مقارنة تهجير الفلسطينيين ولاجئي كوسوفا تشغل الإسرائيليين
يستخلصون العبر ويرفضون تشبيههم بالصرب
مقارنة تهجير الفلسطينيين ولاجئي كوسوفا تشغل الاسرائيليين
القدس المحتلة - قدس برس
يرفض كتّاب ومحللون اسرائيليون مقارنة اليهود الصهاينة بالصرب ، أو تشبيه ما يحدث في إقليم كوسوفا بحق الألبان المسلمين بما حدث للفلسطينيين من طرد جماعي عام 1948 ، وينفي المعلق السياسي دان برغريت في صحيفة /هآرتس/ وجه الشبه بين طرد الالبان من كوسوفا وطرد الفلسطينيين قبل 51 عاما ، بحجة ان اول رئيس وزراء اسرائيلي ديفيد بن غوريون دعا الفلسطينيين الى البقاء في الدولة العبرية آنذاك ، ولكن الدول العربية حثتهم على الخروج.
ولا يتطرق الكاتب لعمليات الطرد التي جرت خلال حرب 1948 ذاتها ، كما لا يعرض للحقائق التي أوردها المؤرخون الاسرائيليون حول منع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة الفلسطينيين الذين هربوا من ويلات الحرب والمذابح الصهيونية من العودة الى ديارهم.
وقال انه في حال كانت العلاقة بين شعبين يعيشان على ارض واحدة كالعلاقة بين الذئب والغنم ، يكون التدخل الخارجي غير مجد ، وها هو ذا قصف حلف شمال الاطلسي "ناتو" للصرب لم يمنع الأخيرين من طرد الالبان من كوسوفا ، وفي حال تشديد القصف فقد يشدد الصرب من حملة طرد الالبان ، كما يقول.
واضاف ان الامريكيين يواجهون معارضة داخلية واسعة اذا شنوا هجوما بريا على الصرب ، واختتم مقاله بالقول انه اذا سكن الذئب والكبش معا "فمن الافضل لاسرائيل ان تلعب دور الذئب" ، في اشارة غير مباشرة الى العلاقة الاسرائيلية الفلسطينية.
غير ان أوري افنيري الكاتب السياسي المنتمي الى حركة السلام في اسرائيل يعترف صراحة بالشبه بين الخروج الفلسطيني والخروج الألباني من كوسوفا ، وورد في مقالة له في صحيفة /معاريف/ اليوم قوله "لا داعي للتلون ، لقد عملنا نحن الاسرائيليين نفس العمل عام 1948 ، عندما طردنا 700 ألف عربي ومسحنا قراهم من على وجه الارض".
واضاف انه اذا جاز لحلف الاطلسي قصف الصرب لوقف حملة التطهير العرقي الذي يجري في كوسوفا ، فمن يضمن للاسرائيليين ان لا يقصفهم الحلف لوقف الاستيطان الاسرائيلي. وكان وزير الخارجية الاسرائيلي اريئيل شارون قد ضرب في سياق تعليقه على القصف الاطلسي للصرب مثالا عن حالة عرب الجليل ، محذرا من خطر تأييد قصف صربيا لانه اذا طالب عرب الجليل بانشاء كيان منفصل عن اسرائيل ، فبالرغم من ان اسرائيل لن تقتلهم في هذه الحالة حسب رأيه ، ولكن ما هو معيار الجريمة لدى حلف الاطلسي الذي بموجبه يجيز لنفسه مهاجمة دولة ذات سيادة تدافع عن سلامتها ؟.
وفي مقال كتبه عاموس كينان في /يديعوت احرونوت/ جاء ان الشعب الفلسطيني تحول في معظمه عام 1948 ، الى شعب لاجئ ، ومُسحت مئات القرى الفلسطينية من على وجه الارض ، وحلت محلها مئات المستوطنات اليهودية ، من دان في اقصى الشمال الى ايلات في اقصى الجنوب ، وضرب الكاتب امثلة كثيرة مشابهة في بطن التاريخ ، ولكنه قال ان الانسانية في نهاية القرن العشرين تحلت بمشاعر لم تكن لديها في غابر الزمان ، ولم يعد بالامكان احتمال رؤية مسح شعب طرد من وطنه.
وعن النزاع اياه ، كتب بيبي شيلغ مقالا بعنوان "انتهاء عقدة الترحيل" في صحيفة /معاريف/ ، حيث يقول شيلغ انه يصعب الافتراض ان ينجح الصرب حتى النهاية في تطهير كوسوفا من السكان الالبان ، واذا كانت "دولة اسرائيل" قد بُنيت على اساس "تأنيب الضمير الجماعي للعالم الحر" (الغربي) الذي لم يحرك ساكنا لصالح اليهود حين قتلهم النازيون وتم نقلهم في عربات القطارات الى مثواهم الاخير ، فان العالم الحر نفسه لن يسمح لنفسه بنقل شعب آخر في قطارت الترحيل.
ويدعو الكاتب الاسرائيليين الى البحث عن حلول لمسألة مصير الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة أقل بساطة من الحلول التي اتبعها حكام الصرب مع الالبان او من حل الترحيل الذي يطرحه زعيم حركة مولدت وعضو الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي رحبعام زئيفي. ويضيف ان على اليهود الذين كانوا اكبر ضحية للتطهير العرقي ان يتمعنوا اكثر من الوقوع في مآسي اللاجئين الالبان والوجه الفظيع الغاشم للدولة الصربية ، فلطالما عانى اليهود من وصمة الضعف ، ولا يجوز لهم ان يفكروا حاليا في حل اي ازمة قومية او حضارية بالقوة ، على حد قوله ، ويتابع ان وصمة القوة ليست مفخرة والصرب أفضل مثال على ذلك.
وحسب رأي شيلغ فان العادة جرت على حل مسألة تعايش ثقافات قومية مختلفة على ارض ضيقة واحدة بواسطة القوة ، والبديل هو دولة كل مواطني الارض ، بناء على افتراض امكانية انصهار كل العناصر العرقية في بوتقة شعب واحد ، واعتبر الولايات المتحدة نموذجا ، وان كان يصعب تطبيق النمودج الامريكي على بلدان تكون القومية العرقية فيها جزءا اساسيا من شخصية السكان ، ولكنه يدعو في هذه الحالة الى ان لا يستغل العرق القومي الأقوى من هم اضعف ، واشار الى ان التوراة تذكر اليهود بالوقت الذي كانوا فيه عبيدا في مصر ، وتدعوهم الى عدم استعباد غيرهم ، كما جاء في المقال.
آخر تعديل بتاريخ 28/03/00