاس بن قيس ، وابن
سلول ، وكعب بن الاشرف، وفي زمن موسى نقرا
عمّا فعل السامري ،
وفي زمن عيسى ماذا فعل يهوذا الاسخريوطي ،
ليقرأ كاتبنا عمّا جرى للاحزاب العربية ،
ولعله ملم بالخلاف بين القيادة القطرية ،
والقيادة القومية لحزب البعث الذي يحكم
عاصمتين ، لعله قرأ عن ثورات التصحيح في الوطن
العربي طولا ، وعرضا، وارتفاعا، ، ومن قبلها
الخلاف بين البولشفيك والمونشفيك ، لعله قرأ
الخلاف المستحكم بين المحافظين والليبراليين
، ثورة الجزائر ، وجنوب افريقيا ، وايران ..
لعله قرأ عن البكباشي يوسف صديق ، والبكباشي
عبد المنعم عبد الرؤوف اشهر اصدقاء عبد
الناصر ، والمع الضباط الاحرار، وكان الاول
في اقصى اليسار ، والثاني في اقصى اليمين،
ولعل كاتبنا قد سمع تلاميذ المدارس وهم
يرددون (الثورة تأكل ابناءها) ، ولعله قرأ عن
الفصائل الفلسطينية والمجلس الوطني
الفلسطيني والوان الخلاف الذي لعب فيه (الرأي)
، و (الجغرافيا) ، ادوار البطولة ، ولعله لا
يخالفني اذا قلت اننا نغلق اذهاننا وعقولنا
اذا اوقفناها عند كلمة (الغدر) ، والعاقل - كما
قيل- هو من اتعظ بغيره، واستخلص العبر التي
تدفعنا نحونا لنقترب منا ، لا لنتباعد ،
ونتوحد لا لنتفرق ، ولنعمل بالمشترك ، وهو
كثير ، ولا نبحث عن اسباب الخلاف ودواعيه ،
وقديما قالها سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم : (ليس منا من دعا الى عصبية) ، وقال (دعوها
فإنها منتنة). واما
ان نقيم الملاطم على (ميت) ، ونشق عليه الجيوب
، ونخمش الخدود، وقد مضى على موته اعوام ،
واعوام ، فهذا مما لا يستقيم لنا به طريق ، ولا
نصل في نهايته الى هدف واحد ، وكلنا حري ان
يعمل لهما، ولعل الحكمة العظيمة من حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، (لا عزاء بعد ثلاث)
ظاهرة جلية. لعل
كاتبنا قرأ سورة الحجرات ، ولعله قرأ فيها (وان
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)
، ولعله قرأ فيها (وان طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما) ، ولعله لفت نظره ان
الحديث عن اقتتال قد يقع ، واذا وقع فلا ينفي
ذلك صفة الايمان عن المتقاتلين ، فلا يوصفون
بالعمالة، ولا الفرز الاقليمي ، او الجهوي ،
او الطائفي ، وارجو ان يكون واضحا انني لا
ادافع عن ثمار تلك الفترة ، فهي فجة مرة ، ولا
اسّوق للخلاف ، فقد نبذه الله تعالى بقوله "ولا
تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما
جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم) ، كما
حذر منه المولى سبحانه (ولا تنازعوا فتفشلوا
وتذهب ريحكم) ، والحق انني ادرك ان الجامعة
الاسلامية التي الزمت نفسها باسمها سعت دوما
لتمتين عرى المودة بين الاهل، ونبذ الخلاف
واسباب الخصام ، ولكن ابناءها الذين هم من
ابناء هذا الشعب، هم -ايضا - من سلالة ادم الذي
انجب الاخوين (قابيل وهابيل) ، لم تكن الجامعة
جاحدة ، ولا حقودة ، لم تكن كزّة ولا لكاعا، لا
والله بل كانت ثرة بخيرها ، غزيرة بعطائها ،
تؤثر على نفسها ولو كان بها خصاصة ، اسلامية
الملامح ، عربية التقاسيم ، فلسطينية السمة،
اصولها وجذورها ضاربة في عمق عمق حضارتنا ،
وحقنا ، لعل كاتنبا لم يقصد ان يجيش الجيوش
ضدك سيدتي، ولعله اراد خيرا ، ولكن القلم قد
ذهب به بعيدا وقال شططا عندما تعرض في نهاية
حديث لك، فقال "لكن ما نحن بصدده الان هو
فتح هذا الملف على الرأي العام للنقاش ،
وابداء الرأي والرأي الاخر حوله.. ذلك ان
يتعرض المئات من الطلبة الفلسطينيين للقهر ،
والقمع المزدوج من سلطة الاحتلال الطاغية
وادارة الجامعة ، فهذا امر يمكن فهمه في تلك
الفترة السابقة..) ، ولم يقل لنا كيف ، وان ذهب
بنا الظن مذهبا بعيدا ، ولكن علينا ان نتخلى
بالصبر، ونتجمل بالحكمة ، فحسن الظن عظمة
عصمة ، وسوء الظن ورطة ، فنقول : لعل كاتبنا
اراد بقلبه ما لم يكتبه قلمه ، ولكن عندما يصل
الى القول (اما الان ، وفي ظل وجود سلطة وطنية
منتخبة ، ومجلس تشريعي منتخب يتحدث اعضائه
"هكذا ، والصحيح : اعضاؤه" في كل شئ
منتقدين فساد السلطة وبطشها ، ومتغاضبين بقصد
مريب عن بطش تلك "السلطة المتأسلمة" في
الجامعة الاسلامية ضد كل ما هو غير حمساوي من
الطلبة ، والاساتذة ، والاداريين ، فذلك لم
يعد مقبولا، ولم يعد الصمت ممكنا ..). ياه
.. بودي ان اعرف لماذا هذا القصد المريب ؟ وممن
امن اعضاء المجلس التشريعي الذي لم يعلن احد
منهم انه ينتمي لحركة حماس ابدا؟ والا
فالدعوة قائمة ، الصمت المريب النابع من
التواطؤ ، والتستر ، والفئوية، والجهرية ،
والاقليمية، والطائفية .. الخ هذه المفردات
التي سال بها قلم كاتبنا ، والتي تفتك بنا منذ
زمن ، وتجعل منا اعداء لنا. وعن أي بطش تتحدث
يا صاح؟ كم كان بودي ان تكون قد استحضرت من
الذاكرة ، او من الصحافة الدور الذي تؤديه
الجامعة لهذ الوطن ، ارجع للكتاب الذي يتحدث
عن احتفال تخريج الفوج السادس عشر سنة 1997م (فوج
القدس ) في الجامعة ، واقرأ كلمة الاستاذ /
الطيب عبد الرحيم (امين عام الرئاسة) في ذلك
الاحتفال ، اقسم انه سيثلج صدرك ان كنت منصفا
، ويكفي ان اقول : ان الطالب يقبل في الجامعة
حسب معدله في الثانوية العامة دون استثناء
لاحد عن احد ، ولا ميزة لاحد عن احد ، الا بها
فلا تنظر الجامعة لاسم ابيه، او موقعه ، او
ثرائه من فقره ، وما اذا كان من اولي القربى ،
او الاباعد .. فالكل سواء ، المحسن يلقى احسانا
، واما المسيئ فيطبق عليه (النظام
الاكاديمي) الذي يتسلمه الطالب من اول يوم تطأ
قدمه ارض الجامعة ، ولا تنسى الجامعة الفضل
بين الناس ، وان الصلح خير ، وارجع الى نظام
المنح والقروض فيها. وارجو
ان يتأكد : لقد رفع طلابها رأس الوطن في عواصم
العرب، وبين شباب العرب فرسان في مختلف فنون
المعرفة ، واللياقة ، والخلق الحميد، واؤكد
على ان الجامعة ليست دارا للملائكة ، ولكن
حسبها فضلا ان تحصى اخطاؤنا ، يا كاتبنا ..
ماذا تريد بحديثك عن بطش السلطة المتأسلمة ،
والا فماذا بعد؟ اهكذا تكون دعوة الاصلاح
ايها الكاتب الغيور؟! ثم
تختم بأظلم ما كتبت فتنعت الجامعة بالسجن
الرهيب..!! لقد بالغت ، وخرجت عن الحياد ،
والنزاهة ، والتجرد، ان هذا السجن الرهيب يضم
اكثر من تسعة الاف طالب وطالبة ، دخلوه برغبة
محضة ، وباختيار حر نزيه ، عن طواعية ، لا
اكراه فيه ، ولا شبهة اكراه، يدخلون كلياتها
الثمانية، وفي ربوع وطننا امثال معظمها ، لم
يساقوا اليها بالسلاسل ، لا والله ، وكذا
العاملون ، والجميع يشهد باستقرارها الاداري
، ونقاء يدها ، وارجع ان شئت الى تقرير هيئة
الرقابة ، وكفاءتها الاكاديمية ، ليس هناك
سجن ، ولا يحزنون ، ابواب الجامعة مفتحة، ولا
تضع في معاصم زائريها كلبشات ابدا ، هي ابنة
هذا الوطن ، وهي من لحمته وسداته ، وهي من
نسيجه ومضائه ، اعرافها ، تقاليدها من اعرافه
وتقاليده ، دينها هو دينه ، وبابها مفتوح ايضا
لابناء هذا الوطن -في المقام الاول- من غير
المسلمين ، وتمد يديها مرحبة بك اذا عزمت ان
تزورها بوجهها الطلق باسم المحيا رغم تعيرك
له بالتراب. ارجو
ان تراجع حكاية المثل الذي ختمت به مقالتك (اسف..
تحريشاتك) ، فمن يعلق الجرس؟ فإن لهذا المثل
حكاية، فهل تعرفها؟ ابحث عنها ، ولك مني امنية
بالرجوع الى الحق ، وللجامعة الف امنية
بالسلامة. واختم
رسالتي اليك بأن اتوجه لكل الشرفاء ،
والعقلاء ان يتوجهوا بنداء ، او بغيره الى كل
كاتب، او حامل فلم الا يكتب فيما يؤدي الى
فتنة ، او اقتتال، كفانا ما نحن فيه ، ولتتوحد
الاقلام والجهود نحو بناء البيت الفلسطيني
الواحد على اساس من الاخوة في الدم والعقيدة
والوطن، ولنتذكر ان قدم الانتفاضة قد داست ما
بين ابناء شعبنا من ثارات ، وللعمل على تحقيق
سيادة القانون، وتحقيق العدالة ، وهما اقصر
طريق نحو النصر. والسلام
عليكم جامعتنا ورحمة الله وبركاته ، وعلى كل
الشرفاء كذلك. آخر تعديل بتاريخ 28/03/00 |
|
تصميم وإشرافسامي يوسف نوفل |